بعد عامين من إطلاق حملة #أنا_أيضا (#MeToo)؛ اتفاقية جديدة تُدخِل تغييرات على أماكن العمل
حملة #أنا_أيضا (#MeToo)

روثنا بيغم/ HRW- في 2020، عليكن/م التنبّه إلى… التغييرات في أماكن العمل بفضل حركة #أنا_أيضا.

مرّت سنتان على إطلاق حركة #أنا_أيضا التي كشفت – في خضمّ قصص الاعتداءات التي شاركتها نساء من جميع الأعمار والجنسيات والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية – عن التحرّش والانتهاكات المتفشّية في أماكن العمل. كما كشفت الحركة عن القصور الكبير في القضاء على هذه الممارسات.

من 2020 وصاعداً، سيكون لدينا معيار جديد يُمكّننا من محاسبة الحكومات وأصحاب العمل في كلّ العالم على التحرّش الجنسي والعنف ضدّ العمال. سيكون للاتفاقية الجديدة، التي استُلهِمت من التجارب الكثيرة التي روتها النساء في أعقاب حملة #أنا_أيضا، أثر إيجابي كبير ليس فقط على النساء في مكان العمل، بل على جميع العمال.

حدّدت “اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرّش في عالم العمل” لسنة 2019 – التي صوّت لصالحها 439 من أصل 476 حكومة وصاحب/ة عمل وعامل/ة من كل أرجاء العالم في الأمم المتحدة بجنيف في يونيو/حزيران – تدابير رئيسية لمعالجة آفة التحرّش في العمل. من هذه التدابير اعتماد قوانين وطنية تحظر العنف في أماكن العمل وتتبنى إجراءات وقائية، فضلاً عن مطالبة أصحاب العمل بوضع سياسات خاصة بالعنف في أماكن عملهم. وتُلزِم الاتفاقية الحكومات أيضاً بتوفير سبل الانتصاف من خلال آليات التظلّم، والخدمات الموجَّهة للضحايا، ووضع تدابير تحمي الضحايا والمبلّغين من الانتقام.

انطلقت عملية التصديق على هذه الاتفاقية، وعبّرت عشر دول على الأقل عن رغبتها في المُصادقة عليها، ومنها الأرجنتين، والأوروغواي، وأوغندا، وإيرلندا، وأيسلندا، وبلجيكا، وجنوب أفريقيا، وفرنسا، والفلبين، وناميبيا. ومع التأييد والضغط الشعبي، يُتوقَّع أن تحذو المزيد من الدول حذوها. ومن المتوقّع من الدول أيضاً أن تُجري إصلاحات وطنية، حتى وإن لم تُصادِق على الاتفاقية.

التحرّش في مكان العمل ليس قدراً محتوماً، وهو يتغذّى من تقاعس الحكومات وأصحاب العمل عن الوقاية منه، وحماية الضحايا، ومعاقبة مرتكبيه. وجد تقريرٌ لـ “البنك الدولي” في 2018 أنّ 59 من أصل 189 اقتصاداً – بما في ذلك إيران وغواتيمالا واليابان – ليس لديها أي نصوص قانونية تحظر التحرّش الجنسي في العمل. كما وجدت منظمة العمل الدولية أيضاً أنّ القوانين الحالية كثيراً ما تُقصي العمال الأكثر عرضةً للعنف، مثل العاملات المنزليّات، وعمال المزارع، وأصحاب الوظائف غير المستقرة. مثلاً، قابلتُ مئات العاملات المنزليات المهاجرات في الشرق الأوسط، وتحدّث الكثير منهن عن التعرّض للضرب والتحرّش الجنسي والاعتداءات من قبل أصحاب عملهن. كما أنهنّ أكثر عرضةً لهذا العنف لأنّ قوانين العمل لا تشملهن، وتأشيراتهن مرتبطة بأصحاب عملهن، ولا يستطعن مغادرة أو تغيير وظائفهن دون موافقتهم.

