سياسية ألمانية من أصل فلسطيني، شقت طريقها التعليمي والسياسي بنجاح رغم الظروف الصعبة لأسرتها الفقيرة اللاجئة، وأصبحت أول مسلمة تتولى منصب المتحدثة باسم الخارجية الألمانية، وواجهت بعد تعيينها وزيرة للدولة بحكومة برلين المحلية هجوما عاصفا، بسبب تصريحاتها حول الشريعة الإسلامية وحق المسلمات في ارتداء الحجاب.
قناةالجزيرة- عينت الحكومة الألمانية؛ في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016، سوسن شبلي وزيرة للدولة بالحكومة المحلية للعاصمة الألمانية، لشؤون تنسيق علاقة الولاية بالحكومة الاتحادية وبباقي ولايات البلاد الـ15. ولدت سوسن شبلي عام 1978 بحي موأبييت البرليني الشعبي لأسرة فلسطينية لجأت لبرلين الغربية عام 1970، قادمة من مخيمات اللاجئين بلبنان، وكانت الطفلة رقم 12 بين 13 شقيقا وشقيقة، وكان أبوها وأمها حينذاك أميين ولا يعرفان سوى بضع كلمات من اللغة الألمانية.
وظلت سوسن حتى سن 15 تصنف بلا جنسية من جانب سلطات الهجرة والجوازات الألمانية، التي كانت تجدد لها إقامة غير مستقرة على فترات قصيرة، حتى حصلت عام 1993 على الجنسية الألمانية.
وذكرت السياسية الألمانية أن زيارتها في سن العاشرة لوالدها بسجن الترحيلات الذي وضع فيه لتسفيره للبنان بسبب انتهاء إقامته بألمانيا بقيت دائما صورة لم تفارق مخيلتها، وشجعتها على التميز والنجاح، وأشارت إلى أنها وجدت قدوة ومثلا أعلى في شقيقها الذي عمل في السويد إماما، ثم مستشارا لحكومة هذا البلد في مجال الاندماج.
حققت شبلي رغم قسوة ظروفها المعيشية تميزا في دراستها؛ فتعلمت الألمانية واتقنتها بالمدرسة الابتدائية، وحصلت عام 1996 على الشهادة الثانوية بتقدير الأولى بامتياز، ثم التحقت بجامعة برلين الحرة التي حصلت منها عام 2004 على إجازتها في العلوم السياسية بتخصص العلاقات الدولية.
بعد انتهاء دراستها الجامعية عملت سوسن شبلي باحثة سياسية بكتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، وفي عام 2009 اختارها مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن والسياسات الدفاعية عضوا بلجنة القادة السياسيين الشبان.
وفي مارس/آذار 2010 اختار إيرهارت كورتينغ وزير الداخلية المحلي لولاية العاصمة الألمانية برلين شبلي رئيسة لقسم حوار الثقافات بوزارته، وفي 24 يناير/كانون الثاني 2014 عين وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير سوسن شبلي متحدثة باسم الوزارة؛ لتصبح بذلك أول مسلمة تتولى هذا المنصب بتاريخ البلاد.
انضمت سوسن عام 2001 للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحازت منذ هذا الوقت على دعم كبير من قيادات هذا الحزب، كالمستشار السابق غيرهارد شرودر ووزير داخلية ولاية برلين الأسبق كورتينغ ووزير الخارجية شتاينماير، ورأى هؤلاء أن هذه السياسية الشابة تمثل مثالا يحتذى به لنجاح اندماج الشبيبة من أصول مهاجرة في المجتمع الألماني.
وخلال عملها بوزارة داخلية برلين أسست شبلي منتدى “جمعة” الجامع باسمه لاختصار الحروف الأولى للعبارة الألمانية ” شبيبة مسلمة ناشطة”، والكلمة العربية المعبرة عن يوم الجمعة، وعمل هذا المنتدى على تفعيل مشاركة الشبيبة المسلمة في الأنشطة العامة في المجتمع الألماني.
وأسهمت شبلي عبر هذا المنتدى بدعم أنشطة شبابية مختلفة، منها مسابقة “أي سلام” السنوية للشعراء المسلمين الشبان، وفي عام 2014 أسست السياسية الشابة “مجموعة عمل المسلمين” بالحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي إليه.
وفي أغسطس/آب 2016 أجرت صحيفة “فرانكفورتر الغماينة تسايتونغ” مقابلة مشتركة مع شبلي وزميلها بالحزب الاشتراكي ورئيس حكومة برلين ميشيل موللر، ذكرت فيها أن الكثيرين يتحدثون عن الشريعة الإسلامية دون معرفة أن كلمة شريعة تعني باللغة الألمانية طريق، وأن الشريعة الإسلامية تنظم في أجزاء كبيرة منها علاقة المسلم بالله في العبادات كالصلاة والصيام والزكاة.
وقالت شبلي إن الشريعة تتواءم مع الدستور الألماني ولا تتعارض مع الديمقراطية، ولا تمثل مشكلة بالحياة اليومية للمسلمين في ألمانيا، ورغم تأكيد شبلي بوضوح عدة مرات احترامها للديمقراطية والقوانين الألمانية، فإن تصريحاتها في هذه المقابلة اتخذت مبررا للهجوم عليها بعد اختيار رئيس حكومة برلين ميشيل موللر لها وزيرة للدولة بحكومته الجديدة.
ودعا أيرول أوزكاركا -وهو سياسي محلي من أصل تركي بالحزب الاشتراكي- موللر للتراجع عن تعيين شبلي بحكومته، وقال أوزكاركا إن شبلي ليست مسلمة معتدلة، وإنما محافظة ترى الحجاب التزاما دينيا للمسلمات، وتسعى لتجميل الإسلام المحافظ وإعطائه مكانا في المجتمع الألماني.
ورغم تكرار كاي فيغنير النائب بالبرلمان الألماني عن الحزب المسيحي الديمقراطي الطلب نفسه، فإن الحزب الاشتراكي الديمقراطي رفض هذه الدعوات، وأصر على دخول شبلي في حكومة برلين التي تم الإعلان عنها في 18 ديسمبر/كانون الثاني 2016، وزيرة للدولة بالحكومة المحلية للعاصمة الألمانية لشؤون تنسيق علاقة الولاية بالحكومة الاتحادية وبباقي ولايات البلاد الـ15.