ليندا المرقبي/7al- تفرض الظروف والخلافات بين الزوجين طلاقا في بعض الأحيان، ولن يشعر بآثاره السلبية أكثر من الأطفال وأمهم الحاضنة، فبالكاد تتيح ظروف الحياة من توفير مقومات النمو في ظل أسرة طبيعية، فكيف والحال مع أم تحضن أطفالا بعيدا عن أبيهم الذي قد لا ينصفهم.
أمهات لا يتخلين عن حضانتهن
لم تكن السيدة أحلام مظهر، تعتقد أن حضانتها لأطفالها بعد طلاقها من زوجها أمر صعب بهذا القدر، وهي أم لطفلين أكبرهما بعمر الخمس سنوات والثاني بالكاد أكمل عامه الثاني، تقول للحل نت: “لا أندم أبدا على قرار الطلاق، فالمشاكل بيني وبين طليقي وصلت بها الحال إلى ضربه لي وعدم إحساسه بالمسؤولية تجاه بيته، وجيد أني تمكنت من الانفصال عنه بمخالعة رضائية حضنت فيها طفلي. نعم أعاني كثيرا في تأمين مستلزماتهم، فأنا موظفة في دائرة السكك الحديدية ولا يكفي راتبي لسد احتياجاتنا، والنفقة التي ألزم بها القاضي طليقي لا تكفي ثمن الطعام. لقد قدّرها القاضي تبعا لحال زوجي الموظف المتواضع، ورغم ذلك أنا مستعدة ان اعمل عملا آخر وألا اتركهما له، هذا حقي ولن أتخلى عنه”.
الحماسة التي أبدتها أحلام لحضانة أولادها شاركتها بها السيدة أم جواد التي تعمل معلمة في إحدى مدارس ريف دمشق، ورغم أن حال طليقها ميسور لا كحال زوج أحلام، لكنها تتقاسم معها معاناتها من تنصله للمسؤولية في الإنفاق على أطفاله الثلاثة.
تقول للحل نت: “لا أعتبر أن القانون السوري منصف لنا كنسوة مطلقات في موضوع النفقة للحاضن، فهي حتى اليوم لا تتناسب في مقدارها مع غلاء الأسعار، ولا يوجد ما يلزم الزوج بدفع مبلغ مالي منطقي تحدده ظروف الحال، فرغم أن طليقي يعمل في تجارة الأثاث، إلا أنه ينكر أنه شخص مقتدر، وحين أواجهه بتقصيره، يطلب مني تسليمه الأطفال لينفق عليهم رغم أنه متزوج ما دمت عاجزة حسب تعبيره. لكن بالتأكيد لن أرمي اطفالي مع زوجة الأب التي لن تحنو عليهم كما أفعل”.
السيدة دلال بركات أثارت مسألة مؤثرة في حضانتها لأطفالها وهي مسألة المسكن، فحين تطلقت من زوجها عادت إلى بيت أهلها مع ابنها حاتم ذو السبعة أعوام. هي لا تنكر أنها تشعر بأنها عبء على أهلها بحالتهم المتواضعة، وتشرح معاناتها للحل نت “للأسف لم يلزم الشرع الرجل الذي يطلق زوجته بتأمين سكن لهم ولوالدتهم الحاضنة، وكيف لي أن أؤمن لي ولابني سكنا أربيه فيه وسط هذه الظروف الصعبة. حاليا أنا عند والدي المسن، لكن اخوتي يريدون بيع المنزل عاجلا أم آجلا، فأين اذهب بابني حينها، وبالتأكيد لن أتخلى عنه ولو اضطررت لأن استأجر وأعمل ليل نهار، فلا أستطيع العيش من دون طفلي خصوصا أن أباه متزوج ولديه أولاد من زوجته الثانية. لابد أنها ستظلمه”.
الحضانة تعطي الأم حقوقها؟
الكثير من الحقوقيين اعتبروا أن القانون رقم 4 لعام 2019 القاضي بتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، والصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953 وتعديلاته، هو قانون أنصف المرأة في كثير من أحكامه، ومن ضمنها باب الحضانة في مواده /138-139-146-148-150/، حيث أضاف المشرع شروطا جاءت لصالح المرأة الحاضن.
