“طفح الكيل”… “عيون فاطمة” تنير الطريق لـ”حماية كاملة” للمرأة الأردنية
طالعات .. طفح الكيل

الأردن\ raseef22- بعدما ملأت حادثتها المأساوية السمع والأبصار، خرج العشرات من المحتجين في الأردن تضامناً مع “سيدة جرش” فاطمة أبو عكليك الزوجة الشابة التي فقأ زوجها عينيها لتفقد بصرها بعد سنوات من التعرض للعنف الأسري.

وتحت عنوان “طفح الكيل”، احتشد العشرات من أعضاء القوى النسائية والبرلمانية والسياسية والحزبية والحقوقية، في 16 تشرين الثاني/نوفمبر، قرب الدوار الرابع في العاصمة عمان حيث مقر رئاسة الوزراء للحكومة الأردنية مطالبين بإنهاء العنف الأسري “المستشري” في البلاد.

لعيون فاطمة

كانت قد دعت للوقفة جمعية “النساء العربيات” الأردنية، ونظمتها اللجنة الأردنية الوطنية لشؤون المرأة، تضامناً مع المواطنة فاطمة أبو عكليك التي فقدت بصرها تماماً على يد زوجها الذي اقتلع عينيها في الأسبوع الماضي.

لكن الوقفة لم تقتصر على المطالبة بحق سيدة جرش، وإنما جميع المعنفات في الأردن، حيث هتف المحتشدون: “لعيونك يا فاطمة… بدنا (أي النساء) حصانة كاملة” و”عدل قانونك عدل… عدل تشريعك عدل” و”لا شرف ولا عورة… المرأة هي الثورة” و”حرية حرية غصباً عن الذكورية”.

وانتقد المشاركون بشدة “القوانين التمييزية” ضد النساء في البلاد، مطالبين إلى “تمكين اقتصادي” للمرأة والتوعية المجتمعية بحقوقها، مشددين على أن العنف الأسري منتشر في الأردن ويرتكب من مختلف الأوصياء الذكور على المرأة.

“مظلة أمان لمواجهة الظلم”

وشارك في الوقفة والد وشقيقة ضحية التعنيف، فاطمة، الذين أعربا في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، عن شكرهما “نخوة الأردنيات والأردنيين الذين تداعوا للوقوف إلى جانب الزوجة الشابة”.

ونقلت بترا عن الوالد قوله إن “التضامن مع ابنتي وعائلتي يشد من أزرنا في مواجهة ما حدث معنا كعائلة”، مؤكداً عدم التنازل عن حق ابنته القانوني أمام القضاء.

أما شقيقة فاطمة، رحاب، فأشارت إلى أن مثل هذه الوقفات “تعني الكثير، ليس لفاطمة وحدها بل لجميع النساء، حيث تدعم حياتهن وثباتهن، وتمنحهن مظلة أمان وقوة لعدم السكوت في وجه الظلم”.

الأمينة العامة للجنة الأردنية الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، صرحت للوكالة الرسمية بأن “هدف الوقفة مساندة فاطمة في أخذ حقها قانونياً، وتوفير الدعم والحماية لها”، داعيةً إلى ضرورة وضع خطة شاملة لمجابهة العنف ضد النساء والمراجعة الشاملة لقانوني العقوبات والحماية من العنف الأسري في البلاد.

في الأثناء، اعتبرت النائبة الأردنية وفاء بني مصطفى، التي شاركت في الوقفة، أن هذه الوقفة تعبر عن رفض جريمة جرش وكافة أشكال العنف الأسري، والعنف الموجه ضد النساء، مطالبةً بـ”منظومة كاملة من الوقاية والحماية والتأهيل لجميع النساء المعنفات، وإعادة النظر في منظومة حماية الأسرة في الأردن، وأن تصبح الأجندة الاجتماعية أولوية أولى لدى الحكومة”.

محامية الضحية أبو عكليك والمديرة التنفيذية لمركز “ميزان للقانون”، إيفا أبو حلاوة، أكدت أن الوقفة تضامنية مع فاطمة وكل ضحايا العنف الأسري، وترمي إلى وضع العنف الأسري على أجندة المجتمع والحكومة.

أين المسؤولون؟

وحظيت الزوجة الضحية، أبو عكليك، بتضامن واسع فور تناقل قصة فقء زوجها عينيها، لاسيما مع تأكيدها أنه كان دائم الاعتداء عليها بالضرب والسب وأنها افتدت أطفالها بعدما خيرها زوجها بين قتلها هي أو أطفالها. كما قالت إنها سعت إلى الطلاق منه لكن الفقر منعها من ذلك.

لكن نشطاء انتقدوا التعامل الحكومي مع أحد أبشع حالات العنف الأسري في البلاد. وكانت مُديرة البرامج في “النساء العربيات” ليلى نفاع، قد أوضحت أن سبب الوقفة هو “غياب صوت المسؤولين تجاه هكذا قضايا. لا بد أن يخرج المسؤولين عن صمتهم لشجب ما جرى والتوضيح للناس الإجراءات التي ستُتبع في القضية”.

وأضافت خلال مقابلة تلفزيونية: “نطالب بتغليظ العقوبات في القوانين التي تخُص قضايا تعنيف النساء وإصلاح الوضع القانوني لصالح النساء وحمايتهن، وتنظيم حوارات بين المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني لمساعدة النساء المُعنفات”.

ولفتت الناشطة النسوية إلى أن الاستراتيجيات القانونية التي “يتغنى” بها المسؤولون لا تنفذ على أرض الواقع وتبقى حبيسة الأدراج.

ونهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حثّت منظمة العفو الدولية السلطات في الأردن على التوقف عن “التواطؤ” مع نظام وصاية الرجل على المرأة، ووقف مظاهر حدّه من حريات الأردنيات الشخصية، منتقدةً “الاحتجاز التعسفي من دون تهمة أو محاكمة للنساء في الأردن لدى مغادرتهن المنزل بلا استئذان الأوصياء، من أفراد الأسرة الذكور، أو بسبب إقامة علاقة جنسية خارج نطاق الزواج”.

كما تحدثت المنظمة عن “اقتياد الشرطة الأردنيات لإخضاعهن لفحوص العذرية وإجبار غير المتزوجات في البلاد على التخلي عن مواليدهن غير الشرعيين”.

وقد شهد الأردن نحو 11 ألف حالة عنف أسري، غالبية ضحاياها نساء، منذ بداية العام 2019، بحسب ما أعلنه مدير إدارة حماية الأسرة في الأمن العام الأردني فخري القطارنة في 9 أيلول/سبتمبر الماضي.

وستخرج فاطمة من المستشفى في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، لاستعادة أطفالها الثلاثة الذين سلمتهم السلطات إلى عمهم ثم إلى جدتهم لأمهم حتى تعافي الأم، لكن بدون أن يصبح بإمكانها رؤيتهم مرة أخرى.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

طالعات .. طفح الكيل

طالعات .. طفح الكيل

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015