تقرير أمريكي: المرأة السورية تجني مكاسب من الحرب في بلادها
أجبرت الظروف الصعبة في سوريا بعض النساء على الانخراط في سوق العمل

إضاءة- نشرت صحيفة “سيريان ديبلي” الأمريكية، تقريراً أكّدت فيه على أن الحرب السورية غيّرت دور المرأة السورية في سوق العمل، إذ أفسحت المجال أمامها لتشغل وظائف كانت حكراً على الرجل فحسب، مشيرةً إلى أن الحرب كشفت قدرة المرأة السورية على فعل أي شيء.

وفي التقرير، أوضحت الصحيفة أن النزاع السوري كما كان له أثرٌ مدمرٌ على النساء في سوريا، فإنه حوّل دورها في سوق العمل، إذ فتح أمامها دون قصدٍ الباب في قطاعاتٍ كان يسيطر عليها الذكور سابقاً. ونتيجةً لذلك، أصبحت المرأة مؤثّرة بشكلٍ متزايد في المجال العام وفي تشكيل مستقبل سوريا.

خطوة معقدة

وقالت ماريا سعادة، النائبة المستقلة السابقة التي قامت بحملةٍ من أجل حقوق المرأة في سوريا: “الدور التقليدي للمرأة يتغيّر بسبب الحرب”، مشيرةً إلى أن مسؤولية المرأة تجاه الأسرة جعلتها تهيمن على أغلبية الأعمال مكان الرجل.

وبحسب الصحيفة، هذا التحوّل الإيجابي- وإن كان بطيئاً – بالنسبة للمرأة كان ثمنه باهظاً، فبعد 7 سنوات من الصراع، قُتل العديد من آبائهن وإخوانهن وأزواجهن وأبناءهن وأصيبوا وأجبروا على الفرار من البلد أو انضموا إلى القتال، ما أدى إلى انخفاضٍ كبير في عدد الرجال في سن العمل، ونتيجةً لهذا أصبحت المرأة الآن صانعة القرار والمعيلة في أسرةٍ واحدة تقريباً من بين كل 3 أسر.

“لا أحد يشعر بأن حصول المرأة على صلاحياتٍ وفرصٍ شيءٌ عظيم؛ لأن رجالهن يُفقَدون ويموتون، لذلك فهي خطوةٌ معقّدة جداً إلى الأمام” هذا ما أكّدته بوني موريس، الباحثة في الدراسات الجنسانية والتي تحاضر في دوراتٍ تدريبية حول المرأة والحرب.

على الورق، وبحسب التقرير، كان ينبغي للمرأة أن تحصل على حقوقٍ مساوية للرجل منذ أن اعتمدت سوريا قوانينها المدنية والتجارية في عام 1949، مما يمنح المرأة الحقّ في السيطرة على ممتلكاتها الخاصة وإدارة أعمالها الخاصة، غير أن بعض القوانين تًحِدُّ من هذه الحريات، فعلى سبيل المثال، يسمح قانون العقوبات للأزواج بمنع زوجاتهم من العمل خارج المنزل.

وذكر التقرير أنه في عام 1973، اعتمدت سوريا دستورها الحالي، الذي ينصّ على أن المرأة يجب أن تحصل على حقوقٍ مساويةٍ للرجل وأن تتم إزالة العقبات التي تحول دون تقدّمها، وتكفل المادة 45 للمرأة “جميع الفرص التي تمكّنها من المشاركة الكاملة والفعّالة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية”.

الأعراف الاجتماعية تُعيق دور المرأة

ورغم هذا، أشار التقرير إلى أن أدوار المرأة ومسؤولياتها ظلّت حبيسةً إلى حدّ كبير في المنزل، ما أدى إلى إقامة حواجز مجتمعية منعتها من العمل بقطاعاتٍ عديدة أو من فرصة العمل بشكل عام، مشيراً إلى أنه في مايو 2017، أجرت مؤسسة بريق للتعليم والتنمية غير الهادفة للربح في الأردن دراسةً استقصائية عن النساء السوريات اللواتي تجاوزن الثامنة عشرة من العمر داخل البلد وخارجه، ومن بين الـ1006 اللاتي شملهن الاستطلاع، 81% أكّدن أن “الأعراف الاجتماعية في سوريا تعوق حقّاً نجاح المرأة”.

