الأمم المتحدة- احتفالاً باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، نظّمت الأمم المتحدة، يوم البارحة الخميس، فعالية افتراضية رفيعة المستوى، سلّطت من خلالها الضوء على الأدوار الحاسمة لمجموعات مختلفة من الناس المنخرطين في الاستجابة للاتجار بالأشخاص، لا سيما في سياق الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19. حيث يعمل أولئك الأفراد في قطاعات مختلفة، ويسعون إلى تحديد ضحايا الاتجار بالبشر ودعمهم وتقديم المشورة لهم والسعي إلى تحقيق الانتصاف لهم، والحدّ من إفلات المُتَاجِرين بالبشر من العقاب.
وقد نظّم هذه الفعالية الافتراضية مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وبعثة جمهورية بيلاروس في الأمم المتحدة، نيابةً عن مجموعة “أصدقاء متحدون ضدّ الاتجار بالبشر.”
النساء والفتيات أكثر الفئات تضرّراً
قالت غادة والي، مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في رسالةٍ بهذه المناسبة: “كل يوم، في كل بلد في العالم، يستغل المتاجرون بالبشر، الناس من أجل الربح. الفقراء والضعفاء هم الأكثر عرضةّ للخطر. وأكثر من 70 في المائة من ضحايا الاتجار الذين تم اكتشافهم هم من النساء والفتيات، في حين أن حوالي الثلث هم من الأطفال.”
وقالت السيدة والي إن جائحة كوفيد-19 فاقمت من المخاطر الناجمة من الاتجار بالشر.
يدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة صندوق الأمم المتحدة الاستئماني المعني بالتبرّعات لضحايا الاتجار بالبشر، ولا سيما النساء والأطفال، كما يدعم المنظمات غير الحكومية لتقديم المساعدة المباشرة إلى 3500 ضحية سنوياً في أكثر من 40 بلداً.
ودعت السيدة والي الحكومات والقطاع الخاص للتبرّع للصندوق الائتماني، فيما دعت جميع الناس إلى إظهار دعمهم من خلال الانضمام إلى حملة القلب الأزرق التي يقوم بها مكتبها في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر. ويرمز القلب الأزرق إلى حزن من تمّ الاتجار بهم، ويذكرنا بوحشية من يتاجرون بالبشر بيعاً وشراءً.
وبمناسبة هذا اليوم العالمي، وفي إطار جهود الاستجابة والتعافي من أزمة كوفيد-19؛ حيّت السيدة غادة والي المستجيبين الأوائل الذين يوفّرون شريان الحياة لضحايا الاتجار بالبشر “فمن خلال إعادة التأكيد على حقوق وكرامة جميع الناس، يمكننا التعافي بشكل أفضل وأكثر شمولاً واستدامة.”
جديرٌ بالذكر أنه يصادف هذا العام الذكرى العشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، والرامية إلى مكافحة ومعاقبة المتاجرين بالبشر.
عدم التسامح مطلقاً مع الاتجار بالبشر
في رسالتها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، دعت الدكتورة ناتاليا كانم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الحكومات الوطنية والمحلية، وسلطات إنفاذ القانون، ونُظُم العدالة الجنائية ومنظمات حقوق الإنسان إلى مضاعفة الجهود لتحديد الاتجار والإبلاغ عنه، وتقديم الجناة إلى العدالة، ودعم الناجين.
كما دعت الحكومات والمنظمات المجتمعية والمدارس والمؤسسات الأخرى إلى الاستثمار في النساء والفتيات وضمان حقوق وفرص متساوية لهنّ، حتى يتمكّنَّ من تحقيق إمكاناتهنّ والعيش حياة كريمة خالية من الأذى.
وقالت إن هناك حاجة إلى بذل جهود إضافية خلال جائحة كوفيد-19، التي تقوّض سُبُل العيش، وتعمّق الفقر وتزيد من تعرّض النساء لخطر المتاجرين، والذين قد يصبح من الصعب على برامج إنفاذ القانون الكشف عنهم خلال عمليات الإغلاق. وأضافت: “يجب عدم التسامح مطلقاً مع الاتجار بالبشر، ويجب أن تستمر معركتنا حتى أثناء الجائحة. يجب ألا نتوقف حتى نضع حدّاً لهذه الإساءة لحقوق الإنسان.”
