النساء في بيئة عمل «كوفيد – 19»

تراسي كيوف/ alkhaleej- تؤكّد الدراسة الأخيرة التي أجرتها شركة «ماكنزي» بعنوان «النساء في بيئة العمل»، ما شهده الكثير منا بشكل مباشر، أو شاهدناه داخل شركاتنا. فالنساء، خاصةً ذوات البشرة الملوّنة، مرهقات، ويتسرّبن من العمل بأرقام قياسية.

وتتحدث الدراسة عن واحدة من كل 4 نساء تفكّر في ترك العمل، أو تغيير مهنتها، بعد أن شهد ارتقاء النسوة في مناصبهنّ انتعاشاً قبل تفشّي الوباء. وفي حال استمرار تردّي الأوضاع سوف ينعكس ذلك على مختلف مكوّنات المجتمع.

ولا توجد سياسة تتيح حلاً سحرياً للاحتفاظ بالنساء أثناء الجائحة. فقد تحتاج الأم العاملة التي لديها طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى نوع معين من الدعم لتكون قادرة على المساهمة بفعالية، بينما الأم التي تعتني بالأطفال من دون معيل، وكذلك تلك التي تُعيل الوالدين المسنين لا بد أن تكون بحاجة ماسّة للدعم لمواجهة أعبائها المتعددة. وقد أظهر بحث «النساء في بيئة العمل» أن المرأة السوداء أكثر عرضةً لموت أحد أفراد أسرتها خلال هذا الوباء، مقارنةً بالنساء بشكل عام. وهذا يفرض علينا استيعاب جميع النساء العاملات من خلال تعزيز المرونة عبر مؤسساتنا لتلبية متطلبات الظروف الفردية.

وهذا يعني تصميم حلول لتلبية الاحتياجات الفردية لكل موظف، مع إدراك أن تجربة كل فرد تختلف عن الآخر. فمنح صلاحيات للمديرين يمكن أن يحلّ بعض مشاكل الدوام، وزيادة حصة رعاية الأسرة الأسبوعية، كأن تقلّص أيام العمل إلى 4 أسبوعياً، بدلاً من خمسة.

ونحن في «هيوليت باكارد» نقيم دورات تدريبية مصممة لمنح المديرين أدوات لبدء الحوارات النافعة، والتعرّف إلى المصاعب والتجاوزات الدقيقة، والتعاطف مع العاملات واتخاذ الخطوات لحلّ المشكلات. هذه الجهود لا تمثّل الشيء الصحيح الذي يجب القيام به فقط، إنها الشيء الذكي أيضاً. وعندما يشعر الموظفون بدعم الإدارة ورؤيتها، فمن المرجح أن يشعروا بالارتباط بالعمل نفسه، والإبلاغ عن رضا وظيفي أعلى. وهذا يعزّز فرص نموّهم وولائهم طويل الأجل، ما ينعكس إيجابياً على أعمال الشركة.

ومع تطوّر الوباء بسرعة في مناطق مختلفة، لا بد للشركات من تقديم حلول مبتكرة لمعالجة هذه المشكلات بوتائر أسرع. والهدف ليس تقديم حل مثالي، ولكن تقديم أكبر عدد ممكن من الأدوات بحيث يمكن للموظّفات والمديرات المشاركة في وضع حلول عملية.

لقد أدركنا منذ بداية تفشي الوباء، مثلاً، أنّ التعليم عن بعد صار واقعاً، وقد يطول زمنه. فسارعنا إلى تشكيل نادي المعلمين لدعم تعليم أطفال العاملين لدينا لتخفيف الضغوط عن الأسر العاملة، وشملت المبادرات دروس ألعاب رياضية افتراضية للأطفال من مختلف الفئات العمرية.

وإحدى النتائج الرئيسية التي توصلت إليها دراسة «النساء في بيئة العمل» هي أنّ النساء في كثير من الأحيان لا يستطعن الحضور الكلي لبيئة العمل، بمعنى أنهنّ يفكّرن في أسرهنّ، ومسؤولياتهنّ المنزلية، وهنّ في مكان عملهنّ. وقد تطلّب ذلك تعيين مرشدين ومساعدين لتقديم الدعم لهنّ، ما زاد معدّلات ولائهنّ للشركة.

ولا شك في أن غياب القيادات النسائية يؤثّر في عمل الشركة، خاصةً أنّ قدرة النساء على التوجيه والقيادة ربما تكون أعلى من قدرة الرجال خاصةً في مجتمع نسوي. وقد صممنا برنامج «كاتاليست» لتسريع خطوات الترقية الوظيفية، ودعم فرص تولّي النساء مناصب قيادية.

لقد فرض الوباء ضرورات فهم وإدراك إداري أعمق، حيث يجب أن تتحمّل الشركات مسؤولية عدم تفاقم الإرهاق الذي تشعر به النساء العاملات، ودعم قدرتهنّ على الأداء بفعّالية. ويمكن القول اليوم إن «أكبر ميزة تنافسية هي القيام بالشيء الصحيح في أسوأ الأوقات».

إن رعاية النساء في صفوف قوة العمل يعني استمرار التجديد والتنوّع والابتكار، بينما يعني إهمالهنّ فقدان الكثير من الخبرات التراكمية التي جمعناها بشقّ الأنفُس، وبالتالي تردّي المنتجات وتكبّد الخسائر وهدم الاقتصاد.

تراسي كيوف؛ عضو مجلس إدارة «هيوليت باكارد» مسؤولة الموارد البشرية لـ سي إن بي سي.

النساء & بيئة العمل

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
يبدو أنه من الصعوبة بمكان أن نتحول بين ليلة وضحاها إلى دعاة سلام! والسلام المقصود هنا هو السلام التبادلي اليومي السائد في الخطاب العام.المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015