مجلة روز اليوسف- كتب جعلتنى نسوية «فيمينست»! تحت هذا العنوان، وبمناسبة إعلان «النسوية» كلمة العام، نشرت صحيفة الجارديان هذا التقرير عن عدد من الكاتبات المصنّفات بالنسويّات، من بينهم مارجريت أتوود، مارى بيرد، نعومى كلاين، كاميلا شامزى، وجانيت وينتيرسون وأخريات. التقرير معنيّ بالتعرّف على أبرز الكتب التى أوحت لهؤلاء الكاتبات بالأفكار النسوية، تلك التى أثّرت فيهن، ومكّنتهن من تكوين رأى، مهّد لتصنيفهن كـ«نسويّات».
1- مارجريت أتوود Margaret Atwood
«حكايات الأخوان جريم» وكل مجموعات أندرو لانج، تقول أتوود: «هناك كثير من البطلات المِقدامات فى هذه الحكايات الشعبية. يُقدّمون المساعدة السحرية، يستخدمون الذكاء الاجتماعى، والحس العالى، والتنكّر، مثلما هو الحال فى قصة «طائر فيتشر».
2- مارى بيرد Mary Beard
النساء نوعان فى نظرها. نوع يميل إلى «جيرمين جرير» Germaine Greer الأسترالية، فى كتابها «المرأة المخصية». ونوع آخر يميل إلى منهج كيت ميليت، الأمريكية، فى دراستها بعنوان «السياسة الجنسية» عن علاقات القوّة فى المجتمع الرأسمالي. مارى بيرد – صدر كتابها الأحدث «المرأة والسلطة: مانيفستو» الخريف الماضى – تعتبر نفسها من أنصار مدرسة جرير النسوية. يرجع هذا جزئيا، فى وجهة نظرها، إلى الأشياء التى تجرّأت جرير على قولها بكونها امرأة، وهى أشياء لم يكن أحد يتخيّل أنها قابلة للحكى العلنى وقتها، كالحيض على سبيل المثال.
تتذكّر بيرد عبارة وردت على لسان الأميرة إليزابيث فى قصة كاتب الأطفال روبرت مونش «حقيبة الأميرة الورقية» بعدما أنقذت الأمير من التنين وقبل أن تقذفه بعيدا: «تبدو رجلا لطيفا، لكن، تدرى ماذا! أنت متشرّد»، وتعتبرها مصدر إلهام بالنسبة لها، المرأة القويّة، باختصار.
3- سارة تشرشويل Sarah Churchwell
تأثّرت زميلة الأدب الأمريكى بكلية الدراسات المتقدمة فى جامعة لندن، بـ«ويلا كاثر» Willa Cather فى «أنشودة العصفور» أو «تغريدة طائر الفجر»، روايتها التعليمية الثالثة التى نُشرت فى عام 1915. وهى صورة للفنان كامرأة شابة. رواية أشبه بسيرة ذاتية، عن حكاية فتاة تعيش فى الغرب الأمريكى، تكتشف رويدا موهبتها فى الغناء، وتكرّس حياتها فى السعى لتحقيق الجمال. بالمثل؛ ففى فترة من حياتها، استعارت الكاتبة الأمريكية الحاصلة على البوليتزر اسما ذكوريّا، وارتدت ملابس رجالية. ومع حلول العقد الثالث من القرن العشرين بدأ النقاد يعتبرونها «كاتبة رومانسية تحنّ إلى الماضى ولا تستطيع التأقلم مع الحاضر».
تعتبر سارة هذه الرواية نسوية فى صورة ما. تيا كرونبورج، اسم البطلة، وفى شقّه الأوّل يعنى «هدية الله»، مُحاطة برجال يساعدونها فى تحقيق مهمّتها، ويفخرون بإنجازاتها. لم تتزوّج قط، فهى تعتقد أن تفانيها فى فنّها يتطلّب عقلاً واحدًا. لكن تيا لا تعدّ ذلك تضحية كبيرة، تعتبره شيئًا مؤسفًا، لكنها تتفهّم جيدا أنه خيارها الذى قبلت به. تدور معظم أحداث الرواية حول تقدّمها فى العمر، ونمو معارفها أكثر وأكثر. تقول: «أريد فقط أشياء مستحيلة»، بينما كاثر تنجح فى التعبير عن أحلام بطلتها: «تبدو وكأنها بقلب ينتشر فى الصحراء». تكتب وهى تصف تيا مستلقية إلى جوار نافذتها، كأنها باهتزاز جسمها مع الإثارة، آلة تهتز من السرعة. تبدو كاثر وكأنها ترسل تيا لقهر العالم، بينما تتمنّى أن تتّخذ أحلامها حيّزها على أرض الواقع.
