المرأة في الطائفة العلوية… لا توريث ولاحقوق
Alawite woman gleaning in 1938/ wikipedia

رام أسعد/iamahumanstory 2018- «شرفي ننزل ع المحكمة لتتنازلي عن حصتك» هذه الجملة سمعتها السيدة “نادين” مرتين في حياتها، مرةً عندما توفيَ والدها ومرة ثانية عندما توفي أخاها وفي المرتين كانت “نادين” تنصاع لرغبات أخوتها الذكور من دون أي مناقشة، فالعرف والعادة ستجعل المجتمع يقف ضدّها في حال إصرارها على عدم التنازل عن ماهو حقٌ طبيعيٌ لها.

تقول ”نادين“: «لم يكن لدي خيار صراحةً فمن المعروف أن الأنثى لا ترث عند الطائفة العلوية، في المرة الأولى ذهبتُ إلى المحكمة  وتنازلتُ عن حصّتي من ميراث أبي بشكل طبيعي لأخوتي، ولكن في المرة الثانية وبعد أن تقدّم بي العمر ولم أتزوّج شعرتُ وأنا أتنازل عن حصتي من ميراثي لأخي الثاني بالكثير من الظلم. فأنا في النهاية أتنازل عن حقٍّ لي أو أتنازل عن حقّي بالحياة وأرمي نفسي للتهلكة».

على مقلبٍ آخر؛ عانت ”هالة“ من حادثة مشابهة، فبعد وفاة والدها وبشكل اعتيادي طلب منها أخوتها التوجّه للمحكمة للتنازل عن حصّتها من ميراث والدها لصالحهم، لكن هذه المرة ”هالة“ احتجّت ورفضت التنازل، لتواجه غضب أخوتها واستنكار المجتمع لفعلتها، لترضخ في النهاية لحلٍّ عرضه أخوتها ووصفوه بحلٍّ رضائي للجميع؛ حيث تنازلت عن حصّتها مقابل  نسبةٍ بسيطة من حصّتها في الميراث. حيث تعلّق ”هالة“ على الموضوع قائلةً: «في النهاية أعطوني بما يعادل 20% من حصّتي، وأشعروني كأنهم أسدوا لي معروفاً للعمر، وكأن هذا ليس جزءً بسيطاً من حقّي».

تعبّر هاتين القصتين عن العديد العديد من الحالات المشابهة، ففي العصر الذي أصبحت به الأنثى تنافس الرجل على قيادة الدول والمجتمعات، مازالت بعض المجتمعات كالطائفة العلويّة في الساحل السوري، تحرم الانثى من حصّتها من الميراث الذي هو أصلاً حقٌ لها يكفله المنطق قبل أن يكفله القانون والشرائع السماوية.

إعطاء الأنثى حصّة من الميراث.. عار!!

يعتبر “أبو نوار” الذي يعمل في الزراعة أن أعطاء بناته حصةً من الميراث هو عبارة عن عار وهدر لتعبه وجهده طيلة حياته «لست مستعداً لأن أفرّط بقطعةٍ من أرضي لشخص غريب عن العائلة فقط لأنه متزوّج من ابنتي. الأرض التي اعتنيت بها طيلة حياتي وعملتُ على توسيعها يجب أن تبقى ضمن العائلة وأن لا تذهب لصالح عائلة أخرى (عائلة صهري). هذا شقاء عمري وأنا أرى أن لأولادي الذكور فقط الحقّ في الحصول عليه، أما ابنتي فزوجها هو الذي يكفل لها معيشتها ونفقتها وأنا متأكّد بأنّ أخوتها لن يتخلوا عنها في حال لا قدّر الله وأصاب زوجها مكروه ما».

العقيدة ”العلويّة“ تتبرأ من هذا الأمر

لا يبدو أنّ للعقيدة العلوية التي تستمد العديد من أحكامها الحياتية من المذهب الجعفري علاقة بالأمر، فلا وجود لأي نص ديني يحكم بحرمان الأنثى من ميراثها؛ كما أكّد لنا العديد من رجال الدين العلويين. حيث يعلّق الشيخ ”محمود اسماعيل“ على الأمر قائلاً: «القرآن الكريم والسنة النبوية حكمها واضح في هذا الأمر ففي العموم للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا علاقة للدين في هذه العادة. ولكنني أرجّح أن هذه العادة نشأت كون الطائفة العلويّة بمعظمها عاشت في مجتمع زراعي حيث للأرض قيمتها، وتاريخياً كان العلويّون منقسمون عشائرياً وعائلياً، لذا كان يُخشَى أنه في حال إعطاء الانثى حصّتها من الميراث أن تذهب الأرض من خلال المصاهرة للعائلة أوالعشيرة الأخرى. ولاحقاً مع الزمن أضحت هذه العادة عُرفاً».

عُرف الطائفة أمام محكمة القانون

لا يُجيز القانون السوري الذي يستمد معظم أحكامه من الشريعة الإسلامية، بأي حال حرمان أحد الورثة من حصّته، لذلك يلجأ أفراد الطائفة العلويّة إلى عدّة طرائق من أجل حرمان الإناث من حصّتهنّ مستفيدين من الثغرات العديدة الموجودة في القانون المدني السوري.

توضح المحامية ”رهف محمود“ الأمر قائلةً: «يلجأ عادة الموَرّث في حال أراد حرمان أحد ورثته من الورثة إلى نقل ممتلكاته لورثته البقية خلال حياته، وذلك عن طريق عقد بيع شكلي. وهذا ما يحدث في العديد من الحالات، حيث يقوم الأب بنقل ممتلكاته إلى أبنائه الذكور خلال حياته من خلال عقد البيع، وبذلك يضيّع حقّ بناته، فالأب عند موته لم يترك ورثةً ليتمّ تقسيمها على الورثة، أيضاً هناك التخارج والذي يتنازل من خلال أحد الورثة عن حصّته لقاء بدل. وبالرغم من أن التخارج لا يتم إلا برضا الطرفين، إلا أن هناك العديد من الحالات التي يخفى ورائها إبعاد الأنثى عما يؤول إليها حقيقةً من ترِكَة مورّثها، أو أن تُعطى بدلاً نقدياً عن حصّتها في أرض أو عقار، الذي غالباً ما يكون أدنى وأقل بكثير من حقّها الشرعي».

صرخة في وجه الظلم.. نريد أقوالاً وأفعالاً

اليوم وفي الوقت الذي يجب سنُّ قانون مدني عصري تتساوى فيه كلٌّ من المرأة والرجل بالميراث، يوجد من يحرم المرأة من حقّها من الميراث كاملاً لحجج واهية، ولا يطبّق حتى قانون الأحوال الشخصية الحالي الذي يُعطي للمرأة نصف ما يُعطى الرجل، لقد أثبت التاريخ أنّ الأعراف والقوانين التي وُجِدت في الماضي لخدمة الإنسان مع مرور الأيام تصبح ظالمةً له، فالمرأة لم تعد تقتصر مسؤولياتها كما في السابق على أعمال المنزل والعناية بالأطفال، بل تعدّت ذلك لتصبح مسؤولةً عن تأمين المعيشة لها ولأسرتها؛ وخاصة نتيجةً لتردّي الوضع الاقتصادي وغياب الرجل بسبب الحرب التي تعيشها سوريا، فهل سنشهد اليوم الذي تختفي جميع الأعراف والتقاليد والقوانين الظالمة ليحلّ محلّها قانون عصري يعطي لكلّ ذي حقّ حقّه..!!

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

Alawite woman gleaning in 1938/ wikipedia

Alawite woman gleaning in 1938/ wikipedia

وسوم :

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015