‘‘تعنيف النساء‘‘ ظاهرة تتفاقم
النساء ضحايا العنف في الأردن

الأردن/ جريدة الغد- تشكل ضرورة تقديم شكوى رسمية من قبل النساء المعنفات اللواتي يلجأن لدار الوفاق (مركز إيواء النساء المعنفات) عقبة كبيرة بوجه العديد من ضحايا العنف اللواتي يبحثن عن الحماية بطريقة سلمية دون الدخول في مواجهات قضائية.
اشتراط تقديم شكوى يؤكد “عدم مطابقة دار الوفاق الأسري للمعايير الدولية التي تكفل تأمين حياة آمنة ومستقرة للمعنفات”، حسب ما أكده خبراء في حقوق الانسان في الوقت الذي تبحث فيه الكثير من النساء المعنفات عن حلول ودية دون اللجوء إلى القضايا والمحاكم.
ورغم ذلك، أكدت مفوّض الحقوق والحريات في المركز الوطني لحقوق الإنسان المحامية الدكتورة نسرين زريقات عدم تلقي “المركز” شكاوى من نزيلات مراكز دور الإيواء ضحايا العنف ولكن تلقى من ذويهن طلبات مساعدة تتعلق بتقديم حلول لإخراجهن من الدار وضم الفتيات والنساء تحت رعايتهم وبالتواصل مع دار الوفاق الاسري.
كما لم يرصد المركز الوطني لحقوق الإنسان أي حالات انتهاك داخل مراكز دور الايواء خلال هذا العام.
المستشارة القانونية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني أسمى خضر تؤكد بدورها أن الأصل في مراكز الإيواء أن تستقبل النساء المهددات بالعنف مباشرة وتقدم الحماية لهن دون الحاجة إلى أن تحول بشكل رسمي من قبل إدارة حماية الأسرة.
ووفق المحامية والناشطة في حقوق الإنسان في اتحاد المرأة الأردنية هالة عاهد، تبين أن إجبار ضحايا العنف على تقديم شكوى حول طبيعة العنف الواقع عليهن قبل الدخول إلى دار الوفاق الأسري، مركز إيواء النساء المعنفات، مخالف  للمعايير الدولية وينتهك حقها في الحصول على الحماية مباشرة، سيما وأنهن غير قادرات على مواجهة المعنف.
ميساء – اسم مستعار- إحدى الحالات التي رفضت الذهاب إلى دار الوفاق الأسري، خوفا من تقديم شكوى رسمية.
قلق ميساء من تحويلها إلى مديرية حماية الأسرة والدخول في قصص ومتاهات قضايا التبليغ والشكاوى دفعها للجوء إلى دار الضيافة في الاتحاد النسائي الذي قام بدوره باستقبالها وتأمين الحماية لها ومن ثم تبليغ المحافظ بوجودها في الدار.
مخالفة دار الوفاق الأسري للمعايير الدولية لا تنحصر بتقديم الشكوى حسب المحامية خضر، بل إن قصر إقامة ضحايا العنف بدار الوفاق يشكل أيضا تحديا كبيرا بالنسبة للنساء المعنفات، حيث يتم الضغط عليهن وبعد فترة محدودة من إقامتهن في الدار من قبل القائمين عليها للخروج من الدار.
وتقول عاهد لـ “الغد” إن إجبار ضحايا العنف للخروج من الدار انتهاك حقيقي لحقهن بالحصول على الحماية واستمرار لدائرة العنف، الأمر الذي يجعل الضحية أمام عدة  خيارات في مجملها تشكل عنفا وانتهاكا ممارسا على تلك الضحايا.
وتعتبر عاهد ان العودة للمعنف أو الزواج من شخص لاتعرفه ولم تكن على صلة به من قبل -وفي الغالب ترشحه لها إحدى النزيلات في الدار- أو تحويلها إلى الوقف الإداري بسجن الجويدة بهدف حمايتها هو أكبر إنتهاك بحق ضحايا العنف.
ليلى- اسم مستعار- إحدى ضحايا العنف التي انتهى الأمر بها موقوفة إداريا في سجن الجويدة لمجرد أنها كانت مصرة على التمسك بحقها في حضانة أبنائها ورفضها التخلي عنهم.
ليلى رفضت الضغوط التي مارسها عليها والدها للتخلي عن أبنائها بعد أن تطلقت من زوجها المعنف فقررت ترك بيت والدها وأخذ أبنائها وبدء حياة جديدة، لتتفاجأ بأن والدها قد قام بالتبليغ عنها وتم القبض عليها من قبل المركز الأمني الذي سلمها بدوره إلى المحافظ وحولها لحماية الأسرة.
لم تتمكن ليلى من الاستمرار في الإقامة في دار الوفاق الأسري التي أرسلت أبناءها بعد عدة شهور من إقامتها إلى مراكز الإيواء الخاصة بالإناث والذكور ومن ثم تحويلها إلى سجن الجويدة بهدف حمايتها، الأمر الذي أفقدها حق حضانة أبنائها.
وفي حالات أخرى تعاملت معها الدار من خلال تحويل ضحايا العنف إلى مستشفى الفحيص للأمراض النفسية، وفق عاهد التي تعتبر ان “هذا المكان غير ملائم لها وتختلط هناك بشكل فعلي مع نساء يعانين من إضطرابات وأمراض نفسية تضاف الى تجاربها القاسية”.
