المرأة في الأحزاب الإسلاميّة… قليل من السياسة كثير من الزواج
قليل من السياسة كثير من الزواج

القاهرة/المونيتور- في الاول من أبريل / نيسان، نظّم حزب النور في الإسكندريّة سلسلة دورات استمرت حتى 15 أبريل لكلّ كوادره النسائيّة حول الأنماط الشخصيّة، التي تتعلّق بحياة الزوج والزوجة وكيفيّة التعامل بينهما في المنزل والحياة الشخصيّة. وشملت الدورة، التي تعدّ الأولى من نوعها فى حزب النور “كيفيّة التعرّف على شخصيّة الزوج ومفاتيح الوصول إلى قلبه والأساليب المناسبة لكل نمط من الأزواج، وكيف تتغلّب الزوجة في مواجهة عيوب حياتها الزوجيّة، والوصول إلى أخص الأشياء في العلاقة الزوجيّة لكلّ نمط، واكتشاف أسرار المبادرة الزوجيّة في المواقف الصعبة وذلك فى إطار الانشطة النسائية لعضوات الحزب.

الإعلان عن هذه الدورات، وغيرها من مواقف حزب النور التي تهمش دور المرأة أثار حالاً من الجدل حول دور المرأة في الأحزاب الإسلاميّة، واقتصار ذلك الدور في معظمه على الأدوار الإجتماعيّة المتعلّقة بالحياة الزوجيّة وتربية الأبناء وبناء أسرة سعيدة وغيرها من المسميّات التي تستخدمها تلك الأحزاب، فعلي سبيل المثال هاجم الدكتور محمد ابو الغار القيادي السابق بحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تهميش دور المرأة في أحزاب الإسلام السياسي وفى القلب منها حزب النور.

ووفقاً لمراقبين، فإنّ حزب النور، وهو صاحب التوجّه الإسلاميّ، لا يستخدم أعضاؤه من النساء، إلاّ لإكمال قوائمه الإنتخابيّة. ووفقاً لقانون الإنتخابات المصرية يحتاج اي حزب او تكتل سياسي لكي يكمل قائمته الإنتخابيّة إلى وجود 7 نساء على الأقل لكي تصبح القائمة صحيحة. وبالطبع، يستخدم حزب النور قواعده النسائيّة فى التصويت لمرشّحيه، وما دون ذلك يصبح الدور الرئيسيّ للمرأة في حزب النور، هو المشاركة فى الندوات التي ليست لها علاقة بالمشاركة السياسيّة والدور الحزبيّ.

وفي هذا السياق، قال الباحث المستقل المتخصّص في الحركات الإسلاميّة سامح عيد لـ “المونيتور”: إنّ حزب النور، كما الأحزاب الإسلاميّة عموماً، نظرته للمرأة دونيّة، وأنّها تحت أمر زوجها ولا تتحرّك سوى بتعليماته. وأنّ المرأة محتقرة داخل هذه المجموعات، ولا تترقّى”تصعد” في أيّ تنظيم من التنظيمات الإسلاميّة سوى بترقّي بصعود زوجها إلى مركز قياديّ وتتراجع بتراجعه، لكنّ جماعة الإخوان المسلمين كانت أصدق في هذا الشأن لأنّها كانت تدفع بالمرأة في إنتخابات النقابات المهنيّة، وكذلك في نوادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وأيضاً في مجلس الشعب على سبيل المثال النائبة عزة الجرف، زوجة القيادي الاخواني بدر محمد بدر والتي كانت عضوة فى مجلس الشعب ودائمة الظهور فى وسائل الاعلام، وكانت أكثر قدرة على تدريب أعضاء للعمل السياسيّ ومواجهة الإعلام، لكنّ حزب النور حينما اضطرّ إلى طرح النساء فى القوائم لم يكن يكتب اسم السيّدة، وإنّما اسم زوجها، ولا يضع صورتها، ، وإنّما يضع وردة أو علامة سوداء في خانة الصورة، إن اضطرّ إلى وضع اسم المرشّح، وهو ما حدث فى انتخابات البرلمان التي جرت فى نهاية عام 2011 وبداية عام 20122.

واكد عيد وما زال حزب النور والتيّار السلفيّ أكثر تشدّداً، إذ يفرضان على نسائهما النقاب، بينما جماعة الإخوان تفرض الحجاب، وهو ما يجعل نساء حزب النور أقلّ قدرة على تصدّر المشهد الإعلاميّ أو مواجهة الرأي العام. وليست لدى حزب النور القدرة على ترقية المرأة في المناصب القياديّة، وسيظلّ دورها في التيّار الإسلاميّ عموماً أكثر تراجعاً

وتابع عيد كما أنّ السلفيّين أكثر تراجعاً في ما يخص اختلاط النساء بالرجال، فالمرأة لديهم ممنوع أن تختلط بالرجال. واذا كانت هناك محاضرات تعطيها نساء الحزب أو رجال متقدّمون فى السنّ، أو إذا اقتضى الأمر وجود رجال من الشباب لإعطاء المحاضرات، يتمّ ذالك من وراء حجاب أيّ ” توضع ستارة سوداء أو يكون الرجل في غرفة أخرى، ويتحدّث عبر مكبّرات الصوت، وهو ما يجعل هناك تشدّد في التربية السياسيّة للسيّدات فى حزب النور لانه حزب سلفي يؤمن بتحريم الاختلاط، لكن جماعة الاخوان مثلا كانت تسمح بالاختلاط لكن فى اضيق الحدود، والعمل السياسيّ يحتاج إلى تحرّر من الكثير من القيود التي يضعها التيّار السلفيّ.

