نيودلهي/ صحيفة (العرب)- ألغت المحكمة العليا في الهند نهار الخميس تجريم الزنا في هذا البلد العملاق في جنوب آسيا حيث يُعاقب المدانون به بالسجن، معتبرة أن هذا القانون ينطوي على تمييز ضد النساء.
ويسمح بندٌ قانوني عائد إلى حقبة الاستعمار البريطاني قبل أكثر من قرن، بإنزال عقوبة السجن حتى خمس سنوات في حقّ أيّ رجلٍ مارس الجنس مع امرأة متزوجة من دون موافقة زوجها.
وقالت لجنة مؤلفة من خمسة قضاة في المحكمة العليا في قرارٍ أصدرته بالإجماع إن “التعامل مع الزنا من منظور إجرامي تدبير رجعي”. وبموجب التدبير الذي أبطلته المحكمة العليا، لم تكن النساء قادراتٍ على رفع دعاوى بتهمة الزنا.
كما لم يكن في الإمكان إدانتهن بهذه التهمة التي تبقى حكراً على الرجال. واعتبرت المحكمة العليا أن هذا القانون يسلب النساء كرامتهنّ وحرية خياراتهنّ الفردية كما يعامُلهُنّ على أنهُنّ ملكيةٌ للزوج.
غير أن القضاة أوضحوا أنّ الزنا لا يزال يمثّل دافعاً مشروعاً للطلاق. وفي 1954 أبقت المحكمة العليا الهندية على تجريم الزنا معتبرةً حينها أنّه “من المتعارف عليه أنّ الرجل هو الذي يُغوي وليست المرأة”.
وكان القانون السابق “يُجرّم ممارسة الجنس مع امرأة متزوجة دون موافقة زوجها”. وقال قاضي المحكمة العليا أثناء قراءته لنصّ القانون إنه بينما قد تتسبّب الخيانة في قضايا اجتماعية كالطلاق، لكن لا يمكن اعتبارها جريمة.
ورغم عدم توفّر معلوماتٍ حول تطبيق القانون القديم؛ إلا أن المحامي كاليسوارام راج قال إن قانون الخيانة الزوجية كثيراً ما أُسيء استخدامه باتهام الزوجة بالخيانة، في حال وجود خلافات بين الزوجين أو قضايا طلاق ونفقة.
واتفق القضاة الخمسة الذين أصدروا الحكم على أنّ القانون قديم وتعسّفي ومخالف للدستور. وقالت القاضية ناريمان روهينتون “إن السائد بأنّ المرأة ضحية، والرجل مُعتدٍ؛ لم يعد قائماً في الواقع الراهن”.
وأفاد القاضي شاندراشود قائلاً “إن القانون يعتبر المرأة تابعة للرجل، حتى في العلاقة الجنسية”.
وعلّق رشمي كاليا الذي يُحاضر في القانون بالقول إنه “لا يُفترض أن يقرّر القانون من ينام مع من”.
وشهدت المحاكم الهندية التماسات لإعادة النظر في القانون للمرة الأولى عام 1954، على أساس أنه يتضمّن تمييزاً. وفي عامي 1985 و1988، ردّت محكمة العدل العليا التماسين مشابهين. وطالبت امرأة متزوجة المحكمة بالسماح لها برفع قضية ضدّ عشيقة زوجها. وأوصت لجنتان حقوقيتان مختلفتان عامي 1971 و2003 بمحاكمة النساء في حال ارتكاب الجرم.
جديرٌ بالذكر أنه في الأسبوع الماضي، وضعت الحكومة الهندية في خطوةٍ تاريخية حدّاً للجدل الواسع الذي يتعلّق بإقرار الطلاق الشفوي للفصل بين الزوجين، عن طريق إصدارها لمرسومٍ يجرّم الطلاق البائن الفوري لدى المسلمين. كما أقرّ مجلس الوزراء أمراً تنفيذياً بتجريم الطلاق الشفهي بالثلاث، في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء لخطب ودّ الناخبات المسلمات.
وبات بذلك يُحظر الطلاق بالثلاث حظراً تاماً في بلد غالباً ما تشتكي المُسلِمات فيه من أنّهن طُلّقن عبر رسائل قصيرة أو تطبيقات من قبيل “واتسآب”، ما يَحرِمَهنّ من المطالبة بتعويضٍ قانوني.
وكان مجلس النواب الذي يسيطر على أغلبية مقاعده حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة رئيس الحكومة نارندرا مودي، قد اعتمد تشريعاً يحظر هذا النوع من الممارسات في ديسمبر الماضي، غير أن تمرير هذا التشريع عُرقِل في مجلس الأعيان، ما دفع الحكومة إلى إصدار مرسومٍ تنفيذي الأربعاء. ولا يحتاج هذا المرسوم سوى إلى موافقة الرئيس كي يصبح قانوناً.
وفي أغسطس/آب 2017، أعلنت المحكمة العليا في الهند أنّ الطلاق بالثلاث مخالفٌ لأحكام الدستور، وطلبت من الحكومة إصدار قانونٍ في هذا الصدد.
وقال وزير القانون الاتحادي الهندي رافي شانكار براساد إنه رغم قرار المحكمة العليا العام الماضي اعتبار أن “الطلاق بالثلاث في لفظٍ واحد غير دستوري، فإن هذه الممارسة قد استمرت”، وأضاف ”شعرنا أن هناك حاجة ملحة إلى إصدار مرسوم”.
وذكر أن هذا الطلاق عادةً ما يقع لأسباب واهية، مثل حرق الخبز أو الاستيقاظ في وقتٍ متأخر، ويقول معارضو هذا الطلاق إنه يلحق الضرر بالنساء ويحرمهنّ من حقوقهنّ الأساسية. واتهم براساد أحزاب المعارضة بتعمّد الامتناع عن وضع نهاية “لممارسة تعسفية وغير دستورية”، وقال إن مجلس الوزراء أقرّ الأمر التنفيذي لأن هذه الممارسة استمرت رغم صدور حكم قضائي بمنعها.