عبد الكريم البليخ/ raya- هناك كثيرون ما زالوا يدّعون أنّ إعطاء المرأة حقوقها ودورها في المجتمع، يعني تجردها من أخلاقها وطهارتها، وهذا خطأٌ كبيرٌ يقع فيه أغلب العامّة.. لا سيما أنَّ الغالبية منهم لم تعد تفرّق بعدُ بين المرأة المحصنة الملتزمة، والمرأة التي خرجت عن مفاهيم وقيم وقواعد ثابتة.
الحرية ضرورة لا بدّ منها للمرأة في اختيارها لأغراضها الخاصّة، وفي كيفية تحقيق زياراتها إلى صديقة ما، وفي حديثها إلى زوجها، وفي الإدلاء بحديث في موضوع يخصّها في العمل مع زميلة. أليس من حقّها الإفصاح عن رأيها.. أم أن الرجل وحده هو من يقرّر عنها، وعلى المرأة الطاعة والتنفيذ، والتزام الصمت بعيدًا عن أي خطوة إيجابية تظهر فيها رأيَها بصراحة، ولولا هذه المرأة لما عَمرت البيوت واستمرّت الحياة.
افسحوا للمرأة دورَها في الحياة، وخاصةً من قبل الأشخاص -وإن كانوا قلة- الذين ما زالوا، وللأسف، يتمتعون بعقول تحتاج إلى توعية وإدراك شامل بدلًا من التزمّت الأعمى الذي يمقته الجميع، ويدفعون به بعيدًا، ويتمسكون بآرائهم غير المقبولة. إنَّ حرية نيل المرأة حقوقها صارت أمرًا واقعًا ولا يمكن بحال طمسه، وليس معنى إعطاء المرأة حريتها هو أن تقوم بفعل ما تريد، بل إن منحها حريتها هذا يعني أنها ستكون أكثر حرصًا على أفعالها وتصرّفاتها وكل خطوة تخطوها، والوقوف عند كل ما يسيء لها من أفعال يراها قاصرو النظر أنّها يمكن أن تخلّ بكرامتها وبكينونتها وبمكانتها الاجتماعيّة، كما يظنّ البعض الذين يقفون اليوم موقفًا متشدّدًا وعدائيًّا حيال كل ما يبدر منها، ويتناسى أمثال هؤلاء أنّ المرأة التي يعنونها هي الأمّ والأخت والزوجة وغير ذلك، لا سيما أنّ المرأة وجدت إلى جانب الرجل، في البيت والمعمل والحقل والحرب، والدفاع عن المقدسات، ومعالجة الجرحى وخدمتهم.
لكي تكتمل دورة الحياة التي تعيشها معنا المرأة فلا بد من بصيص للحرية، وهذا ما يجعل ثقتها بنفسها قائمة، ويمكنها من فعل المزيد في الحياة لا أن تظل منطوية على نفسها خائفة مرعوبة من أي تصرف تحاول القيام به، وإن كان تافهًا.
إنَّ المرأة تلعب دورًا كبيرًا في المجتمع، ما يعني حفظًا لكرامتها وبدونها فإن الحياة تظل رتيبة بلا معنى.. فالمرأة يبقى لها كينونتها التي لا يمكن بحال العيش بدونها أكان ذلك بالنسبة للأسرة، أم للأولاد والزوج، فهي ضلع مكمل للرجل. إنها العمود الأساس وبدونه لا يمكن أن تكتمل قواعده.
وعندما ننادي بحرّية المرأة، ضمن الأصول العامة المتبعة، فهذا لا يعني أننا ندرجها ضمن إطار يُلغي شخصيتها ومكانتها وعفويتها وبساطتها وإلغاء دورها في المجتمع، والأسرة بصورة خاصة، فمتى أُعطيت المرأة كامل حقوقها أدركت بالتأكيد بمسؤولياتها الجسام تجاه تصرفاتها، وهذا ما يعني ضرورة منحها حقوقها وثقتها بنفسها، وهذه الحقوق التي نقصدها يفهمها البعض وللأسف على أنها تتجاوز حدود العقل والمنطق، وهذا خطأ كبير لا يمكن تجاوزه مهما كانت المبرّرات.
فحقوق المرأة تعني منحها ثقتها بنفسها، وأنها قادرة على تجاوز ما يمكن أن يعيق الكثير من المشاكل التي تقف حجر عثرة في طريقها. يجب أن نعرف أن مفهوم الحرية بالنسبة للمرأة أبعد بكثير مما نفكّر فيه، فهي تحتل مكانة كبيرة في تفكيرنا وفي ضمائرنا وبمجرد مصادرة هذا البصيص من الأمل الذي تُشاد عليه قواعد البناء السليمة، فإن ذلك سيكرّس واقعًا غير محبّب.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.