“تشريع الإجهاض” أزمة تشعل الأردن
جمعية تضامن: تشريع الاجهاض!

عمان/ sputniknews- من جديد، عادت قضية الإجهاض لتتصدر الواجهة في الأردن، بعد مطالب بعض الجمعيات النسوية، بتعديل التشريعات القانونية، لتضمين حالات جديدة يجوز معها القيام بعملية الإجهاض.

ويعتبر قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 وتعديلاته أن الإجهاض جريمة معاقب عليها، سواء حصل من قبل المرأة الحامل نفسها، أو أقدم على ذلك شخص آخر غيرها، ولم يتناول القانون أية استثناءات يجوز فيها إجهاض المرأة.

وأجازت عدة فتاوى شرعية في الأردت عمليات الإجهاض في حالات بعينها، كما نصّ قانون الصحة العامة، في مادته الـ 12، على إجازة الإجهاض في حالة كانت صحة المرأة الحامل في خطر، أو قد يعرّضها حملها للموت.

ودعت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” إلى إجراء تعديل تشريعي يجيز الإجهاض للحفاظ على حياة الحامل أو صحتها البدنية أو النفسية أو سمعتها.

مطالب الإجهاض 

وطالبت “تضامن” في بيانٍ لها نهار الاثنين، بأن يتضمن قانون العقوبات الأردني تعديلات تجيز إجهاض المرأة الحامل في ظل ظروف معينة كالاغتصاب، ووجود خطر على صحة المرأة الحامل البدنية والنفسية وغيرها من الظروف التي من شأنها التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر في حقوق النساء والفتيات.

وتجد تضامن بأن “قانون العقوبات الأردني لم يتضمن أي نص يجيز فيه الإجهاض، فالمرأة التي تجهض نفسها أو رضيت أن يستعمل لها غيرها أية وسيلة للإجهاض تعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات (المادة 321)، ويعاقب من أقدم على إجهاض إمرأة برضاها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات (المادة 322/1) وإذا أفضى الإجهاض الى موت المرأة عوقب الشخص بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن خمس سنوات (المادة 322/2).

كما عاقب القانون من تسبب بقصد بإجهاض امرأة دون رضاها بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد عن عشر سنوات (المادة 323/1) ولا تنقص العقوبة عن عشر سنوات إذا أدى الإجهاض الى موت المرأة (المادة 323/2)، وترتفع العقوبة مقدار الثلث إذا كان من ارتكب تلك الجرائم طبيبًا أو جراحًا أو صيدليًا (المادة 325).

وتابع البيان: “تشير تضامن إلى نص مشابه لنص المادة 340 من قانون العقوبات والمتعلق بما يسمى جرائم الشرف، وهو نص المادة 324 من نفس القانون حيث تستفيد من العذر المخفف من أجهضت نفسها حفاظًا على شرفها، وكذلك يستفيد منه من أقدم على إجهاض إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة حفاظًا على شرفها”. وهما نصان تطالب تضامن منذ زمن بإلغائهما.

وتطالب تضامن بضرورة أن “يتضمن قانون العقوبات الأردني من خلال إجراء التعديلات القانونية اللازمة نصوصاً تجيز إجهاض المرأة الحامل في ظل ظروف معينة كالاغتصاب ووجود خطر على صحة المرأة الحامل البدنية منها والنفسية وغيرها من الظروف التي من شأنها التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على حقوق النساء والفتيات”.

حقوق النساء 

منير إدعيبس، المدير التنفيذي لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، قال إنهم “طالبوا بضرورة إجراء تعديلات تشريعية على القوانين المتعلقة بالإجهاض لتوسيع الحالات التي يشملها القانون”.

وأضاف في تصريحاتٍ لـ “سبوتنيك”، أن “القانون الأردني يجيز عملية الإجهاض إذا كان هناك تهديد على صحة الأم، وكذلك لابد أن يكون عند تهديد صحة الأم النفسية”.

