ثورة المرأة الشرقية
المرأة الشرقية

دعاء دبيسي/ موقع (ساسة بوست) الإلكتروني- المرأة الشرقية تاريخ مليئ بتحديات مع عادات وتقاليد مجتمعها الشرقي التي تضع قدرات المرأة خلف إطار محدد وقيود مشددّا وأكثر المعتقدات شيوعًا هي أن تبقى المرأة للتربية والبيت، وكأنما أُلغى دور التربية للأب وألصقوا هذه المهمة فقط للأم الشرقية.

أخذت المرأة حيّزًا كبيرًا من النقاشات وأشعلت نار الاّراء، فهذا الذي يدافع ومتمسك بعادات وتقاليد مجتمعه، ويقول بكل إصرار بأن المرأة مكانها للبيت وعملها التربية فقط، وهذا المتحرر الذي تهمه المرأة ككيان حر ويرفض التعصب، وما بين الاّراء الإيجابية والسلبية كانت المرأة موجودة على أية حال في كل الميادين.

فبينما كانو يبدون آراءهم في المرأة كانت «نسيبة بنت كعب» إحدى أشهر النساء المسلمات على مر العصور، إحدى الصحابيات اللاتي شهدن الكثير من الغزوات مع الرسول، ليس هذا فحسب، بل إنها أول محامية امرأة في الإسلام، وأيضًا «جوزفين حداد» أول امرأة عراقية تقود الطائرة برتبة كابتن عام 1949، وأيضًا «مريت بتاح» هي إحدى الطبيبات الأول في العالم، وعاشت في عهد الأسرة المصرية 2700 ق. م، وأول روائية عربية هي زينب فواز، وهناك العديد من النساء اللاتي خلدت إنجازاتهن في التاريخ، وكانت رسالتهم واحدة هي تحرير المرأة من قيود الرجعية والجاهلية. سيتحدث التاريخ عن أعمال وقدرات ومواهب المرأة على مر الأزمنة، إنها ليست مسألة عادات وتقاليد، إنها قدرات بشرية فوق كل التقاليد والعادات.

مجتمعي الشرقي العزيز، إنني لا ألوم عاداتك وتقاليدك، بل إنني أحترمها، ولكن النساء الشرقيات تريد أن تُدعم، وليس عليها أن تطلب حقوقها فالمطالبة بحقوق المرأة أصبح شيئًا ساذجًا، نريد من المجتمع أن ينظر للمرأة بعين الاحترام والثقة بقدراتها، وليس بعين العادات والتقاليد الجاهليه، فالفرق كبير جدًا، يجب علينا الاعتراف بأن هناك نوعًا من تقييد حرية المرأة الشرقية التي لا زالت تحت مجهر العيب أكثر من الحرام، وللأسف فالعاملون على هذا المجهر ليس لديهم اتزان في الحكم، فهم يَرَوْن الأشياء كبيرة جدًا أو صغيرة جدًا ومن الحكمة والعدل أن ترى الامور على حقيقتها من كل زواياها.

كتبت هذه المقالة للذين يحملون هذا المجهر والذين ينتقدون المرأة في العمل أو عندما تمتلك منصبًا في مجتمعها الشرقي، وللأسف إنني رأيت منهم امرأة تكتب بكل ثقه: «ليس على النساء الخروج للعمل، سيحصل الكثير من الاختلاط وهذا تشبه للغرب»، ليس هذا فقط، بل تمت مقارنة حقوق وحرية المرأة الشرقية بأبشع تصوير لمعنى حرية الغربيات، ومقارنتها بشرقيتنا وديانتنا بالتأكيد مقارنة ظالمة، هذا النوع من التفكير لا أعتقد بأنه تفكير مثقفين، إنه تفكير متلقني المعلومات كالآلة التي أكتب عليها الآن، وأعتقد أنه قد كثر عدد المتلقين في عالمنا العربي والأقليات من المثقفين، لذلك فالرجعية موجودة، إن كنّا حقا نريد التطور لنتخلى عن التعصب بالأفكار والمعتقدات والثبات على المبادئ.

لماذا نطلب حقوقنا؟ وهل علينا أن نطلب حقوقنا من المجتمع ليتكرموا علينا بها؟ ولم الشرقية هي ضحيه معتقدات وقيود فكرية شرقية؟ أما عن المساواة في مجتمعنا فهي غير كفؤة وليست جيدة التنفيذ من بيرقراطية سوق العمل إلى أجور العمل إلى التمييز، هل هذا لأننا شرقيات؟

إلى يومنا هذا تطرح حقوق المرأة وتكتب باتفاقيات! إنها فكرة تؤرق، وفي الحقيق  هذه الاتفاقيات والحقوق لها فاعلية، لكن ورغم هذه الفاعلية ووصول المرأة لمراكز ومناصب إلا أن المعتقدات تتغلغل في عمق الفكر الشرقي، مطالبة الحقوق أمام المعتقدات لن تنتهي بين المرأة والمجتمع إذا لم نحترم كيان المرأة كبشرية حرة لا تستعبد تحت اسم معتقدات، أو ما يسمى بهيمنة رجولية «شرقية».