إذاً، ما الذي نأمل أن يتغيّر نتيجة لذلك؟

تشريعات وطنية جديدة، وإصلاح للقوانين الحالية، والتزام أكبر بالتنفيذ

يتعيّن على الدول حظر العنف والتحرّش في العمل، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، في قوانينها وسياساتها. وعلى الدول تنظيم حملات وقاية، وعمليات تفتيش وتحقيق، وتمكين الضحايا من سُبل التظلم والانتصاف، بما يشمل التعويض. عليها أيضاً حماية المبلّغين والضحايا من الانتقام. و

من المهمّ أيضاً أن تضمن الدول وضع أصحاب العمل لسياسات خاصة بأماكن العمل تعالج العنف والتحرّش، وتتضمّن تقييم المخاطر والتدابير الوقائية والتدريب.

زيادة زخم النقاشات العامة حول المسألة عبر الحملات الإعلامية وأمثلة ناجحة للتحقيقات والانتصاف

وجود أمثلة جيدة عن مكافحة العنف في أماكن العمل من شأنه إحداث تأثير إيجابي. تستطيع الحكومات العمل مع أصحاب العمل ومنظمات العمال للقيام بحملات إعلامية تستهدف أعرض شريحة من الجمهور، فضلاً عن حملات خاصة تسلّط الضوء على عدم التسامح مع التحرّش والتبليغ عنه والإجراءات التي ستتخذ حياله.

وأيضاً إجراءات التظلّم الفعّالة والمتاحة، والتحقيقات الناجحة من قبل أصحاب العمل والسلطات، والعقوبات التي تستهدف الجناة أو أصحاب عملهم، وسبل الانتصاف للضحايا كلها تدابير ستشجع المزيد من النساء على تقديم شكاويهن والمساعدة في ردع الانتهاكات.

مثلاً، بينما تستعين العلامات التجارية ومصانع الملابس بمدققين اجتماعيين لدراسة ظروف العمل في المصانع، تعتمد عمليات التدقيق الاجتماعي هذه أساساً على مقابلات تُجرى داخل المصانع مع العمال الذين قد يخشون الانتقام، ما يجعلها في الغالب غير قادرة على رصد التحرّش الجنسي في أماكن العمل. في المقابل، تكون العاملات اللاتي يتحدّثن خارج المصانع أقل قلقاً من الانتقام. لقد وجد “اتحاد حقوق العمال”، وهو منظمة دولية تُعنى بحقوق العمال، أدلةً على حصول تحرّش جنسي في ثلاثة مصانع في ليسوثو بعد إجراء مقابلات مع العاملات خارج أماكن العمل. بينما كانت كل هذه المصانع تعتمد على عمليات تدقيق اجتماعي تنفّذها أطراف ثالثة.

على إثر ذلك، وقّعت إدارة المصنع اتفاقات قانونية مُلزِمة مع النقابات وثلاث علامات تجارية، تعهّدت فيها بتنفيذ برنامج تصمّمه نقابات المصنع مع منظمتين محليتين بارزتين في مجال حقوق المرأة. اشتمل البرنامج على إنشاء هيئة تحقيق مستقلّة للنظر في التظلّمات المتعلّقة بالتحرّش الجنسي وتدابير الحماية المُمكنة من الانتقام، ونصّ على أنّ سياسات المصانع بشأن العنف والتحرّش القائمين على النوع الاجتماعي تنطبق أيضاً على المزوّدين والأطراف الثالثة المتعاقد معها.

الانتباه إلى القطاعات غير البارزة والأكثر هشاشة والبعيدة عن أضواء الإعلام، لكنها تواجه أكثر الانتهاكات في أماكن العمل

العنف في أماكن العمل لا يقتصر على العاملات/ين بأجر. الحماية من العنف يجب أن تشمل أيضاً الأشخاص المعرّضين لخطرٍ أكبر، مثل المتطوّعات/ين، والمتدرّبات/ين، والمتقدّمات/ين للعمل أو الباحثات/ين عنه. لقد سلّطت الكثير من النساء الضوء على الحصول على وظيفة مقابل الجنس ومدى انتشار هذه الظاهرة. ويتعيّن على الشركات التحقيق في هذا السلوك ومعاقبته.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، دعا ناشطون في اليابان الحكومة والشركات والجامعات إلى القضاء على التحرّش الجنسي الواقع على الطالبات الباحثات عن عمل.

