بولندا/وكالات- أعلن وزير العدل البولندي زبيغنيف جوبرو، يوم السبت، أنّ بولندا ستنسحب من معاهدة أوروبية معروفة باسم ”اتفاقية اسطنبول“ تهدف إلى منع العنف ضد المرأة. والمعاهدة هي أول صك ملزم في العالم لوقف العنف ضدّ المرأة، بما فيه الاغتصاب الزوجي، وصولاً إلى تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان).
وقال الوزير البولندي جوبرو أن اتفاقية اسطنبول ”ضارة“ لأنّها تتطلّب من المدارس تعليم الأطفال حول النوع الاجتماعي، وأضاف أن الإصلاحات التي أُدخِلت على البلاد في السنوات الأخيرة؛ وفّرت حماية كافية للنساء. وتابع جوبرو أن الحكومة ستبدأ رسمياً عملية الانسحاب من المعاهدة يوم الاثنين، وجادل بأنّ الاتفاقية انتهكت حقوق الوالدين، و ”تحتوي على عناصر ذات طبيعة أيديولوجية“.
و ردّاً على سؤال عما إذا كانت هناك عواقب للانسحاب من الاتفاقية، رد الوزير بأنّ بولندا تفي بأعلى متطلّبات اتفاقية اسطنبول لحماية المرأة من العنف و ”المعايير البولندية أعلى من بنود الاتفاقية في بعض المجالات“. كما أكّد أنّه بعد إنهاء بولندا للاتفاقية، لن يتغيّر شيء في هذا الصدد.
وفي الوقت نفسه، أعلن وزير العدل البولندي أنه سيتم تشديد العقوبات على الجرائم الجنسية، وقال: ”سنقوم بتنفيذ مبادرة أخرى مهمة للنساء، وهي جعل العقوبات على الجرائم الجنسية أكثر شدّة، وخاصةً في حالات الاغتصاب”.
وأضاف الوزير في هذا الصدد، أنّه سيتخذ الإجراءات اللازمة حتى ”يتمّ سجن البلطجية والمغتصبين الذين يرتكبون مثل هذه الجريمة لسنوات وفي بعض الحالات ربما مدى الحياة“.
وكانت الحكومة البولندية الوسطية السابقة قد وقّعت على المعاهدة في عام 2012، وتمّ التصديق عليها في عام 2015، وعندها وصفها وزبر العدل الحالي جوبرو بأنها ”اختراع، يهدف إلى تبرير (أيديولوجية المثليين)“.
ويوم الجمعة الماضي، نزل آلاف الأشخاص معظمهم من النساء للشوارع اعتراضاً على هذه الخطوة في عدّة مدنٍ في أنحاء البلاد، لاسيما العاصمة وارسو، وذلك ضمن حملةٍ ضدّ الانسحاب من “اتفاقية إسطنبول”.
وقالت مارتا ليمبار منسقة المسيرة لوكالة رويترز للأنباء إن “الهدف (من الانسحاب) هو تشريع العنف الأسري”.
من جهته؛ أكّد رئيس مدينة وارسو رافاو تشاسكوفسكي اليوم الاثنين أنّ انسحاب بولندا من اتفاقية اسطنبول يعدّ ”فضيحة“ ، وعلى جميع القوى السياسية الاهتمام بمكافحة العنف الأسري. وأشار أنّ الحكّام ”يريدون تشديد الخناق على جميع القضايا، أي أنهم يريدون مهاجمة حقوق المرأة مرة أخرى، ويريدون مهاجمة الحكومات المحلية المستقلّة ووسائل الإعلام المستقلّة مرةً أخرى“. كما أعرب تشاسكوفسكي عن أمله في أن ”لاتسمح المعارضة والمواطنين للحكام بالوصول إلى هذا الحد“.
بدوره؛ أدان مجلس أوروبا، أقدم منظمة لحقوق الإنسان في القارة الأوروبية، على لسان أمينته العامة ماريا بيجينوفيتش بوريتش، خطة حكومة القانون والعدالة اليمينية لانسحاب. وأضافت بوريتش “أنّه لا ينبغي على بولندا الانسحاب من اتفاقية اسطنبول“، و “الخروج منها سيكون مؤسفاً وخطوة كبيرة إلى الوراء في حماية النساء من العنف في أوروبا“.
وتابعت قائلةً في بيانها ”في حالة وجود أي سوء فهم أو سوء فهم فيما يتعلّق بالاتفاقيات، نحن على استعدادٍ لتوضيحها في حوارٍ بنّاء“. وأكّدت أن الهدف الوحيد لاتفاقية اسطنبول هو مكافحة العنف ضدّ المرأة والعنف المنزلي، ولا تنصّ المعاهدة صراحةً على زواج المثليين.
أُعدت اتفاقية اسطنبول لـ منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي في عام 2011، ودخلت حيّز التنفيذ في آب/أغسطس 2014.
يُذكر أن منظمة الصحة العالمية قالت في وقتٍ سابق، إنّ العنف المنزلي تصاعد في أوروبا هذا العام، على خلفية أشهرٍ من الإغلاق في العديد من البلدان، بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.