CNN عربي- كشفت حديقة “سنترال بارك”، في مدينة نيويورك، نهار الأربعاء الماضي، عن نصب تذكاري يبرز رائدات حقوق المرأة، وهن سوزان برونيل أنتوني، وإليزابيث كادي ستانتون، وسوجورنر تروث، ليصبح أول تمثال في الحديقة لشخصيات نسائية واقعية.
ويأتي هذا النصب التذكاري بعد مرور 100 عام على إقرار التعديل التاسع عشر في الدستور الأمريكي، الذي منح المرأة الأمريكية حقّ التصويت. ويكرّم 3 شخصيات نسائية رئيسية في حركة حقوق المرأة في نيويورك. يقتضي التنويه إلى أنّ كلّ من هؤلاء الشخصيات قد تُوفيَت قبل أن تحصل المرأة الأمريكية على حقّ التصويت.
سوزان أنتوني، التي اُعتقلت وأُدينت بالتصويت بشكل غير قانوني في عام 1872. وأليزابيث ستانتون، التي شاركت في تأسيس الجمعية الأمريكية للمساواة في الحقوق ودفع من أجل حق المرأة في التصويت. وسوجورنر تروث، التي وُلِدَت في زمن العبودية في نيويورك، وهربت إلى الحرية عام 1826 لتصبح معروفةً في مجال إلغاء عقوبة الإعدام وناشطة في مجال حقوق المرأة.
ميريديث بيرجمان، التي نحتت النصب التذكاري، قالت إنه “لأمر رائع أن تركّز مدينة نيويورك وسنترال بارك الآن على إنجازات المرأة ورؤيتها على أنها تستحق أن تحصل على تمثال”.
وما زالت تماثيل النساء تعدّ نادرةً في مدينة نيويورك وجميع أنحاء الولايات. فيوجد في “سنترال بارك” حالياً تماثيل للعديد من الفتيات والنساء لكنها لشخصيات خيالية، مثل شخصية “أليس في بلاد العجائب”. وسيصبح التمثال الذي يجسّد الناشطات السياسيات، هو التمثال الأول لشخصيات نسائية واقعية في المنتزه في تاريخه البالغ 167 عاماً.
وفي أنحاء مدينة نيويورك، ومن بين تماثيل الشخصيات التاريخية البالغ عددها 145 في المدينة، هناك 5 فقط تجسّد شخصيات نسائية، وفقاً لما ذكرته بام إيلام، رئيسة منظمة “Monumental Women”، وهي المنظمة التي قادت إنشاء التمثال الجديد.
ووفقاً لمركز بحث المجموعات في مؤسسة سميثسونيان، فإن أقل من نسبة 10% من المنحوتات الخارجية في أمريكا تجسّد شخصيات نسائية تاريخية.
كما قال مؤرّخون لـCNN إن التماثيل العامة تعكس قيم المجتمع في المجمل، وإن الافتقار إلى التمثيل النسائي كشف حقيقةً أوسع عن أمريكا.
وقالت مارغريت واشنطن، أستاذة التاريخ الأمريكي في جامعة كورنيل، إن “حقيقة وجود عدد قليل جداً من تماثيل النساء تشير إلى هيمنة النظام الأبوي للذكور البيض”، مضيفةً أن “المرأة لا تعتبر بالفعل ذات قيمة لمجتمعنا”.
وبدورها قالت إريكا دوس، أستاذة الدراسات الأمريكية في جامعة نوتردام، إن عدم وجود تماثيل للنساء يعكس أيضاً من يقرّر ما يُقال للتاريخ. وأشارت إلى أن “التاريخ يكتبه الرجال عن أنفسهم وتلك هي التماثيل والنصب التذكارية والآثار التي تُنصب”.
ولمعالجة هذه القضية المستمرة، كافحت مجموعة “Monumental Women” غير الربحية من أجل الحصول على تمثال لحقوق المرأة في “سنترال بارك” عام 2014. وكانت الخطة الأولية هي تصميم تمثال يُظهر كل من ستانتون وأنتوني يعملان على كتابة وثيقة. ومع ذلك، تلقت المنظمة انتقاداتٍ لتقليص دور النساء صاحبة البشرة غير البيضاء في حركة حقّ النساء في التصويت.
وقالت واشنطن، التي كتبت سيرة ذاتية عن سوجورنر تروث، إن ستانتون وأنتوني ليستا المؤسستين الوحيدتين لحقوق المرأة. وأشارت واشنطن إلى أن “نقص تماثيل النساء ذات البشرة الملوّنة، يُضاعف من قضية نقص تماثيل النساء”، مضيفةً: “كم عدد التماثيل التي تجسّد النساء ذات البشرة الملوّنة لدينا؟”.
في العام الماضي، أضيفت تروث إلى نصب “سنترال بارك” التذكاري لتعكس هذا التاريخ بشكل أفضل.
رئيسة منظمة “Monumental Women” قالت إن “جميعهنّ شاركن في الكثير من الاجتماعات وصعدن على المنابر ذتها، فلماذا لا نضعهنّ معاً على قاعدة تمثالٍ واحدة”. وأضافت إيلام أنه “علينا التأكّد من أن السجل التاريخي يحترم ويعكس كلّ النساء والأشخاص ذوي البشرة السمراء”.
وبحسب ما يجسّده تصميم النصب التذكاري، تبدو تروث وكأنها تتحدّث، بينما تنظّم أنتوني الحديث وتقوم ستانتون بالكتابة، وهو ما يعدّ تمثيلاً للعناصر الأساسية الثلاثة للنشاطية، وفقاً للفنانة التي نحتت العمل. وتجلس كل من تروث وستانتون على طاولة صغيرة، بينما تقف أنتوني عند الطاولة ممسكةً بحقيبة سفر.
وأوضحت بيرجمان أن المشهد يصوّر لحظةً في مكانٍ مغلق، إذ أن الكثير من النشاط السياسي للمرأة نشأ من المنزل.
وقد تمّ وضع النصب التذكاري في ممشى “سنترال بارك” الأدبي، وهو متنزه تصطّف على جانبيه الأشجار ويضمّ أيضاً تمثال لشكسبير، والروائي الاسكتلندي السير والتر سكوت، والمؤلف الأمريكي فيتز-جرين هاليك.
وقالت بيرجمان إنها تأمل أن تُلهِمَ مثل هذه التماثيل الفتيات الصغيرات للقيام بعملٍ جاد من أجل التغيير الاجتماعي، مع العلم بأن النساء يقُمن بهذا النوع من العمل منذ قرون، وأنّ حقوقهنّ تنبع من جهد هؤلاء النساء.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.