غانم النجار/ aljarida- وباء كورونا ليس مشكلة صحيّة فقط، بل كاشف لنقاط القوّة والضعف، في المجتمعين المحلي والدولي على حدّ سواء. فقد كشف لنا “كورونا” من ضمن ما كشفه، الدور الأساسي، لا المُكَمّل، للمرأة في المجتمع، بالطبع ليس بهدف الانتقاص من دور الرجل، ولكن لتثبيت والاعتراف بدور المرأة المُهمَل.
فقد اتضح أن أغلبية الدول التي تقودها نساء حقّقت نتائج مبهرة في التعامل مع الوباء، فبُلدانٌ مثل تايوان ونيوزيلندا والدانمارك والنرويج وفنلندا وآيسلندا وألمانيا، جاءت نتائجها متقدّمة، بأساليب مبتَكَرة، بل إنه حتى تراجع في السويد مقارنةً بإطارها الإسكندنافي، فوفيات السويد لوحدها تمثّل ثلاثة أضعاف الدول الأربع الأخرى مجتمعة.
وينسحب ذلك على القيادات الفنيّة المهنيّة أيضاً، ففي كوريا الجنوبية، التي يُشار لإدارتها للأزمة،كان وراءَها رئيسة مركز التحكّم في الأمراض، وكذلك في ولاية كيرلا الهندية المتقدّمة بمواجهة كورونا التي تقودها وزيرة الصحة.
ولا يقتصر الأمر على القيادة السياسية، حيث نجد نسبة المرأة في الطواقم الطبية أكثر من ٧٤٪، فهل تختلف قيادة المرأة للمجتمع عن الرجل؟ هل المرأة أكثر اهتماماً وإدراكاً لمعاناة المجتمع؟ أجل يبدو ذلك واضحاً وجليّاً.
كانت الفكرة السائدة هي “لكي تنجح المرأة في السياسة فعليها أن تصبح كالرجل!”.
كان يقال مثلاً إن رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر هي الرجل الوحيد في الحكومة البريطانية، تقليلاً من شأن المرأة بالطبع، وليس مديحاً لتاتشر.
سيبقى الإقرار والاعتراف بدور المرأة وقدرتها أمراً مطروحاً على الساحة العامّة. بل حتى في اللغة يسعى البعض إلى “تذكير” المناصب قسراً؛ أي المرأة الوزيرة تصبح وزيراً ذكراً، رغماً عنها.. وهكذا، خروجاً عن قواعد اللغة العربية، وتثبيتاً لذكوريّة المجتمع.
في بداية الأزمة عندنا، وزّع شخصٌ ما صورةً لطاقم طبي، أغلبيته من النساء، وكتب تحتها “الشدائد تظهر عزائم الرجال”. لم يكن في الصورة إلا رجل واحد وسبع نساء. لا أظنّ أنّ من كتب ذلك ناكرٌ للواقع بالضرورة، ولكنه نتاجٌ لثقافةٍ سائدة، مازالت تنظر للمرأة كتابع. وهي مشابهة لثقافة حرمان المرأة من المشاركة السياسية في دولٍ عربية عديدة، والتي تمّ تعطيلها لسنوات، دون مبرّرٍ يُذكر، عدا النظرة التمييزية للمرأة.
ربما كان لفيروس “كورونا” فضيلة تثبيت الواقع، وكشف الحقيقة في أنّ الدور الذي تلعبه المرأة في الصفوف الأمامية يزيد على ثلثي الطواقم الطبية، وفي ذات الوقت تُعاني المرأة ارتفاعاً مذهلاً في العنف المنزلي، بسبب الحظر المنزلي نتيجة تفشّي فيروس “كورونا”، وتعاني تبعات خسائر اقتصادية كبيرة.
ربما آن الأوان أن تأخذ المرأة دوراً يتناسب مع إسهاماتها بالصوت والصورة.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.