المحامي إيهاب حناوي، من نقابة المحامين فرع حمص، أوضح لـ “الحل نت”، حول هذا الجانب قائلا “لعل الفقرة الثانية من المادة 139 والتي تقضي بألا يسقط حق الأم الحاضنة بحضانة أولادها بسبب عملها إذا كانت تؤمن رعايتهم والعناية بهم بطريقة مقبولة. هي برأيي من أهم النقاط التي تمكن الأم من العمل دون تحجج الزوج بأنها لن تتمكن من رعايتهم، أيضا هناك المادة 146 التي تنتهي بموجبها مدة الحضانة للولد ذكرا كان أو أنثى، في سن الخامسة عشرة من العمر، بعد أن كانت مدة الحضانة للذكر تنتهي في سن الثالثة عشرة، إضافة إلى الفقرة الثالثة من المادة 150 التي تقضي بأنه للقاضي أن يأذن للأم الحاضنة أن تسافر بالمحضون داخل سوريا إلى البلدة التي تقيم فيها أو إلى البلدة التي تعمل فيها لدى أي جهة من الجهات العامة، شريطة تحقيق مصلحة المحضون. وأضاف فقرة رابعة تنص على أنه تملك الجدة لأم ذات الحقوق”.
يستطرد حناوي بالقول “لكن المشكلة التي لم تثار هي أنه لا يوجد بيت للحاضنة، وأيضا مقدار النفقة الواجبة للمحضون، والتي لم تنص فقرة منه على ضرورة أن يكون متوافقاً مع ما يجري من تداعيات وتغيرات اقتصادية وغلاء الأسعار المستمر”.
المحضون في حضن أمه
تعتبر الآثار الاجتماعية التي تنعكس على أطفال المطلقين هي الأقوى بعد انتهاء حضانة أمهم وانتقالهم للعيش مع أبائهم. فقد لا ينسجم الطفل مع البيئة الجديدة التي ينتقل إليها بعد بلوغه السن القانوني للانتقال لمنزل الأب، مما قد يدفع بعض الآباء للتفكير بالمسألة أو التحضير لها.
طارق سوادي مطلق منذ سبعة أعوام ويعمل في مديرية الخدمات الفنية، لم يتزوج بعد طلاقه من زوجته، وبلغ ولداه من العمر ثلاثة عشر عاما وهما توأم صبي وفتاة، ورغم ذلك يعتبر أنه من الأفضل بقاءهما في كنف أمهما رغم أنها تزوجت منذ عام بعد إعلامه بقرار زواجها وأخذ موافقته.
يقول سوادي لـ”الحل نت” موضحا رأيه: “أعلم أن الكثيرين لا يروقهم أن أترك اطفالي في بيت رجل غريب هو زوج طليقتي، وأعلم أن ذلك لا يتوافق مع نظرة المجتمع، لكن معرفتي بشخص هذا الزوج وثقتي به، بالإضافة لأن أولادي لا يمانعون وجوده في البيت ويحبانه فهما ليسا صغيرين، دفعني لأن أترك الأمور على ماهي عليه ولم أطالب بحضانتهما، فالحقيقة أنا أنوي السفر قريبا، ولا أريد أن أظلمها بتركهما عند جدتهما أي والدتي، فهما لم يعتادا عليها، لا أريد أن أعقد حياتهما ففضلت أن أتصرف بحكمة وعقل”.
بالتأكيد للأب حق باحتضان أطفاله وتربيتهم بعد طلاقه من أمهم، لكن تبقى مشاعر الامومة وتعلقها وخوفها على أطفالها أكبر، وذلك وفقا للباحثة الاجتماعية إسراء ناصر، والتي أوضحت للحل نت قائلة “بالتأكيد للأب دور كبير في صقل شخصية الطفل، خصوصا إن كان الطفل ذكرا، لكن ظروف الحال التي قد تدفع لانفصال الأبوين تحتم عليهم خوض تجربة الانفصال التي اعتبرها مريرة للجميع، ومنهم الأم التي قد تتحمل عبء التربية وتكبير الأطفال وتعليمهم ليأتي الأب ليأخذهم في المرحلة الأسهل بعد أن يبلغوا، بعد أن تكون الأم قد اعتادت على أولادها وتعلقت بهم في المرحلة التأسيسية، ليأتي الأب ويكمل ما بدأته هي وسط تخوفها من أن يفلح أو لا”.
وختمت بالقول “أيضا هناك تخوف من تسلط الأب عليهم ومنعهم من رؤية أمهم إلا في فترات الإراءة في المراكز المخصصة، وطبعا كل ما ذكرته هو عن الأمهات في حالتهن الطبيعية، لأننا بالتأكيد كثيرا ما نسمع عن أمهات أنانيات يفضلن الاستغناء عن أطفالهن وقت الطلاق وبدء حياة جديدة”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.