وأوضح التقرير أن سبع سنواتٍ من الحرب أضعفت بعض هذه الحواجز، وبحلول عام 2015، كانت النساء يقدن ما بين 12 و17 % من الأسر في سوريا، وارتفعت هذه النسبة من 4.4 % في عام 2009 إلى 22.4 % هذا العام، وفقاً لتقريرٍ من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، موضحاً أنه قبل الحرب، شكّلت النساء في عام 2010 نسبة 22 % من القوى العاملة الرسمية، ومنذ عام 2011 انخفض هذا العدد، غير أن فرص العمل الرسمية انخفضت بالنسبة لكلٍ من الرجال والنساء، وأصبحت النساء الآن يربحن من خلال فرص العمل الرسمية وغير الرسمية، وبلغ معدل عمالة الإناث 14 % في عام 2015.

وذكر التقرير أنه في بعض القطاعات، تشكّل النساء الغالبية العظمى من القوى العاملة، وفي بعض مناطق سوريا، تشكّل النساء 90 % من القوى العاملة في الزراعة.

العمل في مختلف المجالات

وقالت ماريا، في سياق التقرير، إن الضرورة أجبرت النساء أيضاً على القيام بأدوارٍ لم يكن من الممكن تصوّرها قبل النزاع، لافتةً إلى وجود مصانع في دمشق تقريباً مأهولة بشكلٍ كامل بالنساء.

واستطردت :  “هن يعملن في المطاعم ويذهبن إلى المصانع، ويعملن بالزراعة والصناعات اليدوية”.

ولفت التقرير أن الحرب سمحت للنساء باقتحام المجتمع المدني ووسائل الإعلام والقطاع الحكومي، وهو ما كان يُمنع باستمرار، مشيرةً إلى أنه منذ عام 1949، توجد في سوريا مجموعاتٍ ومنظماتٍ غير حكومية تدافع عن حقوق المرأة، وبرغم الإجراءات الصارمة التي مارستها الحكومة ضد المنظمات التي “لم تتفق مع جميع السياسات الحكومية”، واصلت عدة منظمات منها رابطة النساء السوريات عملها.

ومن جانبها، قالت كاترين بيلافرونتو، متخصصة في تطوير الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن “أعضاء هذه المنظمات ما زالوا يواجهون خطر الاعتقال والاحتجاز”.

وأكّد التقرير أنه في الوقت نفسه، “لم يكن لدى العديد من النساء إمكانية الوصول أو الارتياح في استخدام الإعلام والجمعيات المهنية أو المنظمات غير الحكومية كمنتدياتٍ للتعبير عن آرائهن أو عدم ارتياحهن لها”.

صعوبات مشاركة المرأة

ووفقًا للتقرير، مع تغيّر مجرى الصراع على مر السنين، وسيطرة الجماعات الأكثر تشدّداً على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أصبحت مشاركة المرأة في الحياة العامة في بعض الأماكن أكثر صعوبة.

وفي السياق نفسه، قالت ميليا عيدموني، المؤسس المشارك في شبكة الصحفيات السورية ، إن إمكانية الحصول على المعلومات وفرص عمل الصحفيات تراجعت، والآن يعمل عدد منهن وراء أجهزة الكمبيوتر بدلاً من تغطية الخطوط الأمامية.

وفيما يتعلق بالأجور، قالت ميليا: “من خبرتنا وردود الفعل التي حصلنا عليها من أعضاء الشبكة، كلهن يقلن إن الرجال والنساء لا يتقاضون أجوراً متساوية، لكنهم يواجهون نفس القضايا والمخاطر”.

وأكد التقرير عدم اقتران زيادة استقلالية المرأة ومسؤوليتها بتكافؤ الفرص، إذ أن الدخل في الأسر التي تقودها النساء “يميل إلى أن يكون أقل من الأسر التي يرأسها رجل”، وذلك وفقاً للتقييم البحثي الذي أجرته منظمة “كير” في مارس 2016 بعنوان “المرأة والعمل والحرب”، ففي محافظة درعا، على سبيل المثال، يقل الدخل الشهري للأسرة التي تعولها النساء بنسبة تتراوح بين 15 و 32 % عن تلك التي يعولها الرجال.

أجبرت الظروف الصعبة في سوريا بعض النساء على الانخراط في سوق العمل

أجبرت الظروف الصعبة في سوريا بعض النساء على الانخراط في سوق العمل

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015