نقابات العمال حول العالم حفّزها تبنّي الاتفاقية الجديدة، وهي تخطط للقيام بحملات دعم للمصادقة عليها. ستسلط هذه الحملات الضوء على الانتهاكات المنتشرة في العديد من القطاعات التي بقيت خارج دائرة الضوء. مثلاً، نظّم تجار السوق أنفسهم في العاصمة الأوغندية كمبالا للقضاء على التحرّش، وأطلق “الاتحاد الدولي لرابطات عمال صناعات الأغذية والمشروبات والفنادق والمطاعم والتبغ وتحالف رابطات العمال” (الاتحاد الدولي لرابطات العمال) حملةً عالمية في 2018 للضغط على “الماريوت”، أكبر شركة فنادق في العالم، للتوقيع على اتفاق إطاري عالمي لحماية العاملات من التحرّش الجنسي في كل فنادق ماريوت حول العالم. انطلاقاً من احتجاجات شهدتها فنادق ماريوت في كل أرجاء العالم، بما في ذلك تظاهرة العمل الدولي، لكن لم تستجب شركة ماريوت لدعوات مناقشة هذا الاتفاق العالمي، لكنها أعلنت في سبتمبر/أيلول 2018 أنها سوف تستمر في توفير أجهزة التنبيه، المعروفة بـ “أزرار الطوارئ”، لعاملاتها في أمريكا الشمالية في 2020.

في المقابل، نجح الاتحاد الدولي لرابطات العمال في يناير/كانون الثاني 2019 في التفاوض مع سلسلة الفنادق الإسبانية ومتعدّدة الجنسيات “ماليا” بشأن أول اتفاق عالمي حول التحرّش الجنسي في قطاع الفنادق، وفي سبتمبر/أيلول 2019، نجح أيضاً في التفاوض مع سلسلة الفنادق الفرنسية ومتعدّدة الجنسية “أكور إنفست” بشأن تدابير مكافحة التحرّش الجنسي في العمل، بما يشمل نشر معلومات مفصلة حول سياسة عدم التسامح مع التحرّش.

يتعيّن على الدول أيضاً تحديد قطاعات وترتيبات العمل التي تجعل العمال أكثر عرضةً للعنف والتحرّش. فعاملات المنازل، وعاملات وعمال الملابس – أغلبهم نساء – وأصحاب الوظائف غير المستقرة، مثل العاملين بعقود قصيرة المدى أو في وظائف غير طويلة، قد يكونون ضحيةً للانتهاكات. قد يضع صاحب العمل آليات تظلّم، لكن وضع هذه الآليات لا يجب أن تعني نهاية الوظيفة أو المهنة. وسيكون من الضروري معالجة جميع هذه المسائل حتى تتوفر حماية لجميع هؤلاء العاملات والعمال.

الإقرار بأن التحرّش الصادر عن الأطراف الثالثة أو العمال هو مشكلة تتعلّق بالأمان في مكان العمل أيضاً

يتعيّن على الحكومات وأصحاب العمل أيضاً التطرّق إلى الأطراف الثالثة التي تُمارس التحرّش أو تتعرّض له. من هؤلاء: المرضى الذين يتحرّشون أو يتعرّضون للتحرّش من قبل الموظفين الطبيين؛ والزبائن وعاملات وعمال الخدمات؛ والمدرّسين وطلابهم.

بحسب استطلاع أجرته “الرابطة الوطنية لمعلمي المدارس/اتحاد المعلمات” في المملكة المتحدة في 2018، قالت واحدة من كل خمس عضوات إنها تعرّضت للتحرّش الجنسي في المدرسة من قبل زميل أو مدير أو وليّ أمر أو طالب منذ بداية عملهن كمدرّسات.

السلامة في العمل مهدّدة ليس فقط من قبل الزملاء والمدراء، ولكن أيضاً من قبل الأشخاص الذين نتفاعل معهم لغرض العمل.

لقد ساعدت حركة #أنا_أيضا في فضح الانتهاكات المتفشّية التي تواجهها النساء في أماكن العمل. وينبغي أن يشهد 2020 انطلاق الإصلاحات الهيكلية الضرورية للقضاء على العنف والتحرّش لأجلهن ولأجل جميع العمال في العالم.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.  

حملة #أنا_أيضا (#MeToo)

حملة #أنا_أيضا (#MeToo)

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015