جون ستيوارت مل وحقوق المرأة
كتاب "استعباد النساء" للمؤلف جون ستيوارت مل

عبدالله فاضل/ فيسبوك- تعود معرفتي بجون ستيوارت مل إلى سنتي الجامعية الأولى في كلية الاقتصاد، حيث كان علينا أن نتعرف إلى علماء الاقتصاد الكلاسيكيين، وهو واحد منهم. وبعد ذلك تقطعت بنا السبل، ولم أعد ألتقي به إلا صدفة هنا أو هناك، حين يستعين به أحد ما لتوضيح هذه الفكرة أو تلك.
وهكذا، إلى أن دفعتني إليه صدفة أخرى في أثناء عملي في ترجمة كتاب “نحو نظرية نسوية في الدولة”، فتعرفت فيه إلى جانب آخر، غير جانب العالم الاقتصادي، جانب الفيلسوف المدافع عن الحرية والمطالب بالمساواة التامة بين النساء والرجال.
صحيح أن كتاب “دفاع عن حقوق المرأة” لماري ولستونكرافت (الصادر في عام 1792) يعتبر أول كتاب في النسوية، لكن كتاب جون ستيوارت مل استعباد النساء، يعتبر من أوائل الكتب التي كتبها رجال في هذا الموضوع. والكتاب يمتاز بأن صاحبه فيلسوف وعالم اقتصاد، ومن ثم فهو يضع موضوع المساواة ضمن إطاره الفلسفي والاقتصادي وبعديهما في الحياة الاجتماعية.
لا أرغب هنا أن أقدم عرضًا للكتاب، بل أكتفي بعرض بعض المقتطفات التي تهدف إلى تسليط الضوء على إسهام هذا الفيلسوف في موضوع المناداة بالمساواة التامة للنساء.
مقتطفات من كتاب “استعباد النساء”
“إن المبدأ الذي ينظم العلاقات الاجتماعية بين الجنسين (الذكور والإناث)، ويجعل خضوع أحد الجنسين للآخر عملًا مشروعًا، هو مبدأ خاطئ في ذاته؛ كما إنه يمثل عقبة رئيسية أمام التقدم البشري؛ ومن ثم فينبغي أن يزول ليحل محله مبدأ المساواة التامة الذي لا يسمح بوجود سلطة أو ميزة في جانب وعجز وعدم أهلية في جانب آخر”
“إن قانون القوة نفسه بدا دائما –عند أولئك الذين لا يستطيعون الالتجاء إلى أي قانون آخر- الأساس الطبيعي أكثر من أي أساس آخر لممارسة السلطة. كما يذهب الغزاة إلى أن الطبيعة نفسها هي التي أمرت الشعوب المهزومة بطاعة الغزاة، أو كما يعبرون عن الفكرة بألفاظ رقيقة –أن الشعوب الضعيفة التي لا قدرة لها على الحرية، ينبغي أن تخضع للشعوب التي هي أكثر شجاعة ورجولة”
“وهكذا نجد أن الزوجات، حتى في أقصى حالات الإيذاء البدني الشديد، ومهما طالت مدته، لا يجرؤن مطلقًا على اللجوء أو الاستعانة بالقوانين التي وضعت لحمايتهن، وإن فعلت احداهن ذلك، في لحظة غضب لا يقاوم، أو تحت تأثير الجيران أو تدخلهم، فإن جهودها، بعد ذلك، تنصب على التماس العفو عن المذنب، وتخفيف ما يستحقه الطاغية من عقاب”
“إننا نجد سادة النساء يريدون منهن أكثر من الطاعة البسيطة، ولهذا أحالوا قوة التربية بأسرها لتساعد في تحقيق أغراضهم. فجميع النساء ينشأن منذ نعومة أظافرهن على الإيمان بأن شخصية المرأة المثالية هي الضد المباشر لشخصية الرجل؛ أعني الشخصية التي لا تكون لها إرادة ذاتية حرة، ولا قدرة على ضبط النفس، وإنما الشخصية الخاضعة المستسلمة لإرادة الآخرين وسيطرتهم”
“وربما سرت أبعد من ذلك، وقلت إن مسار التاريخ، والاتجاهات التقدمية للمجتمع البشري، لا تؤيد هذا النظام القائم على اللامساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، فضلًا عن أنها تقدم حجة دامغة ضد هذا النظام”
“ربما كانت الخاصية الأساسية التي يتميز بها المجتمع الحديث هي القول إن الموجودات [الكائنات] البشرية لم تعد تولد في أوضاع محددة سلفًا، وإنما هي تولد حرة في استخدام ملكاتها، واستغلال ما يتاح لها من فرص في سبيل تحقيق المصير الذي تصبو إليه أكثر من غيره”