4- رينى إيدو لودج Reni Eddo-Lodge
تقول سيمون دى بوفوار فى الصفحات الأولى من «الجنس الثاني»: «قبل سنوات، رفضت كاتبة نسوية معروفة الظهور فى سلسلة صور لكاتبات نساء». «إن هذا الرفض ليس تحررا. بل هروب مزيّف». لم تكن دى بوفوار تعلم أن كلماتها سوف يتكرّر صداها مع بدايات عام 2017 عندما انسحبت كاتبة نسوية معروفة (ملوّنة) من القائمة الطويلة لجائزة أدبية، مفتوحة حصريا لمؤلفين غير بيض. فى إشارة إلى حادثة انسحاب الكاتبة الكوميدية شابى خورساندى Shappi Khorsandi من جائزة بريطانية مستحدثة للكتّاب الملوّنين، معتبرة أن الجائزة تُمنح لامتياز لون الجلد وليس للروايات فى ذاتها. وأن روايتها التى ترشّحت ليست لها أدنى علاقة بهويّتها الإثنية أو العرقية.
نبوءة دى بوفوار، وغيرها عن الأدوار الجندرية غير الصحية المتبادلة بين الرجال والنساء، التى تخلق ثنائية الظالم والمظلوم، لا نملك كما تُعلّق رينى، الكاتبة السمراء الشابة البالغة من العمر 28 عاما، سوى قبولها. «قبول هذه التمييزات أمر خارج السيطرة. من الممكن أن يكون نوعا من الاستسلام. الاستسلام لافتراضات الآخرين عن «دونيّتك»، ومحاولاتك المستمرّة لتجاوز ذلك.».
كان هذا، فى المرّة الأولى التى قرأت فيها رينى «الجنس الثاني» فى عمر الـ19. علّمها هذا الكتاب تجاوز الإجابات بخصوص مستقبل أى محاولة لمعالجة التمييز. وكذلك، ساعدها فى إعادة النظر فى الحواجز التى طالما اعتقدت أنها غير قابلة للتغيير. أو تلك التى أعتقدت أنها تستطيع مواجهتها بمفردها بصورة أكبر وأكثر نجاحا، ممّا لو كانت فى جماعة. جدير بالذكر، أن لرينى كتابًا نشرته بلومزبرى هذا العام عنوانه «لماذا لم أعد أتحدّث مع البيض عن السباق».
5- زوى هيلر Zoë Heller
لا أعتقد أن كتابا جعلنى نسوية. أمى، فى الواقع، هى من فعلت ذلك. لكن كتابين قرأتهما فى مراهقتى، واحد لجورج إليوت George Eliot الاسم المستعار للروائية الإنجليزية مارى آن Mary Annوالآخر هو «الأنثى المخصية»، كانا لهما الأثر الأكبر فى طريقة تفكيرى فى المرأة وعلاقتها بالرجل. بالنسبة لفتاة فى مراهقتها أفاقت على حقيقة صادمة يؤمن بها المجتمع هى أن جمال المرأة أكبر وأهم وأعلى درجة من ذكائها وثقافتها، مدّتنى رواية إليوت «مديل مارش» Middlemarch بالدعم المطلوب. نعم؛ هكذا حظيت روزاموند فنسيس بكل اهتمام العالم، لكن الفتاة الذكية ربّة البيت مارى جارث، هى التى انتصرت فى النهاية.
كذلك الحال مع جرير، إحدى زعيمات تحرير المرأة فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى كتابها (الفاحش) «المرأة المخصية». تقول زوى إنها فى البداية، كانت حائرة وخائفة من أفكار جرير فى هذا الكتاب: «هل عليّ أن ألقى بأباريق أملأها بدم حيضى حتى أثبت حُسن نوايايا النسويةّ!». لكننى – تُكمل زوى التى صدرت أحدث رواياتها «المؤمنون» عن «بنجوين» – أُعجبْت بشجاعتها، ولامبالاتها، وقسوتها فى تقبّل الذكر.
