أسوان/ وكالات- انطلقت الثلاثاء في أسوان، جنوب مصر، الدورة الثانية من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، التي تحمل اسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، والتي تستمر حتى 26 فبراير الجاري.
وخيّم على حفل الافتتاح الذي بدأ بفقرةٍ موسيقية لرباعي وتري نسائي، أجواء الإشادة والترحيب بجميلة بوحيرد، التي وصفتها وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم بأنها رمز نسائي عالمي في مقاومة الاستعمار، إذ كانت السينما المصرية سباقة في تقديم فيلما عن مشوار كفاحها بتوقيع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين. واستقبل حضور المهرجان المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد بحفاوة شديدة فور صعودها على خشبة المسرح.
من جانبها، وجّهت بوحيرد التحية للشعب المصري بالعربية ثم اعتذرت منهم بأنّها ستلقي كلمتها بالفرنسية قائلةً: «فرنسا ما سمحت لي بتعلم اللغة العربية التي أعشقها» وقالت: «هناك العديد من النساء يناضلن في وطني وفي كل أنحاء العالم».
كما حرص الفنان محمود حميدة على إلقاء أبياتٍ شعرية في جميلة بوحيرد ترحيباً بها، قائلا: “لم أكن أتخيل أنى سأقابل هذه السيدة العظيمة، التي أصبحت رمزاً لنضال المرأة في الوطن العربي”.
تمكين للمرأة
يرى الناقد السينمائي عصام زكريا، أن سينما المرأة تمكن السيدات، وتجعل لهنّ صوتا في مناصرة قضاياهن وأفكارهن، مشيرا إلى أن صناعة السينما منذ نشأتها يسيطر عيها الرجال. وأضاف “زكريا”، أن مهرجان أسوان لأفلام المرأة، فرصة للترويج للسينما النسوية بكل ما تقدمه، خاصة أن معظم الأفلام تعتبر من السينما المستقلة البديلة، مؤكدًا أن النساء لديهن العين المختلفة في تصور الواقع والسينما التي تقدم بعدساتهنّ وتصوراتهنّ عن الحياة مختلفة.
وأكّد “زكريا” أن المهرجان في دورته الأولى حقق صدى كبيرا في الوسط السينمائي الدولى، خاصة عندما احتفى بأفلام المخرج المصري العالمي، يوسف شاهين، وكيفية تناوله لعالم المرأة وعلاقته الذاتية بها.
ورأى الناقد السينمائي، أن اشتراك أكثر من 20 دولة من العالم في هذا المهرجان في دورته الثانية يعدّ إنجازا جديدا وتشجيعا للحركة النسوية لإنتاج الأفلام واقتحام المجال للتعبير عن أنفسهن. وأشار إلى أن المهرجان مدعوم من وزارتي الثقافة والسياحة، إلى جانب دعم المجلس القومي للمرأة ونقابة السينمائيين، وهو ما يحقق ميزانية كبرى لتشجيع هذه النوعية من السينما.
وبدورها اعتبرت الناقدة أمل ممدوح، مهرجان أسوان لأفلام المرأة، محاولة لإيجاد سينما بديلة تتعامل مع المرأة بزاوية أخرى، غير الزاوية التي يراها منها الرجل، ومن اللغة التي تكرست عبر سنوات طويلة في أذهان الجمهور تجاه المرأة. وأضافت أمل، أن المهرجانات عموماً أداةٌ فعّالة للتأثير في الجمهور وجميع الأوساط، إذ تكون بمثابة صوت يضع المرأة في مكانة مسموعة ومرئية لتفرض نفسها وتتيح الفرصة في التعبير عن قضايها ورؤيتها للعالم والمجتمع.
وأكّدت الناقدة السينمائية، أن مهرجان أسوان في دورته الأولى نجح في تسليط الدور على إبداعات المرأة الثقافية والفنية، وأن الدورة الثانية ستكون امتدادا لها، مع التأكيد على تشجيعها. وتابعت: “رسائل المهرجان تتلخص في فتح أحضانه للمرأة كي تبدع، فهو بمثابة أداة العرض والترويج والتكريم للأعمال التي تنصف المرأة وتحقق لها ريادتها، فالمهرجان ليس مجرد فعاليات تنسى بعد انتهائها ولكنها تستمر وستظل، حتى يتم تمكين المرأة بقضاياها وليتفاعل معها الجمهور”.