وليست تلك المحاضرات فقط هي النموذج على تهميش دور المرأة في حزب النور والتيّار الإسلاميّ، فالحزب الذي اعتاد إثارة الجدل من خلال مواقفه من المرأة، أثار حالاً من الانتقادات حوله مرّتين في ما يتعلّق بترشّح المرأة على قوائمه في الإنتخابات: المرّة الأولى في إنتخابات البرلمان التي أجريت خلال عام 2011 عقب ثورة 25 كانون الثاني/يناير، حيث كانت المرّة الأولى التي يخوض فيها حزب النور الإنتخابات عقب تأسيسه في حزيران/يونيو من عام 2011، ووضع رموزاً منها الوردة والفانوس، بدلاً من صور المرشّحات. أمّا المرّة الثانية في إنتخابات البرلمان عام 2015 فرغم وجود مرشّحات قبطيّات، إلاّ أنّه استمرّ في حجب صور المرشّحات.

وفي هذا الإطار، قال نادر بكّار، المتحدّث باسم الحزب في ذلك الوقت فى تصريحات صحفية فى اكتوبر/ تشرين من العام 2015 : انّ مرشّحات الحزب هنّ من يرفضن ظهور صورهنّ، فلا يمكن إجبار المرشّحة على وضع صورتها. ولم يحصد الحزب في تلك الإنتخابات التي جرت فى عام 2015 سوى 12 مقعداً فقط، فيما خسرت القوائم التي تضمّ مرشّحات الحزب.

من جهتها، قالت سوزان سمير، وهي من المرشّحات القبطيّات على قوائم النور في الانتخابات التي جرت فى عام 2015: إنّ الحزب أهمل مرشّحيه الأقباط بعد خسارة قوائمه فى الإنتخابات، ولم يعد يتواصل معهم أو يشركهم في اتّخاذ أيّ قرار.

بدوره، أشار القياديّ في حزب النور والدعوة السلفيّة المهندس عبد المنعم الشحّات لـ”المونتيور” إلى أنّ المرأة في حزب النور مشاركة في كلّ مجالاته الثقافيّة والإعلاميّة غير المرتبطة بالإنتخابات أصلاً، وقال: في ما يتعلّق بإعداد المرأة لتكون زوجة، ثمّ أمّاً، فهي قضيّة دعويّة أكثر منها سياسيّة، يقابلها إعداد الشاب لكي يكون زوجاً، ثمّ أباً، فالحياة قائمة على هذه الشراكة، ولكن ربّما يرانا المنتقدون بقناعات مسبقة أو من خلال رؤية ثقافيّة مختلفة لا ترى أنّ المرأة قد تواجدت إلاّ إذا تحرّرت من أمور نحن لا نراها قيداً لأنّها جاءت من عند الله، وبالتالي فيها المصلحة للجميع، والرجل والمرأة المدركان لحقيقة كمال الشرع وما فيه من حكمة وعدل، ومنه العدل بين الجنسين، لا يشعران بشيء من المشاكل التي يتحدّث عنها غيرهما بشأن المجتمعات الذكوريّة أو الأنثويّة أو غيرها.

المرأة لها دور بارز في الأحزاب الإسلاميّة، هكذا علّق القياديّ المنشّق عن حزب النور سامح عبد الحميد، الذي أكّد في تصريحات خاصّة لـ”المونيتور” أنّ المرأة تشارك في لجان مثل الطبيّة والتعليميّة والإجتماعيّة، وتخرج في قوافل طبيّة إلى مختلف الأماكن. كما تشارك في الأنشطة الإجتماعيّة ومحو الأميّة وخدمات نسائيّة عدّة.

وأكّد أنّ المرأة تشارك في العمليّة الإنتخابيّة والحملات الإنتخابيّة وتترشّح وتصوّت فى الإنتخابات، ولم يذكر سامح عبد الحميد خلال حديثه لـ”المونيتور” أيّ دور سياسيّ للنساء فى الأحزاب الإسلاميّة خارج الإنتخابات، مكتفياً فقط بما ذكره عن الأنشطة الإجتماعيّة الأخرى.

ورغم انخراط التيار السلفي في العمل السياسي منذ ثورة يناير، إلا الحزب مازال محتفظ برؤيته التى تحصر المرأة في أدوار الزواج والامومة فقط، دون مشاركة سياسية حقيقية.

قليل من السياسة كثير من الزواج

قليل من السياسة كثير من الزواج

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015