عاملة بدرجة ربّة منزل.. نمط حياة شائع إلى حد كبير في مجتمعاتنا العربية
رسم تعبيري

كفاح زعتري/ayyamsyria- من الأدوار التقليدية للمرأة في بلداننا العربية، الأعمال المنزلية والتي تعتبر مسؤولية المرأة البحتة وتشمل الترتيب والتنظيف والغسيل وملحقاته وتحضير الطعام والمونة وبكثير من الحالات التسوق وغيرها، أيضاً من أدوارها تربية الأبناء ورعايتهم ومتابعتهم والاهتمام بشؤونهم وهي المعنية بحمايتهم من أي أذىً أو ضرر داخل البيت وخارجه، ومتابعتهم دراسياً وهي بيت سرّهم والوسيط بينهم وبين الأب.

الصورة النمطية الشائعة

تلك هي الصورة النمطية الشائعة؛ بالطبع هناك استثناءات بسيطة ولا تعدو كونها حالات فردية واستثنائية وأقصد أن يتشارك الزوجان العمل كمسؤولية مشتركة. وليس أن يقوم الزوج بأحد الأعمال المنزلية على سبيل المساعدة للضرورة، والضرورة تُقدّر بقدرها، أو أن يضطر لرعاية الطفل بعض الوقت لسبب ما أو إسكاته ريثما تنجز الأم بعض الأعمال. ولا يتوانى عن تمنين زوجته عن الخدمة التي قدّمها.

يشعر الكثير من الرجال الشرقيين بالإهانة إن قام بإحدى هذه الأعمال؛ وتعتبر أيضاً إهانة بثقافتنا، أن يُنسَبَ لرجلٍ مهمةٌ أو صفة تُنسَبُ للنساء أو بأنه “تربية مرا” في الوقت ذاته، أغلب الأفراد رجالاً ونساء ربّتهم أمهاتهم.

وهذا يعكس النظرة الدونية المجتمعية للمرأة والباقية في الذاكرة الجمعية. من جهة تتحمّل المرأة مسؤولية الأولاد بشكل كامل، دون تدخّل مباشر من الأب، وإن فشل/ت أو ارتكب/ت الابن أو الابنة خطأً، تُلام وتعنّف المرأة من الزوج والعائلة والمجتمع، وكأن الأب انتهت مهمته عندما زرع نِطافَه في رحم زوجته.

عمل المرأة المنزلي دون إجازة أو عطلة نهاية الأسبوع

من جهة ثانية، يستمر عمل المرأة المنزلي ومع الأولاد طيلة اليوم، وحتى وقت متأخر من الليل، طيلة أيام الأسبوع، دون إجازة أو عطلة نهاية الأسبوع وغالباً دون حتى إجازة مرضية، دون حقوق تقاعدية بل دون تحديدٍ لسنّ العمل الذي يستمر حتى انهيار الصحة أو الموت.

طبعاً هو عمل غير مأجور، ترضى المرأة وتقنع بما يمنّ به زوجها، قلَّ أو كَثُر، يرتبط بإمكانية الزوج وكرمه والتزامه بأسرته، بغضّ النظر عن حجم الأعباء أو عدد الأولاد. العبارة الشائعة “ست بيت- لا تعمل” فالعمل الذي لا يدرّ المال، لا يقيّم عملاً؛ فعلاً لدينا مفارقات لا يتقبّلها العقل.

قانون الأحوال الشخصية وحقوق الزوجة

الزوجة أيضاً غير محمية بقوانين خاصة، بل لا يُعتَرَف لها بحقّ سوى حقّها الشرعي بموجب قانون الأحوال الشخصية؛ فإن ارتأى الزوج “رب العمل” فصلها من الخدمة لأي سبب أو دون سبب، فعُمُرها الذي أفنته، مقابله مؤخّر الصداق الذي تتآكل قيمته بمرور الزمن. أو تبقى في منزل الزوجية كطاهية ومدبّرة منزل وخادمة وأم، زوجة في القيود الرسمية.

المرأة العاملة مسؤولياتها مركّبة

أما المرأة العاملة، فتلك قصة ثانية، (وهنا أعرض فقط حال النساء في مجتمعنا)، هي زوجة وأم ومسؤولة عن كلّ احتياجات الأسرة المعروفة والمطلوبة مجتمعياً من المرأة وفق الصورة النمطية المتعارف عليها، بالإضافة لعملها خارج المنزل.

فعملها ومسؤولياتها مركّبة، تجعل منها نحلة مستمرة الحركة والعطاء من شروق الشمس إلى ما بعد مغيبها وربما حتى وقت متأخّر من الليل. تقدّم إلى عائلتها الحب والرعاية والمال أيضاً. لا تتمتّع بميزة ولا ينتقص شيء من المهام اليومية المُوكَلة لها. ظروف النساء العاملات متشابهة، مهما كانت طبيعة العمل أو الدرجة العلمية التي تحملها.

للأسف لم ينعكس العلم والعمل والانفتاح على العالم الخارجي ولا الاختلاط بمجتمعات أخرى، على تغيير الصورة والارتقاء بالتفكير والتعامل. في الوقت نفسه يعتبر الذكور بأن خروج المرأة إلى المدرسة أو إلى تدريب هي مطالبة به في مكان إقامتها، شكل من أشكال التنازل، في الوقت الذي قَبِلَه هو لأنه مرتبط بالمعونة الاجتماعية التي تحصل عليها زوجته.

كثرٌ هنّ النساء اللواتي تمرّدن على واقعهنّ بعد لجوئهنّ إلى دول أخرى، ولو بشكل متأخّر. رغبن بالتحرّر من التزامات وأعباء وتسلّط وقيود، حينما تغيّر الظرف الاجتماعي والمادي.

رسم تعبيري

رسم تعبيري

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015