الأمم المتحدة- ارتفعت نسبة تمثيل النساء في المناصب القيادية حول العالم، في البرلمانات والحقائب الوزارية، في عدد من البلدان، ولكن هذه النسبة تظل أقل بكثير من مستوى التكافؤ بين الجنسين في أغلب بلدان العالم.
فوفقاً لخريطة تمثيل المرأة في الحياة السياسية لعام 2019، بلغت نسبة الوزيرات حول العالم مستوى غير مسبوق وصلت إلى 20.7%، أي بزيادة قدرها 2.4% مقارنة بعام 2017، مع تنوع أكبر في أنواع الحقائب الوزارية التي تشغلها النساء.
وبينما زادت الحصة العالمية للبرلمانيات في العالم لتصل إلى 24.3%، انخفض تمثيل النساء في المناصب القيادية العليا إلى 6.6% من رؤساء الدول المنتخبين و5.2% من رؤساء الحكومات.
وفي الاجتماعات رفيعة المستوى للجنة وضع المرأة، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة السيدة فومزيلي ملامبو-نغكوكا إن “زيادة عدد النساء في الحياة السياسية يعني تعزيز الطابع الشامل للقرارات، وتغيير صورة القادة في أذهان الشعوب،” مشيرة إلى أن الطريق لا يزال طويلا وشائكا.
ودعت السيدة ملامبو-نغكوكا إلى ضمان توفير الحماية الاجتماعية والبنية التحتية التي تعمل لصالح النساء حول العالم، بما يخدمهن ويغير نوعية حياتهن للأفضل. وقالت: “نحن بحاجة إلى التأكد من أن النساء غير العاملات، والنساء اللائي يتحملن كلفة الرعاية في المجتمع، واللائي يحصلن على أجور منخفضة، واللائي يعملن في القطاعات غير الرسمية يمكن لهن جميعاً الاعتماد علينا لمواصلة الدعوة إلى التغييرات التي من شأنها تحسين أوضاعهن وجودة حياتهن.”
وأكّدت السيدة ملامبو-نغكوكا من هذا المنطلق أهمية موضوع لجنة وضع المرأة لهذا العام، لأننا جميعنا “بحاجة إلى الاعتماد على بعضنا البعض وعلى جماهير النساء الملتزمات بإحداث التغيير” حسب قولها.
الأرقام تتحدث عن نفسها، تحقيق التكافؤ بين الجنسين قد يستغرق قرناً
أما رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة السيدة ماريا فرناندا إسبينوزا، فدعت من جانبها إلى الاعتراف بالنساء اللائي يناضلن من أجل المساواة في العمل، وزيادة فرص الحصول على التعليم الجيد، ومن “يبذلن الغالي والنفيس من حياتهن للحفاظ على حياة النساء والفتيات الأخريات،” حسب تعبيرها.
وسلّطت إسبينوزا الضوء على مشاركة المرأة في الحياة السياسية، قائلةً إن الأرقام تتحدث عن نفسها؛ إذ “لا يزال 90% من رؤساء الدول والحكومات من الرجال، وكذلك 76% من البرلمانيين، والغالبية العظمى من البلدان لا تحكمها امرأة”.
وحذّرت رئيسة الجمعية العامة من أنه بالاستمرار في الاتجاه الحالي، “سوف يستغرق الوصول إلى التكافؤ أكثر من قرن”.
خُمس وزراء العالم فقط من النساء
وتستعرض خريطة تمثيل المرأة في الحياة السياسية، التي تصدر كل عامين بالاشتراك بين الاتحاد البرلماني الدولي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الترتيب العالمي للنساء في الجهازين التنفيذي والبرلماني للحكومات حول العالم.
ووفق أحدث البيانات، باتت النساء يشغلن 50% أو أكثر من المناصب في تسع دول فقط، ولكنها نسبة أكبر مقارنة بست دول في عام 2017.
والدول التسع هي إسبانيا ونيكاراغوا والسويد وألبانيا وكولومبيا وكوستاريكا ورواندا وكندا وفرنسا. فيما شهدت إثيوبيا أكبر زيادة في التمثيل السياسي للمرأة في الحقائب الوزارية لتصل إلى 47.6% في 2019.
ومن بين بلدان آسيا، حققت باكستان تقدما كبيرا، لتقفز من غياب أي وزيرة في حكوماتها في عام 2012 إلى تسجيل نسبة من الوزيرات بلغت 12%.
موريتانيا على رأس دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستأثر موريتانيا بأكبر حصة من الوزيرات في المنطقة بنسبة 31.8%، تليها الإمارات بنسبة 29%.
أما الدول التي لا توجد فيها وزيرات، فقد انخفض عددها من 13 بلدا في عام 2017 إلى 11 اليوم، من بينها أذربيجان والعراق والسعودية وتايلند.
ومن اللافت للنظر أنه مقارنة بالعام الماضي، باتت المرأة تتولى حقائب وزارية كان يشغلها الرجال عادة، مثل وزارات الدفاع والمالية والخارجية.
تركيز على أزياء النساء أو كيف يرتدينها أكثر من التركيز على أفكارهن
وأشارت السيدة فرناندا إسبينوزا إلى التحدّيات التي تواجهها المرأة في الحياة السياسية، مثل المقاومة التي يجدنها داخل أحزابهن، والمعايير المزدوجة والمعاملة التمييزية في بعض وسائل الإعلام.
وقالت إسبينوزا إن “بعض الصور النمطية الاجتماعية تولي أهمية أكثر لما ترتديه النساء أكثر من مما يقدمنه من أفكار”.
مشاركة المرأة في السياسة يضمن التقدم وزيادة الاستثمار
وشدّدت رئيسة الجمعية العامة على أن “غياب أو نقص تمثيل المرأة في الحياة السياسية له تأثير مباشر على الاعتراف بحقوقهن وتوسيع هذه الحقوق، كما يسهم ذلك في استدامة عدم المساواة في ممارسة السلطة، وفي أماكن صنع القرار”.
وأكّدت السيدة فرناندا إسبينوزا أن “المساواة بين الجنسين ومشاركة المرأة في السياسة تعزز الاستقرار الاقتصادي وتسهم في تعزيز المؤسسات”، كما أنه “إذا تم استبعاد نصف سكان العالم من المعادلة فلن تتحقق أهداف التنمية المستدامة،” حسب قولها.
وقد أثبتت الإحصاءات أن زيادة تمثيل المرأة في البرلمانات يضمن التقدم في إصلاح القوانين التمييزية وزيادة الاستثمار في المجالات الرئيسية، مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
ووفقاً للدراسات الحديثة، تزداد احتمالية استمرار اتفاقيات السلام لأكثر من خمسة عشر عاما بنسبة 35%، عندما تشارك المرأة في المفاوضات.
ودعت رئيسة الجمعية العامة إلى العمل من أجل خلق الوعي لتعزيز قيادة المرأة في جميع المجالات، قائلة “بدون مشاركة المرأة في السياسة تتعرض التنمية المستدامة وحقوق الإنسان والسلام للخطر الشديد”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.