عندما يطلقون مصطلح «المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري» هذه الجملة وحدها تعبر عن عبودية المعتقدات والابتعاد عن مبادئ الدين، هذا المعتقد السوداوي القاتم يمتلكه أصحاب النقص الفكري، بعض البلدان كانت تتشبث بالمعتقدات الاجتماعية بطريقة غريبة فمنها ما منعت التعليم عن المرأة وبعد معجزه كبيرة خرجت النساء للتعليم، وفي بلدان أخرى تأخرت المرأة في قيادة السيارة، وبعض البلدان التي لا زالت الى الان في القرن الواحد والعشرين تزوج فتياتهن منذ الخامس عشر أو السابع عشر، كل هذا الظلام من كلمة واحد  وهي المعتقدات.

البشرية أوسع من حدود معتقداتكم وتقاليدكم، فكم من النساء في مجتمعنا الشرقي عانين من العنف والتمييز والتهميش، هؤلاء النساء اللاتي يشكلن نصف المجتمع، كان المجتمع لا يدعمهن بشيء، كان يرغمهن على طلب حقوقهن بدلًا عن دعمهن، طلبت النساء الحقوق والمساواة بما يكفي، لم يكتب على النساء البقاء في طلب حقوقهن للأبد، لتنفضن غبار هذه الفكرة.

المجتمع الشرقي مغرور بمعتقداته وعاداته وتقاليده الى حد التعصب ونعلم جمعينا أن التعصب سجن الجهلاء، التعصب المجتمعي من أحد الأسباب التي جعلت المرأة الشرقية تقود طريقًا مليئة بالحواجز لا الحوافز في مجتمعها، مما جعل المرأة تفقد ثقتها بعاداته وتقاليده لأنه يضعها بموضع يضيق بحريتها وينتقدها بكل خطواتها، فلم تكن المطالبه بالحقوق سهله، ولكن أصبحت هذه المطالبه طريقة مملة، فمجتمعنا الشرقي يحتاج لنهضة تفكير جديدة عن حقوق المرأة.

بالنسبة لي كانت فكرة سخيفة أن أكون خلف العادات والتقاليد أو حتى معتقدات لم أر فيها إلا أفكارًا قديمة تحتاج إلى مراهم تزيل تجاعيدها الرجعية، وفي الحقيقه كنت أتساءل متى ستنتهي حرب مطالبة المرأة بحقوقها من المجتمع وممن وضعنا في هذا الإطار؟ إن خوض رحله في تاريخ المرأة الشرقية كان كافيًا للإجابة عن هذا السؤال. هذا التاريخ المليء بالثورات يعبر عن معاناة الشرقيات ونظرتهم البائسة للمرأة حتى وصلت المعتقدات لعدم احترام ذات المرأة.

لذا بدأت النساء تخرج من بؤرة هذه المعتقدات وتدافع عن ذاتها وحقوقها بشراسة، كان يجب ان يكون هناك حد لهذه المعاناة يجب على كل امرأة أن تحصل على حقوقها دون أن تشق طريقًا من المعارضات والانتقادات التي تتعرض لها، ولكن اليوم ليس علينا أن نثبت بأن المرأة قادرة، بل هي قادرة وجديرة بأعلى المناصب سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ولن تتوقف النساء عن الإثبات طالما ظلت المعتقدات خلاف قدراتها.

وكل مجتمع يضع المرأة خلف معتقدات ضيقة ستخرج نساؤه بالفطرة البشرية ترفض كل معتقد يأخذ من حريتها، لترفع الشرقيات علم السُلطات الصحية التي تدعم كيان المرأة وطموحها والتي تحترم حريتها، بينما حان الوقت لتنتهي السُلطات الشرقية المريضة التي تقمع المرأة وتضع أحلامها وطموحها تحت عادات وتقاليد وتجعل كيان المرأة كسلعة، حان الوقت لتنتهي هذا السلطات المريضة المحبطه، المجتمع الصحي يؤمن بقدراتك، ولن يردع طموحك ويحترم كيانك ويعلم أهمية النهوض بالمجتمع وهذا من واجب البشرية جميعًا.

المرأة الشرقية

المرأة الشرقية

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015