سلوى زكزك/ FB- أحبّ النساء في ملابس الحداد.. تتحايلن على الأسود الداكن بمسحة كحلٍ في عمق العين، فتلتمع الدمعة بظلّ موشّى بالأسود.. أحمر شفاهٍ يحدّد الشفتين ويبرزهما بقوة، ملابس أنيقة.. ضيّقة.. قصيرة.. لامعة.. أو من الدانتيل أو من الكروشيه المُفَرّغ.
تلك المشية الخفرة.. بهدوءٍ يناسب حضور الموت، وبتناغمٍ يوازن الأنوثة مع الحزن. تمتمات كلماتٍ غير مكتملة.. ضمّةٌ صادقة وشفتان تقبّلان خدّاً خارج حدوده.
سيّدةٌ في القُدّاس انتبهت فجأةً أنّ حقيبتها المزيُنة بالورود مغبَرّةٌ، لم تتردّد بمسحها بحركةٍ دائريّةٍ ومتواصلة.. وسيدةٌ أخرى اكتشفت أنّ دبوس الشعر العريض ما زال ملتصقاً بخصلةٍ مبرومةٍ من شعرها، فسحبته بعنايةٍ ورمّمت تلك الخصلة ودفعتها باتساقٍ بديعٍ مع باقي الخصل.
أراقب ألوان الشعر المصبوغ.. الصليب الماسيّ أو الذهبيّ المتربّع على الصدر.. تصير القلادة جزءاً من مراسم الحداد، حاضرةً لتوسّل الرحمة أو الانغماس في طقوس القُدّاس الجنائزيّ.
أشاهد الرُكَبَ السافرة وكأنّها معروضةٌ بتناسقٍ فنيّ في معرضٍ للدوائر الرُخاميّة عالية الجودة وفائقة اللمعان، والأصابع تحيط بمحيط التنّورة لتزبيط أطرافها ومنح الجسد شكله الفاخر في جلسةٍ صامتةٍ وأليفة ..
أسمع تكّات كعوب الأحذية النظيفة واللامعة والمُخبّأة لمناسبات الفرح والحزن لافرق ..
أحبّ النساء في ملابس الحداد.. تُرتِبْن حضورهَنّ اللافت بأناقةٍ جنائزيّة تُسيل الجمال وتُزيّن الحضور بإغراءٍ صامتٍ وعميق. تتحايل النساء على الموت ويحتفلن بحضورهِنّ الرهيف في مواجهة قسوته وظلّه الأليم.