تميّز المرأة… نعمة أم نقمة!؟
لوحة "اللقاء الأزلي"/الفنان سعد علي

إيمان ونوس/ جريدة النور- تحدثنا غير مرةٍ عن هذه العلاقة أو عن نظرة الرجل إلى المرأة، من حيث أنه ينجذب إلى قوة الشخصية، والثقة بالنفس والثقافة المتميّزة لديها… ويسعى جاهداً للارتباط بفتاة تحمل هذه المواصفات.

لكن ما إن تصبح هذه المرأة زوجةً، حتى يبدأ بالرفض الضمني لها ولشخصيتها، بمسلكياته وتعامله معها، لأنه في قرارة نفسه لا يرغب بها ولا يتمناها إلا أن تكون أختاً أو ابنة أو صديقة. أمّا أن تكون زوجة فهذا ما يخشاه، لأنها، باعتقاده الواهم، ستنافسه على سلطته الأسرية – الاجتماعية، أو أنها ستحجّم سلطته الذكورية بتميّزها هذا.

هنا لا يمكن لأية فتاة أن تتخيل أن هذا الشاب الواعي المثقف والمعجب، أو الباحث عن فتاة قوية مُثقفة ومتميزة، لا يمكن لها أن تتوقع أنه سينقلب في يوم ما على ما سعى وراءه، وأنه سيبدأ بتحجيمها وحتى رفضها صراحة، ولا يكتفي بذلك بل يذهب بعيداً بتحطيم عنفوانها وكبريائها وحتى إحباطها بكل ما أوتي من وسيلة، خصوصاً في ظلّ تحررها الاقتصادي.

وبعض الأزواج لا يتورّع أحدهم عن إلقاء التهم جزافاً وكيفما شاء من أجل فرض سلطته وبالقوة (الضرب غالباً) أو توجيه الشتائم والتُهم الأخلاقية لأنه فقد كل الحجج والذرائع التقليدية بأنها أمية، أو غير واعية، وغير إدارية، أو أنها لا مبالية تجاه بيتها وأولادها.

فالمرأة أصبحت اليوم غالباً واعية لذاتها ولشخصيتها ولمسؤولياتها، خصوصاً تجاه أسرتها وأولادها، وتربيتهم بالشكل الأمثل، متناسياً أنه اختارها لكل تلك المواصفات، وبذلك فقد كل ما يمكنه من اتهامها بالتقصير، ولم يعد أمامه إلاَ ما يُثير حفيظة المجتمع ألاَ وهو الأخلاق، خصوصاً للمرأة.

وهو عندما يلجأ لهذا الأسلوب، إنما ليتستّر على اكتئاب مسيطر، أو عدم ثقته بنفسه أولاً، وبالمرأة وإمكاناتها ثانياً، رافضاً أن يكون لها دور إيجابي في الحياة، راغباً في أن تبقى أسيرة قيوده وأوامره، تابعة له في كل أمورها، لاسيما الاقتصادية. ويزداد تعنته وعنجهيته عندما تكون هي مدركة لأبعاد شخصيته الهشّة، ومزاجيته السلبية، وتقبل تحمّل شقاء هذه العلاقة من أجل الحفاظ على الأطفال وتربيتهم على أسس نفسية سليمة ما أمكن، ولأمل في داخلها بأنها ربما تستطيع مساعدته في تخطي أوهامه هذه، أو طباعه المنحرفة في تعامله معها، معتمدة على حبها له وثقتها بنفسها وأخلاقياتها التي قد تشكل لها رصيداً اجتماعياً لا يُستهان به، ولا يُرضيه في الوقت ذاته.

وللأسف فلقد كثرت هذه الظاهرة في أيامنا هذه نتيجة تدني المستويات الأخلاقية أو تلاشيها عند البعض من ذوي النفوس المريضة، وهذه نتيجة طبيعية وحتمية لتردي الأوضاع الاقتصادية عالمياً، ولمفاهيم مجتمع استهلاكي–ذكوري.

نحن هنا لا نهاجم الرجل من منطلق أنثوي، وإنما نتعرّض ونعرض لظاهرة حاضرة في المجتمع من معاناة نساء مطلقات أو متزوجات، إذ تقف المرأة حائرةً بين مسؤولياتها كأمّ، وواجبها كزوجةٍ لرجل مريضٍ أو مستهترٍ بذاته ومسؤولياته، وإحساسها بكرامتها وكبريائها ورفضها لتلك العلاقة.

من هنا نجد لزاماً على المؤسسات والوزارات المعنية، أن تفتتح عيادات اجتماعية-نفسية لمعالجة هذه الظواهر السلبية بشكل جدي وفعّال، وحماية المجتمع من الظلم الذي يلحق بالمرأة والأسرة، وما يترتّب عليه من آثار سلبية عندما تترافق هذه المشاكل مع عدم وعي أسري واجتماعي لأبعاد هذه العلاقات والمشاكل، إذا ما استفحل هذا الداء ليُشتت الأسرة، وليحكم على المرأة بالموت الاجتماعي القهري.

لوحة "اللقاء الأزلي"/الفنان سعد علي

لوحة “اللقاء الأزلي”/الفنان سعد علي

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015