وكانت الدار استقبلت العام الماضي 864 حالة لمعنفات، يرافقهن 165 طفلاً، فيما تستقبل جميع الحالات المحولة من حماية الأسرة أو مديريات التنمية العاملة بالميدان بغض النظر عن جنسية المنتفعة.
وبحسب آخر إحصائية لوزارة التنمية الاجتماعية، فإن “نسبة الأردنيات المعنفات بلغت 82.2 %، والعربيات 15.43 % غالبيتهن من السوريات، أما الجنسيات الأخرى فبلغت نسبتهن 2.36 %”.
وتأخذ المحامية خضر على مراكز الإيواء “سعتها القليلة”، حيث لا تستوعب عددا كبيرا من الضحايا، كما أنها غير مؤهلة لتكون سكنا دائما لضحايا العنف الأسري بما في ذلك الحالات التي تعاني من خطورة في منازل ذويها إلى كون مراكز إيواء النساء المعنفات في الأردن حديثة العهد ولاتلبي كل الحاجة المرجوة منها.
وتشير بدورها إلى أنّ فصل الأطفال عن أمهاتهم يعد من أهم الضغوطات التي  تمارس داخل الدار على الضحايا، يجبرهن على الخروج من الدار، الأمر الذي يشكل ضغطا نفسيا كبيرا على النساء يدفعهن لترك الدار ويعرضهن للخطر.
وتطالب خضر تطوير مراكز الإيواء وتحسينها وتوفير الخدمات الاجتماعية والنفسية للمستفيدات، إلا أن الإمكانيات المحدودة لهذه المراكز تحول دون توفير هذه المتطلبات على مستوى مهني رفيع يتواءم مع المعايير الدولية، ما يتطلب مزيدا من الدعم والمساندة.
وعن طبيعة إقامة النساء المعنفات في دار الوفاق الأسري تنتقد عاهد أجواء السجن التي تعيشها النساء هناك بحجة حمايتهن، حيث تقضي الضحايا مدة إقامتهن داخل أسوار الدار ويمنعن من الخروج، فتبقى مدة إقامتهن محاطة بالظروف والضغوطات ولا تتحقق لهن الحماية.
وتجد أن رفض دار الوفاق استقبال النساء اللواتي يتعرضن للعنف الجنسي داخل أسرهن، حيث لاتستقبل هذا النوع من النساء إلى حين يتم تجهيز الدار الخاصة بالاتجار العام بالنساء، تصبح هؤلاء النساء موقوفات إداريا.
وتصف عاهد أوضاع هؤلاء  النساء “بالبائسة” فهن في سجون ولا يخرجن إلا إذا جاء كفيل ذكر لإخراجهن.
وتؤكد عاهد أن النساء اللواتي لم تساعدهن مؤسسات المجتمع المدني في إيجاد حماية لهن، إما سجينات لسنوات طويلة ويعانين الوصمة الاجتماعية أو ضحايا لعنف مركب، فإما أن تعود زوجة معنفة أو تستغل من قبل زوجها الجديد في الدعارة أو التسول وهي بذلك تستمر في مسلسل العنف.
وتلفت إلى أن الواقع التي تعيشه ضحايا العنف داخل “الدار” هو إدعاء بالحماية، في حين أن الواقع أنه يتم إعادتهن إلى العنف وتنهي حياتهن دون أن تكون هناك حلول شاملة أو إجراءات تأهيلية تمكنهن من بداية حياتهن من جديد.
وتشدد عاهد على أن الأصل هو سجن المسبب للعنف، لافتة إلى أن التوقيف الإداري في الدار غير قانوني وغير دستوري بحسب المادة 3 من قانون منع الجرائم التي تعدد الحالات التي تمنح المحافظ الصلاحية في ان يوقف أي أحد من الأشخاص وجميعها لا تنطبق على النساء.
بدوره يشير الناطق الإعلامي بوزارة التنمية الاجتماعية إلى نظام دور حماية الأسرة الصادر عام 2004 والتعليمات الصادرة بمقتضاه التي توضح آلية إحالة النساء المعنفات إلى دور الوفاق الأسري.
ويؤكد وجود مصدرين للإحالة يتمثل الأول في الحالات المحولة من قبل إدارة حماية الأسرة على إعتبار أن هناك قضية ترفعها الضحية ويكون دخولها الدار بإرادتها وبمحض رغبتها دون إجبار ويتم توقيعها على إقرار رسمي برغبتها في الدخول.
المصدر الآخر للإحالة ويتمثل بالحالات التي يقوم وزير التنمية الإجتماعية بتحويلها وفقا لطبيعة وحجم العنف الواقع عليها.
وتقدم دار الوفاق الأسري التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية منذ افتتاحها عام 2007 خدمات حماية متكاملة لضحايا العنف الأسري من النساء والأطفال داخل المركز لتشمل الرعاية الاجتماعية، النفسية، الشرطية، الطبية، القانونية، القضائية والاستضافة.

النساء ضحايا العنف في الأردن

النساء ضحايا العنف في الأردن

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015