إيمان وردة/swnsyria- تُعامل المرأة في سوريا، مثل باقي الدول العربية والإسلامية، على أساس الجنس والشريعة والعادات والتقاليد، حيث ما زالت وصاية الرجل على المرأة مستمرة من خلال الأب والأخ والزوج وبقية ذكور العائلة، وتمّ تكريس هذا الحقّ المسطور في القانون بواسطة العادات والتقاليد، وما زالت المرأة تُعامل كجسد أو كشيء يُباع ويُشرى حسب السوق.
وقد وقعت سوريا تحت ويلات حرب طاحنة لم تبقِ فيها إلا المشاكل والدمار. فهي تعيش حالة اقتصادية مزرية مع تردّي وضع أغلبية السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، وتُعاني من مشاكل أمنية وأخلاقية وأزمات نفسية لا تنتهي، ولا يوجد أفق لأي أمل قريب.
وخلال سنوات الحرب هذه، تحمّلت المرأة السورية العبء الاكبر، فهي غالباً المُعيل الرئيس للأسرة، لأنّ الزوج أو الأب أو الأخ هو شهيد أو مغيّب أو معتقل أو مختَطَف أو مقاتل أو مهاجر، وحلّت النساء في سوق العمل، لكن بأجور زهيدة وبشروط صعبة جداً.
وفي مخيّمات النزوح يزداد الوضع سوءاً، فالفتيات يُمارس عليهنّ جميع أنواع العنف والاضطهاد، من عنف ودعارة.. إلى زواج قاصرات. وحسب الإحصائيات فإن 32 بالمئة من الفتيات يُزوَّجن تحت سنّ الثامنة عشرة، وتُباع بعض الفتيات لدول الخليج للعمالة المنزليه والدعارة. وقد سجّل المركز السوري للدراسات والأبحاث القاانونية عام 2015 ارتفاع نسبة زواج القاصرات من 7 بالمئة إلى 30 بالمئة، رغم تجريم القانون لزواج القاصرلت تحت سنّ 18.
كما زادت نسبة الطلاق كثيراً في سوريا نتيجة الظروف الاقتصادية الكارثية والانفلات الأمني والأخلاقي وتفشّي الإجرام والمحسوبية، حيث تتعرّض 50 بالمئة من النساء للضرب والعنف في السنوات الأخيرة.
وارتفعت حالات الانتحار بشكل ملحوظ في العامين الأخيرين. كما زادت حوادث الاختطاف وجرائم القتل والسرقة بشكل مرعب.
أسباب العنف
إذا أردنا أن نعدّد أسباب العنف المُتزايد ضدّ النساء فهي كثيرة أهمها:
1 العادات والتقاليد
2 النصوص الدينية التي تُحلّل الغنف ضدّ المرأة وتكرّس ضعفها وقصورها
3 النظرة المجتمعية الخاطئة للمرأة
4 التعايش مع العنف بأنه حقّ مشروع
5 عدم الرغبة بترك البيت لعدم وجود بدائل
6 عدم الاكتفاء المادي غالباً
7 تكريس الإعلام للعنف بشكل متزايد، وفي الأعمال الدرامية خاصة
8 قصور القوانين وعدم التقيّد بها غالباً
وتعتبر سوريا من الدول التي وافقت على الانضمام الى اتفاقية السيداو، وهي الاتفاقية الخاصة بإلغاء جميع أشكال التمييز ضدّ النساء، منذ العام 2004؛ مع تحفّظات على المادة رقم 2 المتعلّقة بحقّ المرأة في منح جنسيتها لأولادها وبعض البنود الأخرى المتعلّقة بالميراث والحضانة وغيرها.
وفي شباط/ فبراير 2019؛ أقرّ مجلس الشعب السوري القانون رقم 4 لتعديل قانون الأحوال الشخصية. وتمّ تعديل كلمة نكاح إلى زواج، واعتماد يحلّان لبعضهما، وهو تغيير هامشي.
جرائم الشرف
في عام 2011 حلّت سوريا في المركز الثالث في جرائم الشرف بعد اليمن وفلسطين. ولم يُعَدَّل قانون الشرف حتى2020، واقتضى بإلغاء العُذر المُخَفّف لمرتكبِ ما يُسمى جريمة الشرف.
وقد تمّ تعديل بعض القوانين برفع سنّ حضانة الأطفال الذكور والإناث إلى سن 15، حيث يُخيّر الطفل بعدها مع من يريد أن يعيش، ولم يعد من حقّ الأب سحب حقّ الحضانة من الأم أو السفر دون موافقة الأم، حتى أثناء الزواج.
ويمكن للمرأة التراجع عن حقّ الحضانة والتراجع عن تنازلها عن النفقة عند الطلاق، كما يمكنها أن تستفيد من حساب قيمة المهر الشرائية عند الاستحقاق؛ وليس وقت توقيع عقد الزواج الفقرة 3 من المادة 5.
وفي قانون العقوبات السوري عدّة مواد تجرّم ضرب المرأة.
ورغم هذا التطوّر؛ فالعنف في تزايد ووتيرة مرتفعة، والأوضاع تزداد سوءاً مع مرور الوقت، والحلول يجب أن تدرس وتنفّذ وبحزم.
الحدّ من العنف ضدّ المرأة
1 المصادقة على اتفاقية القضاء على أشكال العنف ضدّ المرأة.
2 مُعاقبة كل من يُمارس العنف وفق القوانين والتشريعات والتشديد على تنفيذ القوانين وتعويض المرأة عن الأضرار التي لحقت بها.
3 تطوير نهج وقائي يشمل تدابير قانونية وسياسية وإدارية وثقافية شاملة لتعزيز حماية المرأة من جميع أشكال العنف.
4 تخصيص موارد كافية في الميزانيات الحكومية لأنشطة القضاء على هذا العنف.
5 الاهتمام بقطاع التعليم لتعديل السلوكيات الاجتماعية والثقافية والتخلّص من الممارسات الخاطئة ضدّ المرأة.
6 تفعيل دور المنظمات الأهلية للقيام بدور حقيقي وفاعل في هذا المجال.
7 مراقبة الإعلام، وخصوصاً المرئي، وتقييد مشاهد العنف ضدّ المرأة جسدياً أو لفظياً أو سلوكياً؛ لما للإعلام من دور مهم في تشكيل الوعي الجمعي.
8 تأمين الحماية والسكن البديل للنساء المعنَّفات وبشروط إنسانية مريحة، لتوفير ملجأ للمرأة من عنف الزوج والأب والأهل.
وبالرغم من أنني أنتمي لمنطقة متحرّرة نسبياً وغير متشدّدة دينياً ومتطوّرة تعليمياً، فإنّ حوادث العنف ضدّ النساء موجودة وبكثرة، وفي كلّ المستويات وفي كلّ الأعمار، ولو أن النسبة قليلة مقارنةً بما يحدث في المناطق المتشدّدة أو مخيّمات النزوح. وتبقى لي أمنية صغيرة؛ أن لا تُزرَع في ذاكرة ابنتي حوادث العنف التي احتلت مساحة هامة في ذاكرتي، ولو أنها أمنية مستحيلة التحقيق.
قد يبدو الحديث عن المرأة والعنف المُمارَس عليها في سوريا المنكوبة نوعاً من الترف والرفاهية في غير وقتها، لكن لا يمكننا أن ندفن رؤوسنا في الرمل، بسبب تأثير هذا الأمر على تطوّر المرأة، وإعاقته مسيرتها باتجاه تحقيق المساواة في المجتمع.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.