وكالات- تنتشر بين الحين والآخر، فتاوى دينيّة طريفة أو غريبة أو صادمة، فيتناقلها الناس بين مستنكر ومستغرب ومستهزئ. ولعلّ أبرزها تلك المتعلّقة بالمرأة، فتسمع العجب العجاب من رجال الدين الّذين يتصدّرون المنابر الإعلاميّة، وتُفتح لهم أبواب الفضائيّات على مصراعيها.
ومؤخراً أفتى رجال الدين في ولاية أوتار برادش الواقعة شمال الهند بتحريم مشاهدة مباريات كرة القدم للمرأة المسلمة حتى على شاشات التلفاز، حتى لا ترى سيقان اللاعبين العارية.
وقال عطار قاسمي، المفتي في أحد أكبر المراكز الدينية، في بلدة ديوبند، يُمنع على النساء مشاهدة اللاعبين وسيقانهم وركبهم عارية، مشيراً إلى أن ذلك يتنافى مع مفاهيم الإسلام. كما انتقد قاسمي الرجال، الذين يسمحون لزوجاتهم بمشاهدة مباريات كرة القدم، حتى ولو كان ذلك من خلال التلفاز.
وتساءل المفتي: “أليس لديكم حياء؟ لماذا تشاهد النساء كرة القدم؟ وماذا سيجنين وهن يشاهدن سيقان الرجال؟”، مشيراً إلى أن النساء ستهتم فقط بذلك ولن يتابعن حتى نتيجة المباراة.
وقد أثارت هذه الفتوى حفيظة النشطاء الحقوقيين، مشيرين إلى أن ذلك يعني منع النساء من مشاهدة أي نوع من الرياضة حتى التنس والسباحة، متسائلين : “كيف يمكن أن تصبح مشاهدة المباريات الرياضية أمراً يتنافى مع الأخلاق؟”.
المرأة المسلمة & الفتاوى
وفي وقتٍ سابق في العام 2014، أكّدت دار الإفتاء المصرية، حرمة المحادثات الإلكترونية Chat، بين رجل ومرأة إلا في حدود الضرورة، قائلة: “لا تجوز المحادثة الإلكترونية بين رجل وامرأة كل منهما أجنبي عن الآخر إلا في حدود الضرورة”، مبررة ذلك بأنها “فتح لأبواب العبث والشر، ومدخل من مداخل الشيطان وذريعة للفتنة والفساد”.
كما أفتى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر ياسر برهامي، أن على المرأة التخلي عن ملابسها الضيقة، وعدم ارتدائها حتى أمام إخوتها وأولادها، لما فيها من إثارة قد تشعل رغباتهم الجنسية. قائلاً: “إذا كانت الثياب ضيقة تجسِّم حجم الفخذ مثل الاسترتش Stretch، لا يجوز للمرأة أن تلبسها إلا أمام الزوج، وإن كانت واسعة جاز لها أمام أبيها وإخوتها أو أولادها“.
وكذلك جاءت فتوى إباحة النظر التي صدرت من الداعية المصري أسامة القوصي، أباح فيها للرجل “النظر إلى المرأة أثناء استحمامها ما دام ينوي الزواج منها”. وصادق على فتواه بالقول إن “أحد الصحابة كان يراقب خطيبته وهي تغتسل في البئر، حتى يتأكد من صلاحها للزواج”.
كما أفتى الشيخ السلفي ياسر برهامي بجواز عدم دفاع الرجل عن زوجته في حال تعرّضها للاغتصاب، إذا كان الأمر يهدد حياته. وقال: “إذا كانت الحالة أنه يقتل وتغتصب زوجته، فلا يجب عليه الدفع، لأن تخفيف إحدى المصيبتين أولى من جمعهما عليه“. مستشهداً بموقف الإمام العز بن عبد السلام، عن ترك المال للصوص حفاظاً على الروح من القتل.
وكذلك رفض وحرّم عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر رشاد حسن التعري في الجماع، وأفتى أنه “لا يجوز تجرد الزوجين من ملابسهما بالكامل أثناء المعاشرة الجنسية، “لأن هذا حرام شرعاً ويبطل عقد الزواج”.
وعلى الرغم من مرور سنوات عدة على إصدار فتوى “إرضاع الكبير” من قبل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف عبد الله القرضاوي، فقد أثارت جدلاً، حين تم تناولها مرة أخرى. إذ أفتى رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين في جماعة القاهرة عزت عطية في العام 2015، أنه “يجوز للمرأة إرضاع زميلها الرجل في مكان العمل”، وذلك لمنع أن تقع خلوتهم في العمل على إثم، على أن توثّق رسمياً أسماء من أرضعتهم من ثديها.
وقد أصدر في وقتً سابق أحد الدعاة المسلمين المصريين في أوروبا، فتوى تُحّرم على النساء ملامسة الخضر والفاكهة التي تتخّذ شكل العضو الذكري، مثل الموز والخيار والكوسى. والسبب أنها تثيرهنّ جنسياً، أو توحي بأفكار جنسية. وقال الشيخ إنه “في حال أرادت المرأة تناول إحدى هذه الخضر، فلا بد من طرف ثالث يعدّها من خلال تقطيعها لأجزاء صغيرة تبعدها عن شكلها الأصلي“.
كما أطلق أحد شيوخ السلفيين في قناة الرحمة الفضائية المصرية وهو الشيخ مصطفى العدوي، فتوى بعدم جواز لبس الكعب العالي خارج المنزل، وجواز لبسه فقط داخل المنزل من باب التزين للزوج، مستشهداً بقصة أوردها أحد الصحابة عن نساء بني إسرائيل. وقال العدوي: “إذا كانت المرأة تلبس الكعب العالي لتتبرج به للرجال الأجانب فهذا محرم وممنوع، لأنه يحمل فساداً والله لا يحب الفساد”.
فوضى الفتاوى
تهدف الفتاوى في الإسلام إلى تنظيم الحياة اليوميّة للمسلمين لبناء مجتمعاتٍ سليمة قادرة على حمل أمانة التكليف الإلهي والرقيّ بالإنسان. لكن يبدو أنّ هذه الأخيرة، انحرفت عن مسارها السليم فأصبح بعضها مدعاةً للسخرية والغرابة.
وبقدر ما تثير فوضى الفتاوى هذه الضحك والاستنكار، تدعونا إلى التساؤل حول تصدّر بعض رجال الدين لهذا النوع من التصريحات المُهينة للمرأة المسلمة التي يقولون أن الله قد كرّمها وأن الاسلام أعزّها ورفع من شأنها.