صندوق الأمم المتحدة للسكان/ سوريا – أدى اندلاع العنف في منطقة عفرين شمالي سوريا إلى نزوح جماعي للسكان المدنيين حيث فر ما يقدر بـ 98,000 شخص مع اقتراب الأعمال العدائية من مدينة عفرين. وقد وجد صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال الزيارة التي قام بها لتقييم الأوضاع في 17 آذار/ مارس أن الوضع الإنساني هناك محفوف بمخاطر هائلة، في ظل وجود احتياجات رئيسية للحماية والرعاية الطبية غير ملباة.
قال ماسيمو ديانا، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا: “الأشخاص مشتتون في عدة أماكن، ففي تل رفعت على سبيل المثال، أُغلقت 16 مدرسة كانت تعمل وذلك لإيواء النازحين. كما انتقل الكثير من الأشخاص للسكن في المنازل والمستودعات ومرآبات السيارات والمساجد.”
لقد تدفق ما يقدر بـ 75,000 شخص إلى تل رفعت على مدار الأسبوع الماضي، كما سار الكثيرون مشيا على الأقدام لمدة 36 ساعة بحثا عن مأوى آمن. وفرَ عشرات الآلاف الآخرين إلى المناطق القريبة من قريتي نبل والزهراء، فيما تستعد المجتمعات لتدفقات إضافية في الأيام القادمة. وتشير التقديرات بأن عدد النازحين في تل رفعت قد يصل إلى 100,000 شخص.
العديد من النساء الوافدات لديهن احتياجات خطيرة فيما يتعلق بصحتهن الإنجابية. قالت أميرة أحمد، المسؤولة المعنية بالنوع الاجتماعي في صندوق الأمم المتحدة للسكان والتي زارت تل رفعت والمناطق المحيطة: “الكثير من النساء اللواتي قابلناهن كن حوامل.”
قام صندوق الأمم المتحدة للسكان – وهو أول وكالة تابعة للأمم المتحدة تصل إلى هذه المجتمعات – بتسليم 2,000 من حقائب الكرامة التي تحتوي على الفوط الصحية والصابون وفرش الأسنان والملابس الداخلية وغيرها من المستلزمات الحيوية للنظافة الشخصية وأطقم الحماية الخاصة بالشتاء أثناء الزيارة.
كما دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان نشر ثلاث فرق طبية متنقلة: شمل هذا عيادة للصحة العامة يديرها الهلال الأحمر العربي السوري وعيادتين متخصصتين في تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية تديرهما جمعية دير مار يعقوب المقطع الشريكة.
احتياجات رئيسية للصحة الإنجابية
كان الكثير من الأشخاص يفتقرون للوصول إلى الرعاية الطبية حتى قبل اضطرارهم إلى الفرار. قالت أميرة: “قبل الفرار من عفرين، لم تكن هناك كهرباء ولا مستشفيات ولا أطباء – فقد فرّ الأطباء أيضاً – لذا لم يتمكن أحد من توفير الخدمات لهن.”
ولقد فاقم النزوح محنتهن. أجرت أميرة مقابلة مع إحدى النساء والتي وضعت مولودها من دون أي مساعدة أثناء انتقالها إلى تل رفعت. “لقد قالت: أنا وضعت طفلي بنفسي دون مساعدة أحد، لا طبيب ولا قابلة، ولا أحد.”
كما مرت نساء أخريات بوضع أكثر من هذا سوءاً؛ تحدثت ندا نجا مسؤولة الشباب في صندوق الأمم المتحدة للسكان مع طبيبة أسنان فرت من عفرين. قالت: “لقد شاهدت (الطبيبة) الكثير من النساء اللواتي كن حوامل وتعرضن للإجهاض في الطريق.” وأضافت ندا قائلة: “لقد كانت الطبيبة تحت ضغط شديد حتى أنها لم تكن قادرة على استكمال حديثها وبدأت في البكاء وقالت لي: لا أستطيع أن أشرح لك ما رأيت.”
لكن حتى النساء الحوامل اللواتي وصلن بسلام إلى تل رفعت يعانين من الخدمات الطبية المحدودة. فليس في المدينة سوى مرفق صحي واحد، يعمل به ثلاثة أطباء وقابلة. وهو تحت ضغط هائل من المرضى ويواجه نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية. وأقرب مستشفى هو مرفق يديره القطاع الخاص في الزهراء، حيث يكون العلاج مكلفاً.
وقد وجد التقييم السريع الذي أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك زيادةً في حالات الولادة بالمنازل نتيجة لنقص الخدمات ميسورة المكلفة.
وفي حالة واحدة على الأقل، دفع اليأس أشخاصاً إلى إجراء جراحاتٍ في أماكن غير مجهّزة طبياً. حيث قالت ندا: ” أخبرتنا إحدى النساء أنه تم إخلاء وتنظيف إحدى الفصول في إحدى المدارس لإجراء عملية جراحية بها.”
وصلت العيادات المتنقلة التي تعمل بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى المئات منذ بداية البعثة. في 17 مارس/آذار، قدمت العيادة خدماتها لأكثر من 100 طفل و60 امرأة. وفي 19 مارس/آذار وصلت العيادة إلى 112 امرأة، من بينهن 49 سيدة حامل. وستواصل العيادة توفير خدماتها إلى أن يتم التوصل إلى حل طويل الأمد.
ضغط شديد واحتياج للحماية
لقد دفعت الضغوطات التي تسبب بها الصراع بالبعض إلى مرحلة الانهيار. لقد قابلت هدى كعكه، محللة برامج في صندوق الأمم المتحدة للسكان، أحد الرجال “قال إنه لو كان لديه مسدساً لكان قد أقدم على الانتحار على الفور.”
تعمل الملاجئ في مواجهة ضغط يفوق طاقتها بينما تفتقر للمراحيض ومرافق الغسيل والإضاءة الكافية. كما تقيّد الكثير من الأسر انتقال النساء والفتيات خوفاً على سلامتهن.
قالت السيدة هدى: “قابلت سيدة بالقرب من تل رفعت. طلبت الحصول على مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية لأن الملجأ ليس به كهرباء. وهي لا تستطيع الانتقال في الظلام أو في الليل، لذا طلبت الحصول على المصابيح لتتمكن من الذهاب إلى الحمام.”
تحتوي الأطقم الخاصة بالشتاء التي يوفرها صندوق الأمم المتحدة للسكان على الملابس الثقيلة والأغطية وكذلك صافرات وكشافات ضوئية لمساعدة النساء والفتيات على التحرّك وسط الظلام. إلا أن هناك حاجة إلى إجراءات إضافية لضمان سلامة التحرك للوصول إلى الحمامات والمساحات العامة والخدمات الحيوية. كما سيتم توزيع الآلاف من حقائب الكرامة في الأسابيع القادمة.
ويوجّه صندوق الأمم المتحدة للسكان نداءاً للحصول على 9 ملايين دولار؛ كي يتمكّن من الاستجابة العاجلة للأزمة في منطقة عفرين، وكذلك من أجل تقديم الاستجابة الإنسانية لخروج المدنيين من الغوطة الشرقية، حيث نزح ما يقدر بنحو 100,000 شخص بسبب الصراع المتصاعد.