تجارب نساء مع إعلانات الوظائف الوهمية.. البداية فرصة عمل والنهاية خدمة جنسية
البداية فرصة عمل والنهاية خدمة جنسية

الزهراء عبد الوهاب/ raseef22- “لو عايزة تقلعي الحجاب في الشركة براحتك، أنا دايماً هكون معاكي، وهفسّحك وأخرجك”، و”كل مرة هنتقابل هدّيكي ألف جنيه”؛ هكذا كانت ردود بعض المعلنين عن وظائف مختلفة على بعض الفتيات اللواتي استجبن لإعلانات تلك الوظائف، وقدمن للحصول على فرصة العمل، لتكون المفاجأة بأن ما يبدو في الظاهر إعلاناً عن وظيفة في شركة جيدة أو فندق مشهور، ما هو إلا إعلان وهمي لتقديم خدمة جنسية سواء للمعلن أو لمن يرغب في ذلك عن طريقه.

وتحتل مصر المرتبة الثانية في العالم بعد أفغانستان في ما يتعلق بالتحرش الجنسي، وتشير دراسة صادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن أكثر من 99 في المئة من الفتيات والنساء المصريات تعرّضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي في حياتهن. ووفقاً للدراسة ذاتها، لا تشعر معظم المصريات بالأمان أو السلامة في الشارع، وكذلك في المواصلات العامة.

“كنت أبحث عن فرصة عمل، فنشرت على إحدى المجموعات الخاصة بذلك على موقع فيسبوك عن حاجتي إلى وظيفة، وبعدها تواصل معي شخص يعرض علي إقامة علاقة جنسية كاملة، بمقابل مادي قدره ألف جنيه (54 دولاراً)، عن كل مرة نتقابل فيها”، هكذا تحدثت مريم (26 عاماً) من سوهاج إلى رصيف22.

وأضافت مريم*: “لم أتقدم بأي بلاغات ضد هذا الشخص حتى لا أتسبب في مشكلات لي ولأسرتي”.

“تدريب قبل بدء العمل”

ومن الجيزة، تقول سهيلة* (35 عاماً)، وهي حاصلة على دبلوم تجارة، إنها تعرضت للتحرش الجنسي أكثر من مرة بعد تقدمها إلى عدد من الوظائف، وجاءت المرة الأولى عند الالتحاق بوظيفة خدمة العملاء في أحد فنادق الهرم، والتي تطلبت منها إقامة علاقات جنسية عن طريق المحادثات الهاتفية.

وتتابع في حديثها إلى رصيف22: “المرة الثانية تمثلت في إعلان أحد مراكز التجميل عن حاجته إلى مدلّكة مساج، ولكن الهدف الحقيقي من العمل كان إثارة الرجال وإيصالهم إلى مرحلة النشوة الجنسية، من دون إقامة علاقة جنسية كاملة”، مؤكدةً أن المؤسسة عرضت عليها التدريب قبل البدء في العمل، إذا لم تكن لديها خبرة.

وعلى غرار مريم، رفضت سهيلة التقدم ببلاغ رسمي ضد أصحاب هذه الإعلانات، لعدم إجبارها على شيء من قبل المعلنين، بل بالعكس هم يشرحون المطلوب بصورة صريحة وواضحة وفق قولها.

وتقول سوزان*، وهي كاتبة محتوى في عقدها الثاني، وتسكن في القاهرة: “بعد تخرجي تواصلت مع أحد الأشخاص في شركة لها فروع داخل مصر وخارجها، وحدد لي موعد مقابلة للعمل، وفي الفترة بين أول تواصل وموعد المقابلة، بدأ بالحديث معي عن تفاصيل حياتي الشخصية، والتلميح إلى إمكانية تطور علاقة العمل إلى علاقة خاصة”.

وتسرد لرصيف22، أنها قدمت شكوى في قسم الموارد البشرية في الشركة ضد هذا الشخص، كما قصت لوالدها ما حدث بالتفصيل، الذي بدوره تواصل مع الشخص وأبدى رفضه الشديد لما بدر منه في حق ابنته.

وتحكي سها* (29 سنةً)، وهي سيدة مصرية مقيمة في دولة الكويت، عن تقدمها إلى وظيفة سكرتيرة في إحدى الشركات الخاصة في الكويت، ولكنها تفاجأت من طلبات صاحب العمل، كالبقاء من دون حجاب في الشركة، وارتداء ملابس معيّنة، كما سألها أسئلةً شخصيةً خاصةً بعد أن علم بانتقالها حديثاً مع زوجها إلى الكويت.

وقد تواصل رصيف22، مع أحد المعلنين عن وظيفة سكرتيرة في إحدى الشركات الخاصة، وكان الراتب المخصص للوظيفة 15 ألف جنيه (قرابة 820 دولاراً)، شرط أن تكون المتقدمة سكرتيرةً خاصةً لمدير الشركة، وفي أثناء الحديث معه أكد أنه سيحمل على عاتقه مهمة التنزهات الخاصة مع السكرتيرة، وكذلك إمكانية خلعها الحجاب في أثناء وجودها في الشركة.

