سارة مطر/ منصة الرؤية- التقطت عيناي حواراً قديماً للشاعر السوري أدونيس، بينما كنت أبحث عن مادةٍ للكتابة، لفت انتباهي هذا الجزء من الحوار بعد أن تحدّث أدونيس عن أبيه مطوّلاً في بداية الحوار، بطلب من المحاور، اتّجه إلى الحديث عن أمّه، بطلب من المحاور أيضاً، فقال: «الأمّ في المجتمع العربي هي في مرتبة (الظلّ)، بالنسبة إلى الأب الذي هو دائماً في مرتبة (الضوء)».
في الحقيقة كنت قد قرّرت أن أبحث في مقالي اليوم عن معنى المرأة الظل؟ كيف يمكن أن نصف امرأةً بأنها ظل؟ رغم دورها الباهر وضوئها اللافت، كيف تسمح لنفسها أن تظل في ظل الأحداث رغم أهمية وجودها؟ ولماذا تسمح لنفسها أن تكون في الظل، رغم أن ما قامت به يستحق أن يستشهد به؟ في رأسي عددٌ من القصص والحكايات لنساء الظلّ، لربما يوماً ما أجمع مثل هذه الشخصيات وأطرحهنّ في كتاب.
بالنسبة للفكرة العامة التي لازمتني عن المرأة الظل، هي التي عممتها المسلسلات التلفزيونية السينمائية، حينما يموت الأب، تظهر امرأةٌ صغيرة في السن، ترتدي الأسود، وتخبر كبير الأسرة أو حتى الزوجة الأولى، بأنها زوجة للرجل الراحل، هذه هي المرأة الظل التي اعتدنا في طفولتنا وحتى شبابنا تكوين صورتها، تماماً مثل الأفلام الأجنبية، الرجل الثري، حتى لو كان متزوجاً ولديه أطفال، لكنه أيضاً لا بد أن تكون في حياته امرأة شابة، تعيش في الظل، وأحياناً تموت في ظل من عاشت معه.
لكن الحقيقة أن المرأة في الوطن العربي هي تعيش في مثل هذا الظل طوال حياتها، ويسعدها أن يكون من يظللها هو زوجها أو أبناؤها، فهي ما إن تتزوج حتى تبدأ تنسى اسمها رويداً، أطفالها لعمر محدد ينسون ما اسم والدتهم في البيت، فهي «أمي» و«يمه» و«ماماتي»، لذا، فالأطفال يشعرون بأن الأم ليست بحاجة إلى اسم مثلهم؟
الرجل يغار على زوجته فيسميها أم العيال أو الأولاد، دائماً على المرأة أن تختفي خلف الحجاب، حتى طموحاتها وآمالها وكل ما تقوم به يتم اختزاله تحت مسمى «أم».
وللأسف هناك مجاز لمفهوم الضوء، والظلّ كذلك، فالضوء قد يكون مجازاً للمعرفة، العقلانية، الحضور، الفعل، النفع، الخير، الانبهار، أو الانكشاف والوضوح؛ والظلّ قد يكون مجازاً للجهل، العاطفية، الغياب، الانفعال، العطالة، الشرّ، الاستخفاف، أو التستّر والغموض.