جريمة “فتاة الحسكة”.. 11 رجلاً يقتلون قاصراً بداعي “الشرف”
تدفع الكثير من النساء ثمنا باهضا وهو حياتهن لحفظ "شرف" العائلة.

الحسكة- أثار مقطع فيديو يصوّر ما بدا عملية قتل فتاة قاصر في محافظة الحسكة بسوريا؛ دعواتٍ لتطبيق قوانين تحمي النساء من العنف. قرب منزل مهجور بريف مدينة ديريك المالكية في محافظة الحسكة السورية تباهى 11 فردًا من عائلة واحدة بقتل ابنتهم بطريقة بشعة، حيث تناوبوا جميعًا على التنكيل بجسد الفتاة الخائفة المرعوبة، ووثّقوا الجريمة في مقطع فيديو..

الفيديو الشنيع (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية يستنكر ويتحفّظ على نشر الفيديو لشدّة العنف الذي يحتويه) يستعرض كيف لفظت الفتاة السورية عيدة أنفاسها الأخيرة بعد أن أطلق أفراد من عائلتها النار على رأسها مباشرة في جريمة موثّقة ومفزعة، بدعوى (غسل العار) وذلك بعد رفضها الزواج من ابن عمها، وهروبها مع شخص آخر إلى الحسكة شمال شرقي سوريا، بحسب رواية عائلتها.

ووفقًا لمركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، تدعى الفتاة «عيدة الحمودي السعيدو» وتبلغ من العمر 18 عامًا، وتقيم بحي الزهور في الغويران بمدينة الحسكة، فيما أشار عدد من المواقع الإخبارية إلى أن عمرها 16 عاماً.

ويُظهر الفيديو كيف أن المشاركين في جريمة قتلها؛ لم يكتفوا بذلك فقط بل قاموا بتصوير جريمتهم بدءًا من سحب الفتاة إلى بيت مهجور وانتهاءً بإطلاق الرصاص عليها وأردوها قتيلة.

الجريمة هزّت الرأي العام المحلي والعربي والعالمي، ولن تعيد حملة التضامن الواسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، فتاة الحسكة، إلى الحياة.

ونهار أمس الأحد تصدّر الفيديو وهاشتاج #حق_فتاة_الحسكة قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في عدة دول عربية. وأعرب الكثير من المغردين عن غضبهم من هول الحادثة وتكرار ما يعرف بـ “جرائم الشرف” والتي عادة ما تكون ضحاياها نساء.

وبحسب المغردين فإن الجناة قاموا بتصوير قيامهم باستدراج الفتاة إلى مكان مهجور وإطلاق النار عليها ومن ثم نشروه على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان بياناً يقول فيه: “مصادر محلية أكدت بأن المسلحين الذين شاركوا بالجريمة تعمدوا نشر الشريط المصور لإشهار ‘غسل العار’ حسب معتقداتهم العشائرية.”

وأصدر مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في سوريا، بياناً دان فيه جريمة القتل الجماعي بحق فتاة قاصر في محافظة الحسكة، مطالباً بإنزال أشد العقوبات بحقهم، وفقاً لوسائل إعلام محلية. وفيما اختلفت المعلومات حول عمر الفتاة وسبب قتلها أصلاً، أفاد المركز: “ندين ونستنكر جريمة القتل التي ارتكبت بحق الفتاة القاصر (ع.ح) من حي الزهور بغويران الواقعة في الحسكة، والتي تظهر جميع معالمها في الفيديو المنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي”. وطالب المركز “الجهات الأمنية المختصة بالقبض على الفاعلين وإدانتهم وفقاً للقانون وإنزال أشد العقوبات بحقهم”. وأضاف: “ننصب أنفسنا مدّعين شخصيين بحق كل من له علاقة بارتكاب هذه الجريمة البشعة”.

وجاءت الكثير من التعليقات لتدين الزيادة في عدد جرائم الشرف في العالم العربي، حيث تدفع النساء حياتهم ثمنا لـ”حفظ شرف العائلة”، كما أن عدداً غير قليل من التعليقات طالب بتشديد العقوبات في “جرائم الشرف”.

رغم أن مسألة جرائم الشرف ترتبط إلى حد كبير بالعادات والتقاليد البالية، فإنها ترتبط بالأفكار الدينية التي تعطي الرجال وصاية على النساء من جهة، وبالقوانين المحلية التي تخفف العقوبات على تلك الجرائم من جهة ثانية. وفي سوريا يتداخل المفهومان معاً في وقت تغيب فيه الإحصائيات الرسمية حول العدد الفعلي لجرائم الشرف في سوريا، نتيجة تحفظ الجهات القضائية على الإفصاح عنها.

وفيما تصدّر هاشتاغ #حق_فتاة_الحسكة مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية، ما زال في الإمكان قراءة تعليقات مروّعة لأفراد، بينهم مثقفون وحاملو شهادات علمية عالية، وهم يبررون الجريمة البشعة. على سبيل المثال، تداول سوريون منشوراً لشخص يحمل شهادة ماجستير في الشريعة الإسلامية يقول فيه أن الجريمة “يجب أن تشكل رادعاً لأي فتاة أو امرأة تفكر بالغلط أو الخروج عن طاعة أهلها وأسرتها”.

وفي مثل هذه النوعية من المنشورات، يُبرّأ الإسلام من الجريمة أولاً، وتُحمّل المسؤولية للناشطين والصحافيين والنسويات والمدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، بسبب نشرهم أفكاراً “مخالفة للسائد” ويصبح الموضوع بمجمله ردّ فعل على “الليبرالية الغربية”.

لقد سبق أن وثّقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عشرات “جرائم الشرف” في مختلف مناطق النفوذ داخل البلاد. وأشارت المنظمة في تقرير لها أواخر العام 2019 إلى أن الجرائم في مناطق شمال شرقي سوريا، تم القبض على جناتها وإحالتهم إلى القضاء، ومحاكمتهم وفق “قانون المرأة” الذي أقرته “الإدارة الذاتية” قبل أعوام، حيث تنص المادة (17) من “قانون المرأة” على تجريم القتل بذريعة الشرف واعتباره جريمة مكتملة الأركان، تتراوح العقوبة عليها بالسجن من 3 إلى 20 عاماً.

ورغم أن مجلس الشعب السوري أقر العام 2020 قانوناً لإلغاء المادة 548 الخاصة بجرائم الشرف من قانون العقوبات السوري، ما يجعل جريمة الشرف جريمة قتل كاملة من دون أحكام مخففة، ما زالت المادة 192 من قانون العقوبات موجودة، وتنص على أن تخفيف العقوبة التي تُفرض على الجرائم التي وقعت لوجود مسبب شريف. و”الدافع الشريف” هنا لا دخل للقانون في تعريفه لأن تحديده مقتصر على تقديرالقاضي للموضوع.

تدفع الكثير من النساء ثمنا باهضا وهو حياتهن لحفظ “شرف” العائلة.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015