تطوّر التدخلات بتطوّر أدوات الجريمة
المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو، قال من جهته أن المنظمة الدولية للهجرة كانت تنفّذ تدخّلات لمكافحة الاتجار، وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان، قبل وقت طويل من تزويد بروتوكول باليرمو لمكافحة الاتجار بالأشخاص، بالمعايير المحدّدة بوضوح والمعروفة اليوم.
وأشار إلى أنّ هذه التدخّلات تطوّرت، بمرور الوقت، مع ظهور أشكال جديدة من الاتجار، مشدّداً على ضرورة إقامة شراكة بين الحكومات والقطاع الخاص والنقابات العمالية ومراجعي سلسلة التوريد ووكالات التوظيف؛ لوضع تدابير للحدّ من مخاطر الاتجار والاستغلال.
خمسة اتجاهات
ومن أجل تعزيز نهجٍ لمكافحة الاتجار بالبشر، قائم على حقوق الإنسان، دعت مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بقضية الاتجار بالبشر ماريا غرازيا جيامارينارو إلى ضرورة أن تتغيّر التشريعات الدولية والوطنية في خمسة اتجاهات:
أولاً، ضرورة أن تكون التزامات العناية الواجبة من الدول والشركات مُلزِمَة، خاصةً في مجال الوقاية، والحصول على سبل الانتصاف الفعّالة بما في ذلك في سلاسل التوريد، والتدابير طويلة الأجل التي تهدف إلى الإدماج الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المُتَاجَر بهم والمُستَغَلّين، بما في ذلك التدابير القائمة على حقوق الطفل؛
ثانياً، ضرورة السماح للأشخاص المُتَاجَر بهم والمُستَغَلّين بالطعن في القرارات السلبية المتعلّقة بمركز الإقامة والمساعدة؛
ثالثاً، ضرورة تطبيق مبدأ عدم العقوبة على أي أنشطة غير مشروعة تورّط فيها الأشخاص المُتجَر بهم كنتيجة مباشرة لتهريبهم؛
رابعاً، ضرورة توفير التمويل الكافي للمنظمات غير الحكومية للتعامل مع مجال أوسع من الأشخاص المُستَغَلّين؛
خامساً، يجب أن تنصّ قوانين ولوائح الهجرة على قنوات منتظمة يمكن الوصول إليها، وجدران حماية بين الخدمات الاجتماعية، وتفتيش العمل والإجراءات القضائية، وضوابط الهجرة، وتنظيم وكالات التوظيف والوساطة.
ماذا تعرف عن الاتجار بالبشر؟
- من أغراض الاتجار بالبشر: الاستغلال الجنسي، والسُخرة، والتسوّل القسري، والزواج القسري، وتجنيد الأطفال، فضلاً عن بيع الأعضاء؛
- تمثّل النساء 49% (بينما تمثّل الفتيات نسبة 23%) من إجمالي ضحايا الاتجار بالبشر؛
- الاستغلال الجنسي هو أكثر ظواهر الاستغلال شيوعاً (بنسبة 59%)، يليه السخرة بنسبة 34%؛
- يتم الاتجار بمعظم الضحايا في بلدانهم، أما الذين يتم الاتجار بهم خارجها فينقلون إلى أغنى الدول.
اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص 30 تموز/يوليو
الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، يمسّ الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجِرين سواء في بلدانهم وخارجها. ويتأثّر كل بلد في العالم بظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كان ذلك البلد هو المنشأ أو نقطة العبور أو المقصد للضحايا.
وتتيح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، المساعدة للدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الإتجار بالبشر ومعاقبة المتاجِرين بالأشخاص.
وتعرّف المادة 3، الفقرة (أ) من بروتوكول الإتفاقية، الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواءهم بدافع الإستغلال أو حجزهم للأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الإبتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
ويشمل الحد الأدنى من الاستغلال، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسُخرة أو العمل كخَدَم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرّق، أو استعباد الأشخاص بهدف الإستخدام الجسماني ونزع الأعضاء.
أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعتبار يوم 30 تموز/يوليه اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في قرارها 68/192.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.