كما توقعت الناقدة السينمائية أن المهرجان بطبيعة الحال في دورته الحالية سوف يحدث جدلا كبيرا، إذ يضم مجموعة من الأفلام التي ستؤدي إلى “حيرة فنية وفكرية”، إلا أن ذلك سيكون في خدمة المهرجان وصناع هذه الأفلام، وفق نظرها.
وتستمر فعاليات المهرجان حتى السادس والعشرين من الشهر الحالي، ويتضمن مسابقتان، الأولى للأفلام الطويلة أكثر من 60 دقيقة، والثانية للأفلام القصيرة أقل من 30 دقيقة، ويكرّم في دورته الثانية أيضاً ثلاثة من صانعات السينما هنّ المخرجة عطيات الأبنودي، والمخرجة والمنتجة ماريان خوري، ومصممة الملابس ناهد نصر الله.
وقد افتتح المهرجان بفيلم «البحث عن أم كلثوم»، وسيُختتم بعرض فيلم «بلاش تبوسني» اللذين تلعب بطولتهما الفنانة الشابة ياسمين رئيس. ويتنافس في مسابقة الأفلام الطويلة التي يرأس لجنة تحكيمها المخرج الجزائري أحمد راشدي، 12 فيلماً من مختلف دول العالم من بينها أربعة عربية، وفيلمان من مصر. بينما يتنافس في المسابقة الخاصة بالأفلام القصيرة 16 فيلماً.
أبرز الأفلام الطويلة المشاركة
زهرة الصبار
فيلم مصري، من تأليف وإخراج هالة القوصي، عرض في مسابقة “مستقبل براق” بمهرجان روتردام 2017، ثم بمهرجان دبي، وحصلت بطلته، منحة البطراوي، على جائزة “أفضل ممثلة”.
وتدور قصة الفيلم حول “عايدة”، الممثلة الريفية الصاعدة، التي تطرد من بيتها، فتتجول هي وصاحبتها في شوارع القاهرة، بلا مأوى أو مآل، فيجدان شابا يُدعَى إسماعيل. تبدأ السيدتان رحلة البحث عن مأوى، وما بين أحداث عادية، وأخرى كارثية، يتحرك الثلاثة لاستكشاف الذات، فيما تنمو بينهما صداقة استثنائية، مثل زهرة رقيقة تتفتّح من بطن صبارة شائكة.
السعداء
روائي جزائري طويل، يروي دراما مجموعة شباب جزائريين مصابين بمرض نفسي وهو الشعور باليأس والرتابة في الحياة، من بطولة سامي بوعجيلة وناية قاسي، وإخراج صوفيا جمعة، وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل إخراج في الدورة الـ14 لمهرجان دبي السينمائي.
وتدور قصة الفيلم في فترة التسعينيات ويفتح الفيلم النقاش حول المجتمع الجزائري بالتطرق إلى واقعه اليومي ومشكلاته وتناقضاته، على ضوء مواضيع علاقات الشباب بالشابات والجانب الإنساني منها والعلاقة مع الآخر والقيود الروحانيّة والحياة الزوجية وخيبات الأمل.
البحث عن أم كلثوم
يعرض حياة السيدة أم كلثوم، أشهر مطربات الوطن العربي، مستعرضًا قوتها كامرأة اجتازت الحواجز والعوائق الدينية والسياسية.
الفيلم من إخراج وتأليف شيرين نيشاط وبطولة الممثلة المصرية ياسمين رئيس، وهو إنتاج مشترك بين ألمانيا وفرنسا والمغرب وإيطاليا والنمسا، واختارته إدارة المهرجان ليكون الفيلم الافتتاحي.
ويقول النقاد، إن نيشاط لم تقدم سيرة أم كلثوم في هذا الفيلم بشكل مباشر، ولكن قدمت أم كلثوم التي أرادتها وبحث عنها في كل امرأة، المرأة المهمشة في المجتمع الذكوري، الذي يتغلب على كل شيء من حوله.