وتابع: “لم تخرج هذه المطالب للمرة الأولى، فطالبنا بها منذ سنوات طويلة، لكن تم تعديل قانون العقوبات في عام 2017، ولم يتضمن فيه الجزء الخاص بالإجهاض”.

وأكّد أن “المرأة التي تحمل نتيجة الاغتصاب يسبب لها الحمل آلام نفسية لا يمكن تحملها، لذا لابد من أن يحدث الإجهاض للأجنة في تلك الحالات”.

وعن عدد الحالات التي تحمل فيها المرأة بالأردن نتيجة الاغتصاب، قال إدعيبس، إن “الأعداد ليست كبيرة، وليس هناك إحصائية رسمية دقيقة، لكن في عام 2018 كان هناك تقريبًا 140 حالة”.

وأضاف أن “عدد الحالات لا تعد مقياسًا، فلو هناك حالة واحدة لابد أن يتم تعديل التشريعات، لضمان حقوق النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للاغتصاب أو لزنا المحارم”.

وبشأن التوجّهات التشريعية نحو مطالب الإجهاض، أضاف: “أعتقد أن هناك توجهًا برلمانيًا وتشريعيًا حول عمليات الإجهاض، خصوصا إنه تم السماح للإجهاض في حالة الاغتصاب، لكن يتم ذلك على كل حالة منفردة، لذا من السهل أن يتم التعميم”.

ضوابط شرعية 

سليمان حويلة الزين، رئيس لجنة الحريات بالبرلمان الأردني، قال إن “هناك ضوابط شرعية لعملية الإجهاض، شرعًا لا يجوز إزهاق روح، من خلال تقنين هذه العمليات المزعجة”.

وأضاف في تصريحاتٍ لـ “سبوتنيك”، أن “القوانين الوضعية يجرم عمليات الإجهاض، ويحدد عقوبات رادعة على الأشخاص الذين يقومون بتلك العمليات، أو الأطباء المشرفون عليها”.

وأكّد النائب البرلماني، أن “لكل مجتمع عاداته وتقاليده، ومثل هذه العمليات مخالفة لعادات وتقاليد وقوانين الأردن، إلا في بعض الاستثناءات التي حددها القانون، ومنها إذا كان في استمرار الحمل خطورة على المرأة الحامل، يمكن أن يتم الإجهاض، وهذا لابد أن يكون مضبوط بأمر طبي”.

وتابع: “هناك بعض الاتجاهات التي تنادي بتشريعات لتوسيع استثناءات عمليات الإجهاض، لتشمل حالات الاغتصاب وزنا المحارم، والحالات غير المشروعة، لكن الكثيرون وأنا منهم لا تميل إلى الاعتداء على شريعة الله”.

وأنهى حديثه قائلًا: “البعض يقول إن مثل هذه المطالب تتساوى مع الحريات وحقوق الإنسان، لكن أنا لا أفضلها، ولا أحبذ الميل لها، فمن يحق له إزهاق الروح غير خالقها”.

مراجعة دينية 

من جانبها قالت النائبة بلجنة الحريات في مجلس النواب الأردني، وفاء سعيد يعقوب، إن “هناك ما يسمى بالإجهاض القانوني، والذي حدّده القانون الأردني في سببين؛ الأول لوجود خطر على حياة الأم، والثاني وجود خطر على حياة الجنين ويجب أن يتم ذلك بتقارير طبية موثقة”.

وأضافت في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “بالنسبة للموضوع المتعلق بجواز الإجهاض للمغتصبات والحاملات نتيجة سفاح الأقارب، ضروري جدا إعادة النظر فيه من قبل المرجعيات الدينية، التي يمكن لها أن تقوم بإصدار الفتاوى اللازمة، لحث المشرعين على جواز ذلك”.

وتابعت: “هناك بعض الأصوات والمذاهب التي أجازت هذا الأمر، لما فيه من ضرر كبير على الأم، لكن أهم ما في الحق في الإجهاض، مراعاة الحق في الحياة، لابد أن تكون الأمور موضوعة والفتاوى مستندة إلةى رؤية شاملة وواضحة”.