حاجة إلى تفعيل أكبر للقوانين

من جانبها، علّقت ندى عبد الله، وهي باحثة حقوقية ونسوية، بأن إعلانات الوظائف الوهمية التي تنتهي بطلبات جنسية من المتقدمين، تدخل تحت بند الإتجار بالبشر، ونوع من أنواع الدعارة الإلكترونية، مؤكدةً أنه لا توجد إحصائيات خاصة بمثل هذه الحوادث في مصر.

وتابعت: مثل هؤلاء المعلنين يقعون تحت طائلة قانون العقوبات المصري في مواده الخاصة بالإتجار بالبشر، موجهةً حديثها إلى الفتيات بضرورة التحري عن أسماء الشركات التي يرغبن في العمل فيها، وضرورة تقديم بلاغات ضد من يعلن عن مثل هذه الوظائف، إذ يستغل أصحاب الشركات العوز المادي والاقتصادي لبعض النساء والفتيات، بجانب قلة خبراتهن وصغر سنهن، لزجهنّ في الأعمال المنافية للآداب.

وأشارت عبد الله في حديثها إلى رصيف22، إلى أن “المراقبة، سواء المجتمعية أو القانونية على مثل تلك الإعلانات قد ازدادت في الفترة الأخيرة، نتيجة كتابة الفتيات بعضاً من تجاربهن، خاصةً على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف نشر الوعي بشأنها، بجانب تأدية مباحث الإنترنت مهامها بصورة جيدة، بالإضافة إلى تطور قانون التحرش الجنسي في مصر، بالرغم من وجود بعض أوجه القصور فيه، من حيث صعوبة الإثباتات”.

وأكد فتحي فريد، مؤسس مبادرة “أمان” لمناهضة العنف الجنسي، أن مثل هذه الإعلانات لا تقع تحت بند العرض والطلب، إذ إن المتقدمات لشغل الوظائف لا يعلمن منذ البداية نية المعلن عن تقديم خدمة جنسية من خلالهن، ولكنه يستغل الوضع المادي وفقر الفتيات وحاجة النساء إلى العمل.

وعن سبب عزوف الفتيات عن تحرير محاضر ضد هؤلاء المعلنين، صرح فريد لرصيف22، بأن العامل الأساسي في ذلك هو عدم الثقة ببعض جهات البلاغات، والتي من الممكن أن تُسرب البيانات الخاصة بالفتيات إلى المتهمين من خلالها، مما يجعلهن عرضةً للابتزاز والتشهير.

وتابع: “بالرغم من وجود عدد كبير من القوانين التي تجرّم مثل هذه الأمور، كقانون العقوبات، وقانون التحرش الجنسي، إلا أنها ليست مفعّلةً بالصورة المرجوة، لمناهضة مثل هذه الحوادث”.

البلاغات ضرورية

بدوره، أشار المحامي محمد فرحات، إلى أنه طبقاً لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لسنة 2018، وفي المادة 27، “يعاقب بالحبس مدةً لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه، ولا تزيد عن ثلاثمئة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار أو استخدم موقعاً أو حساباً خاصاً على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً”.

وأضاف فرحات لرصيف22، أن المعلنين عن مثل هذه الوظائف يقعون تحت طائلة عدد من القوانين المصرية الأخرى، منها قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961، الذي ينص في المادة 14، على أن “كل من أعلن بأي طريقة من طرق الإعلان دعوةً تتضمن إغراءً بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك، يعاقب بالحبس مدةً لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد عن مئة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين”. كما أن المادة رقم 1 من القانون نفسه تنص على أن “كل من حرّض شخصاً، ذكراً كان أو أنثى، على ارتكاب الفجور أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقَب بالحبس مدةً لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة من مئة جنيه إلى ثلاثمئة جنيه”.

وأكد فرحات أن خطوات تقديم البلاغات سهلة وبسيطة، وتتم بسرّية تامة، وتكون إما بالتوجه إلى مقر مباحث الإنترنت في العباسية، أو بالتوجه إلى أقرب قسم شرطة، وسرد الواقعة وتقديم الدلائل التي عادةً ما تكون الرسائل بين الطرفين.

ومن جانبها، تقول سناء السعيد، عضو المجلس القومي لحقوق المرأة المصرية لرصيف22، إنه يجب على الفتيات ألا يقدمن للتوظف في أي شركات غير معروفة، أو عبر أي إعلان غير موثوق المصدر على مواقع التواصل الاجتماعي، والالتزام بما يُطرح على بوابة الحكومة المصرية، والجرائد الرسمية فحسب.

موضحةً أن “من يقوم بذلك يلعب على مشاعر الناس واحتياجاتهم المادية والاقتصادية”، مشددةً على ضرورة نشر الوعي بين الفتيات بمثل هذا الإعلانات.

* جميع المتحدثات فضّلن استخدام اسمهنّ الأول فقط حفاظاً على الخصوصية

البداية فرصة عمل والنهاية خدمة جنسية

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015