6- جاكى كاى Jackie Kay
فى حياتك، تسير هنا وهناك. تفعل هذا، وتفكّر فى هذا. وفجأة؛ من مكان غير معلوم ربما، تقرأ كتابا، فيتغيّر كل شيء. أنت تتغيّر، وما حولك يبدأ فى اتخاذ أشكال جديدة عليك. كتاب يفتح لك طريقًا جديدًا، ويُقدّم لك شيئا، لم تكن تعلم قبل اللحظة أنك كنت فى أمسّ الحاجة إليه. هذا ما فعله بى شعر أودرى لورد Audre Lorde.
قرأت لورد أوّل مرّة، وأنا فى التاسعة عشرة. صوتها مختلفٌ عن أى شيء سابق قرأته. كتبت لورد عن كل شيء: عن كونها سوداء. عن مثليّتها. عن خلفيّتها المختلطة: «أنا/ الشمس والقمر والجوع الأبدي/ الحافة/ حيث يجتمع الليل والنهار/ ولا يمكنهما رغم ذلك/ أن يكونا شيئا واحدًا».
لم تكتب فقط عن ذاتها، المُعقّدة المتعدّدة. ولكن، كتبت أيضا عن، «الأخ ألفين» وإيميت تيل. نساء داهومى ونساء نيويورك. الملكات والنسويّات المحاربات. كتبت عن السلطة والصمت. (أتذكر أننى قرأت فى وقت مقارب «صمت» تيلى أولسِن). وكتبت عن المقاومة من أجل البقاء على قيد الحياة. كانت شرسة وغنائية. جمعت بين الأسطورة والواقع. الناس الحقيقيون مع رجال الأمازون فى قصيدة واحدة. لطالما اعتقدتْ أن الشعر ليس ترفا، بل ضرورة. وسيلة للبقاء. فتحت قصائد أودرى لورد هذه المساحة فى عقلي. وجعلت من أشياء مستحيلة، ممكنة الحدوث. على هذا النحو لازمنى كتابهاThe Black Unicorn كان بمثابة صديق قديم، شاهدنى وأنا أكبر. يمكن لأحدهم القول، أنها أحضرت، ذلك الحيوان الوطنى، من اسكتلندا وجعلته أسودا! (اكتشفت لاحقا أن لديها أسلاف اسكتلنديين). كانت ذات بصيرة حقيقية، ورائدة.
7- ناعومى كلين Naomi Klein
روايات إيزابيل أليندى ومارجريت أتوود قبضت عليّ فى سن المراهقة وساعدتنى على تخيّل نفسى ككاتبة. ولكن «الربيع الصامت» لراشيل كارسون Rachel Carson جعلنى أؤمن بقوة التغيير التى تملكها الكتابة الواقعية. أخذتنى مقاطع عديدة من هذا الكتاب: شعريّته، وأسلوب المقالة القصيرة، البحوث العلمية العميقة والاستياء الشديد من طغيان وجشع الصناعات الكيميائية. كارسون، باعتبارها عالم أحياء بحرية سابقا، عبّرت عن مخاوفها بالمزج بين البيانات الأكاديمية الدقيقة، وبين الأسلوب الصحفى وكتابة المقالة.
صدر لناعومى كلين مؤخرا كتاب «لا، لا تكفي».
8- جاكلين روز Jacqueline Rose
تقول أستاذ العلوم الإنسانية فى معهد بيركبيك: فى البداية، قرأتُ تحليل سيجموند فرويد فى العام 1905 لحالة الهستيريا، فى الكتاب المعروف «حالة دورا». كنت وقتها طالبة دراسات عليا تعيش فى غرفة صغيرة تطلّ على أسطح منازل باريس. وعرفت منذ ذلك الحين، أن هذا الكتاب غيّر حياتى إلى الأبد. أعرف أنه أمر غريب، ويمكن أن يكون خيارا شاذا، لنسوية، أن يكون مُلهمها رجلاً. والأسوأ أن يكون هذا الرجل هو بطريرك فيينا سيئ السمعة.
