الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السورية- ركّز تقرير الحالة السكانية الذي أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان على تراجع مؤشرات الصحة الإنجابية على مستوى بعض الدول عازياً السبب لارتباط الرعاية الأولية والصحة الإنجابية للأم بالوضع الاقتصادي للأسرة.
اختار الصندوق هذا العام موضوعاً له صفة العمومية على مستوى العالم وخاصة في الدول النامية كون المشكلات السكانية تظهر بشكل واضح في هذه الدول حيث أثبتت الدراسات والتقارير التي أجراها الصندوق وجود ارتباط واضح بين الوضع المادي للأسرة ومدى استفادتها من خدمات الصحة الإنجابية ومسالة تنظيم الأسرة.
وحول واقع الصحة الإنجابية في سورية وما تقوم به الحكومة من إجراءات لتحسين المؤشرات الصحية عموماً بين رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الدكتور أكرم القش أن سورية من الدول التي تقدم خدمات الرعاية الأولية ومنها الصحة الإنجابية بشكل شبه مجاني بالمقارنة مع دول أخرى لافتاً إلى أن ارتفاع مؤشرات الصحة الإنجابية في سورية قبل الأزمة دليل على ذلك فعلى سبيل المثال بلغ معدل وفيات الأمهات في سورية 65 حالة لكل مئة إلف ولادة في حين وصلت وفيات الأطفال الرضع إلى 20 حالة وفاة لكل إلف وذلك نتيجة تعميم الخدمات الصحية وإمكانية وصولها إلى جميع المواطنين.
ورأى الدكتور القش إن المدخل الأساسي للعمل على مسائل التنمية هو تمكين المرأة اقتصادياً ومعرفياً لتكون قادرة على بناء مواقفها وسلوكها وتلبية احتياجاتها من الخدمات الصحية في حال تطلبت تكلفة مادية.
ويشير التقرير الصادر عن الصندوق إلى انه يوجد بعض الفروقات بين الدول لجهة العلاقة بين الوضع الاقتصادي للمرأة وسلوكها الإنجابي فمؤشرات الصحة الإنجابية تكون متدنية لدى النساء الأقل تعليما حيث تتشكل فجوة معرفية لديهن لعدم متابعتهن التعلم الأمر الذي يؤثر على وصولهن إلى الخدمات الصحية عموما والإنجابية خصوصاً.
ويلفت الدكتور القش إلى إن الأزمة في سورية أثرت سلبا على مؤشرات الصحة الإنجابية نتيجة عدم إمكانية الوصول إلى المراكز والعيادات الصحية وتدمير قسم منها جراء الإرهاب وهجرة الكوادر.
وأوضح الدكتور القش أن الهيئة بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية تقوم الآن على تقييم مؤشرات التنمية للوصول إلى وضع سياسة سكانية تدخلية في مسائل الرعاية الصحية الأولية كما إن الحكومة مستمرة في تقديم خدمات رعاية طبية وتعليمية رغم الصعوبات والتحديات.
وأوضح الدكتور القش أن السياسة السكانية التدخلية التي تعمل بها الهيئة مع مختلف الجهات والوزارات المعنية تهدف إلى معرفة الفجوات وردمها للعودة بالموءشرات الصحية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة حيث يتم العمل على خطة إسعافية لمدة 3 سنوات بدءاً من العام الحالي حتى عام 2020 وفق أولويات محددة وبرامج استهدافية حسب المناطق والشرائح الاجتماعية.
ولفت الدكتور القش إلى إن مؤشرات الصحة الإنجابية كثيرة وواضحة تستكمل مع خطط الصحة والتعليم واليوم تعمل هيئة تخطيط الدولة والتعاون الدولي على إعداد تقرير التنمية المستدامة الذي سوف يتضمن هذه المؤشرات وسيصدر قريبا.
وأكد الدكتور القش انه يتم التركيز على تمكين المرأة اقتصادياً وتعليمياً ومشاركتها المجتمعية حيث بدأت الهيئة بالتعاون مع وزارة الزراعة على تمكين المرأة الريفية بشكل مباشر وتقديم الخدمات في ثلاثة مجالات هي الصحة الإنجابية والرعاية الصحية والتعليمية والتشغيلية عبر إعادة تفعيل البرامج الاستهدافية التي كانت أطلقتها عام 2011 وتعثّرت بسبب ظروف الأزمة واليوم يتمّ تفعيل العمل بها من جديد كخطوة أولى.
وأشار الدكتور القش إلى أن البرامج الاستهدافية تتضمن دعم المشاريع الصغيرة الخاصة بالمرأة الريفية وربطها بمشاريع تماثلها في المدن لتحقيق تكامل في المنتجات وتسويقها وتفعيل دور المرأة وخاصة النساء المعيلات للأسر فكلما كانت منتجة وعاملة كانت مؤشرات الصحة الإنجابية والتعليمية أعلى.
وبحسب تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان “ما لم تعالج مسألة عدم المساواة على وجه الاستعجال وما لم تتمكّن أفقر النساء من اتخاذ قراراتهنّ بشأن حياتهنّ؛ يمكن للبلدان أن تواجه اضطرابات وتهديدات للسلام والتنمية”.
وحذّر تقرير الصندوق من إن عدم توفير خدمات الصحة الإنجابية بما في ذلك تنظيم الأسرة لأفقر النساء يودي إلى إضعاف الاقتصادات وتخريب التقدم نحو تحقيق هدف التنمية المستدامة وعدم المساواة الاقتصادية ينسحب إلى نواح أخرى في حياة المرأة بما فيها الصحة.
وحول التقرير قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانم “إنّ أفقر النساء لديهن أقل الخيارات المتاحة لتنظيم الأسرة وأقل فرص الحصول على الرعاية السابقة للولادة ومن المرجح أن يلدن دون مساعدة طبيب أو قابلة”.