“إن المؤرخين والفلاسفة ذهبوا إلى أن ارتفاع النساء أو انحطاطهن، في مجمله، هو المعيار المؤكد والمقياس الصحيح للحكم على شعب ما أو عصر بالتحضر أو التمدن”
“ومن هنا فإن ما يسمى الآن “طبيعة النساء” هو شيء مصطنع، وهو ثمرة الكبت في بعض الاتجاهات، وإثارة غير طبيعية في اتجاهات أخرى”
“يمكن أن نقول: إن عدم اهتمام البشر وجهلهم الفاحش فيما يتعلق بالمؤثرات التي تشكل الشخصية الإنسانية هما من أكبر العقبات التي تعوق تقدم الفكر، وتكوين الآراء السليمة المؤسسة تأسيًا جيدًا من الحياة والتنظيمات الاجتماعية”
“غير أن الناس، في العادة لا ترى في التاريخ، والأسفار سوى ما يوجد في أذهانهم بالفعل، وقلة منهم هي التي تتعلم الشيء الكثير من التاريخ”
“على أننا ينبغي أن نضع في ذهننا … أن فهم الرجل لامرأة واحدة لا يعني بالضرورة أنه فهم غيرها. وحتى لو إنه استطاع دراسة عدد من النساء من طبقة واحدة أو من بلد واحد، فإن ذلك لا يعني أنه فهم نساء الطبقات الأخرى، والبلدان الأخرى. وحتى لو افترضنا، جدلًا، أنه فعل ذلك فإن ما درسه، مع ذلك، يشكل نساء فترة واحدة من فترات التاريخ … إن المعرفة التي يستطيع الرجال تحصيلها عن النساء –حتى فيما يتصل بالماضي والحاضر، دون أن نتعرض لما سيكون عليه الحال في المستقبل، هي معرفة سطحية وناقصة تمامًا، وأنها ستكون على هذا النحو باستمرار إلى أن تقول النسء ما لديهن، وما ينبغي عليهن قوله”
“ونحن نفترض أن الرأي العام للرجال هو أن الرسالة الطبيعية للمرأة هي أن تكون زوجة وأم. وأنا أقول: “نحن نفترض”، لأن المرء يستطيع إذا حكمنا من الأفعال، وبالتكوين الحالي للمجتمع بأسره، أن يستنتج أن رأي النساء على النقيض المباشر لذلك تمامًا”
“إني أعتقد أن ما يخشاه الرجال ليس هو امتناع النساء عن الزواج، فلا أظن أن هناك من يخشى ذلك حقيقة، ولكن الرجال يخشون إصرار النساء على أن يتم الزواج بشروط متساوية”
“لا شك أن هناك فروقًا عقلية بين الرجال والنساء، لكنها ليست سوى الأثر الطبيعي للاختلافات في التربية والظروف، ولا تدل على أي اختلاف جذري خلقته الطبيعة”
“إن مرحلة التجديد الأخلاقي للجنس البشري لن تبدأ حقًا إلا عندما تطبق قاعدة المساواة العادلة على أساسيات العلاقات الاجتماعية. وعندما تتعلم الموجودات البشرية أن تهذب أقوى مشاعرها مع ند ونظير في الحقوق والثقافة”
“تحدثنا حتى الآن عن المنافع التي يمكن أن يجنيها العالم عندما يكف عن جعل الجنس مبررا للحرمان من المزايا وعلامة على الخضوع والاستعباد … ولكننا إذا أغفلنا الفائدة المباشرة، أو المكسب الذي لا يقدر السعادة الخاصة لنصف الجنس البشري (النساء) الذي سيتحرر نكون قد بخسنا القضية حقها بشكل خطير، فالمسألة بالنسبة لهذا النصف (أي النساء) هي الفرق بين حياة الخضوع للآخرين، وحياة الحرية العقلية، فالحرية هي أثمن وأقوى حاجات الطبيعة البشرية بعد الضرورات الأولية من غذاء وكساء”
“والواقع أنه بين حب القوة وحب الحرية تطاحن خارجي مستمر، وكلما قل قدر الحرية، اندفعت القوة بانفعال طاغ دون مبالاة لأي وازع”
الكتاب صادر بالعربية بترجمة إمام عبدالفتاح إمام.

كتاب "استعباد النساء" للمؤلف جون ستيوارت مل

كتاب “استعباد النساء” للمؤلف جون ستيوارت مل

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015