وأشارت إلى “ضرورة أن يكون هناك مراجعة لهذا الأمر بصورة مستنيرة، نتيجة وجود أيضًا حالات للاغتصاب الجماعي بسبب الصراعات المسلحة، واستخدام الاغتصاب كآداة للحرب والصراع في بعض المناطق، وعدم القدرة على معرفة الأب البيولوجي، وبالتالي يكون درأ المفاسد أولى من جلب المنافع فيها”.

ومضت قائلة: “لابد الآن على كل الحركات النسوية من الاستعانة بالفقهاء من أجل مناقشة مثل هذه الحالات ووضعها موضع تفصيل واهتمام، ومحاولة إيجاد الفتاوى والأحكام الشرعية التي تتناسب مع مثل هذه الحالات، خاصة وأن الضرر يكون بعد الولادة أكبر، وقد تتعرض حياة الأم للخطر ليس نتيجة للحمل، بل استهدافها كونها حاملا في مجتمع معين رغم كونها غير مرتبطة أو متزوجة”.

التعديلات المطلوبة

واقترحت تضامن إجراء تعديل على نص المادة 12 من قانون الصحة العامة رقم 47 لعام 2008 ليشمل “الإجهاض الناشئ عن جريمة اعتداء جنسي، أو للحفاظ على البدنية أو النفسية أو سمعتها، وتاليا التعديلات المقترحة على النص الأصلي بأن يحظر على أي طبيب وصف أي شيء بقصد إجهاض امرأة حامل أو إجراء عملية إجهاض لها إلا إذا كانت عملية الإجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدد صحتها أو يعرضها للموت أو كانت عملية إجهاض لحمل ناشئ عن جريمة اعتداء جنسي وقع على الحامل وعلى أن يتم ذلك في مستشفى شريطة توافر ما يلي:

– موافقة خطية مسبقة من الحامل بإجراء العملية وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة أو عجزها عن النطق تؤخذ هذه الموافقة من زوجها أو ولي أمرها .

– شهادة من طبيبين مرخصين ومن ذوي الاختصاص والخبرة أو من إدارة الطب الشرعي تؤكد وجوب إجراء العملية للمحافظة على حياة الحامل أو صحتها البدنية أو النفسية أو سمعتها.

– تضمين قيود المستشفى اسم الحامل وتاريخ إجراء العملية ونوعها والاحتفاظ بالموافقة الخطية وبالشهادة الطبية لمدة عشر سنوات على أن تزود الحامل بشهادة مصدقة من مدير المستشفى بإجراء هذه العملية لها وتعامل هذه القيود بسرية تامة.

وبحسب تضامن خرجت فتوى لمجلس الإفتاء الأردني بقرارها رقم (204)(14/2014) والصادرة بتاريخ 11/9/2014 بعنوان “حكم إجهاض الحمل الناتج عن الاغتصاب”، وقال مضمون الفتوى إن “لما كان الحمل الناتج عن هذه الجريمة سببا في تعظيم أذاها وإثارة الفتنة والعداوة في المجتمع، رأى مجلس الإفتاء إرشاد الضحية إلى مراجعة دائرة الإفتاء للنظر في ملابسات القضية، والاطلاع على ظروف الحمل وما يؤثر في الحكم الشرعي، لتنظر كل حالة على حدة، وتصدر الفتوى بخصوصها بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، فالضرورات تقدر بقدرها”.

وبلغ عدد النساء اللاتي عوقبن بجريمة الإجهاض وفق وزارة العدل الأردنية منذ عام 2009 حتى عام 2016 49 امرأة، وهنّ بحسب السنوات ثلاث نساء عام 2009، وثلاث نساء عام 2010، وامرأتان عام 2011، وخمس نساء عام 2012، وسبع نساء عام 2013، و12 امرأة عام 2014، و11 امرأة عام 2015، و6 نساء عام 2016.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

جمعية تضامن: تشريع الاجهاض!

تضامن : الدعوة الى تعديل تشريعي يجيز الإجهاض للحفاظ حياة الحامل أو صحتها البدنية أو النفسية أو سمعتها

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015