وتشمل قائمة الأفلام الطويلة، الفيلم التونسى “على كف عفريت” من إخراج كوثر بن هنية، والفيلم الفرنسى البلجيكى “مخلوقات منقرضة” من إخراج جيل بوردو، الذى عرض فى مسابقة آفاق بفينيسيا، وهيلسنكي وتايباي، والفيلم الصينى “ملائكة ترتدى البياض” من إخراج فيفيان كو، إلى جانب االفيلم الجورجى “ديدى” من إخراج مريم ختشفاني.
وتضم القائمة الفيلم الهولندى “ليلى إم” من إخراج ميك دي يونج، و فيلم “مستكة وريحان” من إخراج دينا عبدالسلام.
الأفلام القصيرة
يتنافس في هذه المسابقة 15 فيلما، أبرزها:
ليلك
لبناني قصير مدته 24 دقيقة، تدور أحداثه حول حنا، وهي امرأة مكتئبة تعود إلى لبنان بعد 12 سنة من الغياب، لزيارة والدتها المريضة، لتحقيق أمنيتها الأخيرة في البحث عن توءمها فراس المختطف في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، وتؤدي دور البطولة في الفيلم وفاء هلاوي، وفايق حميصي، وعليا الخالدي.
ومن المقرر أن تحضر مخرجة الفيلم اللبنانية، ميرا شعيب، عرضه في المهرجان، علماً بأنها حاصلة على شهادة بفنون الإعلام “إخراج تلفزيوني وسينمائي” من الجامعة الأميركية في بيروت. كما حصلت بعد تخرجها في العام 2015 على منحة من مؤسسة روبرت بوش شتيفتونغ للدراسة لمدة 6 أشهر في أكاديمية الفيلم بادن – فورتمبيرغ من أجل كتابة سيناريو “ليولك” وإخراجه في لبنان.
عرس الشوك
تونسي، تدور أحداثه في يوم 14 يناير عام 2011، حول عائلتين يجهزان لحفل زفاف وسط ارتباك سياسي وإعلامي، وتنقلب الأحداث لينتهي حفل الزفاف باغتصاب زوجي للعروس، وهو فيلم قصير من إخراج ميرفت كمون وبطولة خالد هويسة.
عدت يا أمي
فيلم يوناني من إخراج ديمتريس كاتسيميريس، يروي قصة امرأة تعود بعد 40 عاما إلى القرية التي ولدت فيها بسبب وفاة والدتها بغرض الحفاظ على صورة قديمة في يديها: أم مع ابنيها. وعند وصولها إلى المقبرة، واجهت وجوه جميع الذين تركوها خلفهم.
وشملت القائمة عدة أفلام عربية أخرى، هي “عطر بغداد” من إخراج رؤى العزاوي، و”وقت للصلاة”، إنتاج بحريني إماراتي مشترك، من إخراج المخرج البحريني أحمد الكويتي، والفيلم السعودي “الباص” من إخراج نورا المولد، والمغربي “التحليق” من إخراج كيفن لو دورتز، والمصري الإيطالي “الخطوة” للمخرج محمد حسام الدين.
وتضم قائمة الأفلام القصيرة “صوفي” من إخراج إلا جين نيو، والفيلم الدنماركي “أتيليه” من إخراج إلزا ماريا جاكوبسدوتير، كما يُعرض داخل المسابقة الفيلم الأمريكي “المرض المقدس” من إخراج إريكا سكوكينجز، والفنلندي “بعد اللقاء” من إخراج كيرسيكا ساري، والروماني “كسب عيش” إخراج ماتي ليكاسي جرنبرج.
يذكر أن مهرجان أسوان واحد من سلسلة مهرجانات سينمائية انطلقت في السنوات الأخيرة في مدن الأقصر وشرم الشيخ والغردقة. ويحسب للمهرجان هذا العام الخروج بعروض الأفلام من قاعات السينما التقليدية إلى قاعات بعض الجمعيات الأهلية بقرى أسوان في خطوة لنشر فنون السينما إلى جانب تنظيم عروض سينمائية بمدينة شلاتين، بالإضافة إلى مناقشة قضية العنف ضد المرأة بمشاركة متميزة من نساء أسوان والمجلس القومي للمرأة من خلال منتدى نون المصاحب لفعاليات المهرجان.