نعم. فرويد كان يهوديا، وأن تكون يهوديا فى النمسا اللا سامية فى مطلع القرن العشرين، أمرٌ هستيرى فى حد ذاته. يمكن النظر من هذه الزاوية إلى دورا، كصوت فرويد الذى يتردّد صداه فى التحليل النفسى لحالتها. ما افتقده تحليل فرويد، أن دورا بدلا من الوقوع فى حب زوج عشيقة أبيها، وقعت فى حب العشيقة نفسها. إن رغبات المرأة، متعدّدة الأوجه ولن تتكيّف أبدا مع المعايير الاجتماعية المطلوبة. كانت لدورا نفسها، الصبية التى أُحضِرت إلى فرويد منهارة من العصاب، رؤية تحرّرية حتى لو لم تستطع الوفاء بها فى حياتها الخاصة. أظهرت لى دورا، أن النضال من أجل الحرية متجذّر فى أعمق آلام القلب البشرى، وأننا بحاجة إلى توجيه الاهتمام بكليهما.
لقد كان درساً، غذّى نسويتى منذ ذلك الحين.
9- كاميلا شامزى Kamila Shamsie
عندما قرأت لأوّل مرّة عصمت جغتائى Ismat Chughtai النسوية الهندية، كانت أكثر السير الذاتية تأثيرا، لرمزيّتها وسخريّتها. كنت أعلم أنها واحدة من أعظم كتاب الأوردو بجانب قصصها القصيرة. لكن كنت أحتاج أن أكبر قليلا بالقدر الذى يجعلنى أفهم لماذا وصلت إلى هذه المكانة. الآن تبدو هذه القصص الأكثر استثنائية.
عرفتْ عصمت أن حريّاتها الخاصة كانت نتيجة هذا المزيج بين، أسرتها الليبرالية المسلمة، وتعليمها ومزاجها العنيد. لكن فى كتاباتها، كانت دائما ما تصوّب نظرها نحو النساء بدون تمييز. فى قصص عصمت، لا تظهر النساء كضحايا، حتى وهى تسلّط الضوء على هياكل السلطة القائمة على الجندر. كانت مهتمة بالحياة الجنسية للمرأة، علاقاتها مع النساء الأخريات والرجال، والحياة الداخلية، والمواقع الطبقية. وسلّطت الضوء على ما اعتبرته «الاضطهاد الذى يبنى فئة المرأة المضطهدة»، فى عالم فُرض على النساء التعامل مع نظام أبويّ. سرّنى أن Lifting the Veil مختارات من قصصها التى هى مزيج من سيرتها الذاتية، سوف تكون متاحة فى المملكة المتحدة فى فبراير. على الرغم من أننى لن أستطيع فعل شيء حيال هؤلاء الذين سيقرأون العنوان حرفيّا. عصمت نفسها، قالت، إن الخطر الحقيقى على المرأة هو، المعايير الأبوية التى تكون بمثابة «بُردة للعقل».
رواية «نيران منزلية» لكاميلا شامزى ظهرت فى القائمة الطويلة لجائزة مان بوكر 2017.
10- جانيت وينتيرسون Jeanette Winterson
كنت فى أكسفورد، عام 1980 أدرس الإنجليزية. كانت هناك أربع نساء فقط فى الكورس. هناك تعرّفت على القصائد المبكّرة لأدريان ريتش «The Will to Change». ما دفعنى لقراءة مقالاتها. هناك مقال مهم عن فوزها بجائزة ييل للشعراء الشباب. أدركت بعدها أن النظام الأبوى، هو مشكلة جماعية، مشكلة هيكلية، بنيوية.
بعدها بثلاثين عاما، وأنا أقوم بتصوير الجزء الخاص بى من فيلم تخيّلى عنى أنتجته الـ BBC2 خرج ملهمى الأول من مكمنه. إنه نابوكوف. بالنسبة لى بدأت النسوية من هناك. ذلك العمل الكلاسيكى، عن مغتصب أطفال متسلسل، كان وسيظل على قائمة القراءات الملهمة بالطبع. تقصد جانيت، رواية فلاديمير نابوكوف البارزة «لوليتا».