رئيسة الجمهورية قيد الانجاز
المرأة رئيسة!

رهادة عبدوش/swnsyria- لملمت سونيا بضعة أوراق كانت قد قررت رميها بعد يأسها من عودة أطفالها إليها بسبب انتزاعهم منها بحكم المحكمة منذ زواجها من رجل غريب (كما يصفه القانون) ليصبحوا بحضانة والدهم المتزوج أيضاً.

وأسرعت ابتهال إلى صندوق توفير البريد لفتح حساب لأطفالها بعد أن طالبها بموافقة القاضي الشرعي أو وليّ الأمر من ذكور عائلة زوجها المتوفي (أحد العموم أو الجد) فهي لا يحق لها فتح حساب لهم فالولاية مرهونة بالذكورة.

وتفاءلت منال بقرب تحقيق حلمها  كقاضية شرعية في أحد المحاكم في دمشق أو حلب، وتباهت منيرة الطبيبة بأنه ستقبل شهادتها مناصفة كجارها العونطجي في القضايا الشرعية، وستنال حليمة حقها المساوي لأخيها بالإرث، وعصمت ستزيل خوفها من الطلاق الاعتباطي الذي يهددها زوجها به بإرادته المنفردة، وستعطي ميساء جنسيتها السورية لأولادها تماماً كما منح اخيها الجنسية السورية لأولاده المقيمين بأمريكا ومن امرأة سويدية.

تغيّرت حالات النساء السوريات منذ أن سمعن بمرشحة لرئاسة الجمهورية العربية السورية، فالنساء إذاً يمكنهن أن يرأسن دولة، وهذا ليس مجرّد كلام فقد وافقت المحكمة الدستورية العليا على طلب ثلاث سيدات هن فاتن نهار، ناهد دباغ ودعد قنوع. وتمّ تقديم الكتاب إلى مجلس الشعب ووافقوا على ترشيحهن، ليوازين الذكور بحق الترشيح رغم الدستور الذي لا يسمح بشكل واضح بهذا الحق، لكن تمت الموافقة ما يعني أنها مساوية للذكر في الحق برئاسة الجمهورية.

فمن بين (23) مرشّحاً إلى الآن  توجد ثلاث سيدات لا ينتمين إلى أي حزب سياسي وليس لهن قاعدة شعبية كما جميع المرشحين /ات، في مسرحية جميلة مبشرة بالخير من حيث الحجية بحق النساء بالمساواة.

دستور 2012 بعيداً عن الجندرة وعن المساواة

لا يخفى على أحد أن الدستور السوري 2012 لم يكن جندرياً أبداً فالخطاب ذكوري بالرغم من أنه يستطيع التأنيث والتذكير لكنه آثر على ذلك الخطاب  غير الواضح فكانت المادة من الدستور  واضحة وعلنية من حيث الدين  في الفقرة التي تقول:1-  دين رئيس الجمهورية الإسلام.

أما من حيث الجنس فقد جاء في الفصل الثاني المتعلق بالسلطة التنفيذية المادة الرابعة والثمانون في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية  ما يلي:

  • أن يكون متمماً الأربعين عاماً من عمره.
  • أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة.
  • أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره.
  • أن لا يكون متزوجاً من غير سورية.
  • أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشرة سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.

(أن يكون أولا يكون)  لكن لم يذكر الفعل المؤنت وبما أن اللغة العربية تخاطب الجموع بالمذكّر فيمكن التغاضي عن ذلك لكن كانت العبارة واضحة في الفقرة الرابعة  التي تقول: 4-  أن لا يكون متزوجاً من غير سورية.

فمن الواضح هنا التذكير والتأنيث وبقيت الأمور في أخذ ورد: إذاً لن تتم الموافقة على ترشيحها بل ستتم الموافقة، وحسم الجدل بتاريخ 20 نيسان عندما أعلن رئيس مجلس الشعب أسماء المرشحين ومن بينهم المرشحات الثلاث.

أحلام السوريين/ ات بدستور جندري

كثيرة كانت المحاولات للوصول إلى دستور جندري يضمن المساواة بين الجنسين، لكن لم يؤخذ بها. ومن المبادي الدستورية التي طالبت بها الجمعيات النسوية والمدافعين/ ات عن حقوق المرأة الإنسان أن  تقوم الدولة السورية على أساس مبدأ المواطنة المتساوية ومبدأ فصل السلطات وفصل الدين عن الدولة، واستقلال القضاء، وأن تكون جميع المواطنات والمواطنين متساوين في القانون وأمامه، دون تمييز بينهم بسبب الدين أو العرق أو القومية أو الجنس أو الرأي السياسي.

وأن يعطى لجميع المواطنات والمواطنين حق التمتع بالمشاركة السياسية وتولي المناصب العامة دون أي تمييز، وأن يكون لجميع المواطنات والمواطنين حق التمتع بالجنسية السورية، دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو القومية أو الجنس.

لكن عندما تمّت صياغة الدستور عام 2012 بوجود نساء ورجال، لم تراع تلك المسائل ولم يهتم أحد بذلك لأن التغيير الحقيقي في الدستور يجب أن يطال مواد بعينها من مثل ألا يعتبر الفقه الإسلامي مصدراً رئيساً في التشريع  وألا تبقى قوانين الأحوال الشخصية للطوائف الدينية الأولوية وهذا لم يأت به دستور الجمهورية بل على العكس أكدت المادة الثالثة في الفقرة الثانية أنّ الفقه الاسلامي مصدر رئيس في التشريع وفي الفقرة الرابعة الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية.

ما يعني أنه لا يمكن المساس بالقوانين التي يريدها الشرع الديني ومنها أنه لم يتطرق إلى المساواة بالإرث، وكذلك الأمر بالنسبة للجنسية فقد بقيت بحسب القوانين القائمة كما ذكر الدستور.

وبوسط كل هذا التمييز تخرج سيدة لتقول أنها تريد الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية لتصدق حليمة وميساء وسونيا وابتهال أنهن يساوين الذكور بالحقوق، فرئيسة الجمهورية لا يمكن أن تطلّق إدارياً ولا أن تُسحب منها حضانة  أولادها لأنها تزوجت ولا يمكن ألا تكون قادرة على تزويج نفسها أو على الأقل تساوي شهادتها في الشرع نصف شهادة عاطل عن العمل، ولا يمكن بكل تأكيد أن تتولّى امرأة شؤون الدولة وهي لا تستطيع أن تكون وليّةً على أطفالها، أو قيّمة أو وصيّة إلا بإذنٍ من القاضي الشرعي.

المرأة رئيسة!

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015