كلنا شركاء- ديانا الجيزاوي (20 عاماً) لاجئة من اللاجئات السوريات اللواتي تآلفن مع بيئتهن الجديدة في الولايات المتحدة بإعداد طبخات تقليدية سورية وتقاسمها مع نظيراتها في الولايات المتحدة وكندا. ومن خلال “نادي العشاء السوري” الذي أُنشئ لمساعدة اللاجئين تكسب هؤلاء اللاجئات رزقهن باقامة عشاءات بوفيه مفتوحة من أجل قضية محددة هي الوقوف ضد الاسلاموفوبيا وكراهية الأجانب التي تقول اللاجئات انها تصاعدت مع انتخاب دونالد ترامب.
وقالت الجيزاوي التي تعيش الآن في نيو جرسي مع زوجها انها تخاف ان تخرج من البيت “بسبب الاجواء السياسية الحالية وترامب ، وأخشى من ترحيلنا وإعادتنا الى ساحة حرب”. واضافت “ان الولايات المتحدة بلد جميل ولكننا عانينا كثيراً هنا”.
وأسفرت الحرب في سوريا عن تهجير نحو 11 مليون سوري وارسال أكثر من 10 آلاف لاجئ الى الولايات المتحدة و40 الفاً الى كندا.
خلال عشاء البوفيه المفتوح أغدق الضيوف مديحهم على الطاهية الجيزاوي واعربوا عن اعجابهم بمهاراتها وهي ما زالت شابة في العشرين. وبخلاف الأطعمة الاميركية فان المطبخ السوري يتسم بتنوع صحونه وتعددها. وقالت الجيزاوي ان الأكثر من 20 طبخة التي قُدمت في العشاء هي لا شيء مقارنة بما يزخر به المطبخ السوري.
وأكدت الجيزاوي ان هدفها النهائي هو الطهي لعائلتها والعناية بمنزلها حين تشعر بالامان والاستقرار في الولايات المتحدة.
الى جانب مخاطر الاسلاموفوبيا واجهت الجيزاوي تحديات اخرى في الولايات المتحدة جعلت حياتها صعبة. فالمسكن صغير وفي حالة سيئة والايجار مرتفع والمعونات التي تتلقاها مع زوجها ليست كافية. وما تكسبه من عشاءات البوفيه يساعد في تدبير المعيشة فيما يبحث زوجها عن عمل.
مساعدة اللاجئين
يشتري ضيوف العشاء تذاكر سعرها 50 دولارا لحضور المأدبة ويذهب ريع العشاء الى اللاجئات السوريات لشراء البقاليات المطلوبة مع الاحتفاظ بما يتبقى في اطار جهود نادي العشاء السوري لجمع التبرعات ومساعدة اللاجئين.
يهدف نادي العشاء السوري الذي أُنشئ بمبادرة من كايت ماكافري وملينا ماكول الى توفير فرص للاجئين ومكافحة السياسات التي ارتبطت بعهد ترامب. وأقامت اللاجئات ، اللواتي شاركن في النادي من خلال معبد يهودي ، نحو 30 عشاء حتى الآن. وتولت نحو 30 لاجئة إعداد الطبخات فيما يتطوع ضيوف مختلفون لاستضافة الفعالية.
ولكن ترامب يبقى هاجس كل ضيف وكل لاجئ منذ ان قرر قاض فيدرالي نقض اوامر الرئيس التنفيذية بمنع دخول اللاجئين السوريين حتى إشعار آخر. وبهدف التواصل مع اللاجئين عمل اميركيون وكنديون على فتح مطاعم واطلاق خدمات مطعمية في البلدين وتشغيل لاجئات لتبادل الطبخات التي تعلمنها من تقاليد النقل شفاهاً للحفاظ عليها من الضياع في المنافي. ففي مدينة تورونتو الكندية فُتح مطبخ “نيوكمر كيتشن” الذي يدعو لاجئات سوريات الى طهي وجبات اسبوعياً لبيعها على الانترنت مقابل 20 دولارا. وتتقاسم الطاهيات مردود ما يباع. وتتغير الوجبات من اسبوع الى آخر ولكنها عادة تضم التبولة والحمص والخضروات وتضم دائماً الحلويات السورية.
وقالت كارا بنجامين بايس التي شاركت في اطلاق مشروع المطبخ “نحن نريد الاحتفاء بمعرفتهن واحداً من أقدم المطابخ في العالم وهدفنا ليس تدريب هؤلاء النساء ليكن عاملات على خط الانتاج في الصناعة الغذائية بل ان نحتفي بهن كنساء في المجتمع”.
وأكدت ثلاث نساء يطهين وجبات للمطعم كل اسبوع لمجلة تايم انهن كن مكتئبات قبل الانخراط في المشروع وهن يشعرن الآن بسعادة أكبر نتيجة الانتماء الى مجموعة متلاحمة. وقالت الطاهية امينة الشعار انها ترددت في البداية لأنها لم تعش خبرات كهذه سابقاً. واضافت انها كربة بيت يمكن ان ينهكها طهي الغذاء لعائلتها ولكنها شعرت بطاقة متجددة في مطبخ “نيوكمر كيتشن”.
الفعاليات الإجتماعية
وقالت الطاهية خديجة الابراهيم ان عائلتها ارتاعت حين ابدت رغبتها في العمل بعد ان اصبحت تعيش في كندا. ولكنهم اقتنعوا حين رأوا سعادتها بالعمل. وأوضحت الابراهيم ان مشاركتها في هذا المشروع الاجتماعي اتاح لها التعرف على الفعاليات الاجتماعية التي يقيمها المطبخ.
واوضحت الطاهية الثالثة غادة نعيمات انها تأتي الى المطبخ كل اسبوع لتفادي الوحدة. إذ فقدت نعيمات (32 عاما) والدها وشقيقها وثلاثة على الأقل من ابناء عمومتها في الحرب. وقالت نعيمات انها كانت تعاني كآبة شديدة قبل الانضمام الى المشروع لكنها “أفضل بكثير الآن”.
وفوجئت اللاجئات بترحيب كندا باللاجئين حتى ان رئيس الوزراء جاستن ترودو استقبل بعضهم شخصياً لدى وصولهم. وقالت الشعار انها تحتاج “ربما الى 10 أيام” للتعبير عن رأيها بقرار ترام منع دخول اللاجئين السوريين ومواطني سبعة بلدان مسلمة. واضافت “ان هذا ليس متوقعاً من رئيس الولايات المتحدة. كيف انتخبوه؟”
وقالت بنجامين بايس التي شاركت في تأسيس مشروع المطبخ انه يمد جسورا مع النساء بصفة خاصة بسبب وضعهن الصعب بعد استقرار عائلاتهن. فالرجال يجدون فرص عمل والأطفال يذهبون الى المدرسة والنساء يبقين حبيسات البيت ويصبحن معزولات. واضافت ان تمكين المرأة يؤدي الى تحسين وضع العائلة عموماً منوهة بأن “لدى المرأة في سوريا دوراً قوياً جداً تقوم به ونحن لا نحاول تغييرها بل نريد الاحتفاء بكل ما يشكل كيانها”.