السعودية/ بي بي سي- وافق مؤخراً مجلس الشورى السعودي، وبأغلبية، على مشروع قانونٍ لمكافحة جريمة التحرّش. وجاء مشروع القانون قبل أيامٍ فقط من بدء السماح للمرأة بقيادة السيارة من أجل حمايتها من التجاوزات المُحتَملة، وفق ما نقلته بعض الصحف السعودية.
ما هو هذا القانون؟
يرمي القانون المتكوّن من 8 مواد إلى “مكافحة جريمة التحرّش” وينصّ على معاقبة المُتحرّش، بالسجن لمدّةٍ تصل إلى سنتين وبغرامةٍ قدرها 100 ألف ريال أي 26.7 ألف دولار.
وقد تُغلظ العقوبة إلى السجن مدّة خمس سنوات، وغرامةٍ قدرها 300 ألف ريال أي 80 ألف دولار، في حالاتٍ محدّدة.
وعرّف القانون الجديد التحرّش بأنّه “سلوكٌ له مدلولٌ جنسي يصدر من شخصٍ تجاه شخصٍ آخر بقصد المَسّ من جسده أو عرضه بأيّ وسيلة، بما في فيها التقنيات الحديثة.”
احتفاءٌ وحذر
أولت صحفٌ عربية، ولاسيّما السعودية منها، اهتماماً بإقرار مجلس الوزراء السعودي نظام (أو قانون) مكافحة التحرُّش في الأسبوع الماضي. وأثنى كُتَّاب سعوديون على هذا القانون ورأوا فيه حمايةً للمرأة السعودية وتدشيناً لمرحلةٍ اجتماعية جديدة تستطيع فيها المرأة الخروج إلى الشارع والعمل.
واعتبرت مها الشهري، من صحيفة عكاظ، أنّ القانون الجديد “من أهم القرارات التي يحتاج إليها المجتمع في تنظيم تعاملات أفراده على المستويين النفسي والاجتماعي”. وأضافت: “سيؤتي هذا النظام الحازم ثماره في المستقبل القريب، الذي سنشهد فيه تغييراً جذرياً في شكل التعامل والعلاقات بين الجنسين”.
وقال سعد السريحي، من جريدة عكاظ، إنّه “لم يكن هناك مناصٌ من أن تكون العقوبات التي نصّ عليها نظام مكافحة التحرّش عقوباتٍ مغلظة تجمع بين السجن والغرامة، ذلك أنّ التحرّش جريمةٌ ليس من شأنها أن تُعرّض مستقبل من يتم التحرّش بهم للخطر، وإنما لأنها الجريمة الكفيلة بتدمير بيئة العمل وضرب التنمية وتمكين المرأة في مقتلٍ”.
وأضاف السريحي: “عقوبات التحرّش رادعة، وتطبيقها ينبغي أن يكون أشدّ ردعاً، والتشهير بالمتحرّشين يجعل من كلّ عقوبةٍ درساً لمن تسوّل له نفسه التعدّي على حُرمات النساء”.
وبدوره قال عبد الله بن بخيت، في جريدة الرياض، إن “إقرار القانون وتطبيقه سيجعل المرأة في مأمنٍ أكثر ليس فقط من الاعتداء فهذا لا يحصل في بلادنا ولكنه سيحميها من الكلام البذيء والتعليقات المُهدِرة للكرامة، الأمر الذي سيرفع من احترامها لنفسها ومن وعيها بذاتها”. ورأى الكاتب أنّ حماية المرأة على هذا المستوى “سيشجّعها على الخروج من البيت أكثر”.
وأشار بن بخيت إلى أنّ “سنّ قانونٍ للتحرّش يعني الاعتراف بحقّ المرأة في الخروج من بيتها والعمل ومشاركة الرجل في الإنتاج”. وأضاف أنّ “إصدار قانونٍ من هذا النوع سيؤدّي إلى تقويض فلسفة قرار المرأة في بيتها. هذا القانون لا يحمي المرأة من الاعتداءات المرفوضة من الطرفين لكنه سيشرعن حضورها في الحياة العامة لتصبح مثل الرجل”.
خالد الجيوسي، قال في صحيفة رأي اليوم الإلكترونية اللندنية، إن “المُجتمع السعودي أفْرَط سابقاً في التطرُّف، والصًّرامة الدينيّة، ودخل في نفق تطبيق الفصل بين الجنسين، وذلك وفق ضوابط رجال الدين، وهيئتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعليه كان المجتمع يفترض أنه محميٌّ في ظل هذه المظلّة التي تُوفّر الحماية للنساء “المُغيّبات” عن الشارع، والحياة العامّة بمفهومها في الدول العربيّة الأُخرى”.
وتساءل الجيوسي: “هل سينجح القانون فيما فشل فيه الدين سابقاً، في ظل انفتاحٍ أخرج المرأة، وغيّب سطوة الهيئة، مع علامات استفهامٍ حول الرقابة الذاتيّة، ورادع الأخلاق الغائِب أحياناً”.
“المصيدة”
من جانبٍ آخر، دعى عبده خال، في صحيفة عكاظ، إلى التريّث، قائلاً إنّ بعض مواد القانون تحتاج إلى “تفصيلاتٍ محدّدة وإلا فإن مواد القانون ستُدخِلُ ثلاثة أرباع البلد إلى السجون”، وذلك بسبب “التباس بعض المواد وعدم انجلائها”.
ويقول الكاتب: “ولأننا نجهل كثيراً من القوانين سوف يكون قانون التحرّش هو المصيدة التي يقع فيها الكثيرون لأسبابٍ كثيرة أهمّها الجهل بما تنصّ عليها المواد وأيٌّ منها يعدّ تحرُّشاً أو منها يعدّ فعلاً طبيعياً”.
ويضيف أنّ بعض الناس قد ألِفَ ممارسة كثيرٍ من الألفاظ “كمسلكٍ لفظي يُمارس في العلاقات اليومية.. كيف يمكن تقييم هذه المفردات؟ وأيضاً هناك ألفاظ تودّد؛ هل ستدخل إلى نوعٍ من أنواع التحرّش إذا تلفّظ بها أحد؟”
ويتابع: “الآن ونحن نستقبل هذا القانون بفرحٍ يجب إجلاء مواده قبل تنفيذه، ويستوجب الأمر البث والتوعية اليومية لكي يتبيّن للناس الفروقات والمعاملات التي يستوجب على المرء الحذر منها أو فعلها”.
#نظام_عقوبه_التحرش: انقسام على تويتر
وبين مرحّبٍ ومستغرِبٍ، تلقّف المغردون السعوديون القانون الجديد وناقشوا محتواه ومدى نجاعته عبر #قانون_مكافحه_التحرش، و#نظام_مكافحة_التحرش.
المؤيّدون للقانون وصفوه بالخطوة الرائدة واعتبروه أمراً ضرورياً للحدّ من ظاهرة التحرّش. فيما رأى مغرّدون آخرون أنّ المجتمع السعودي ليس بحاجةٍ لقانونٍ لمحاربة التحرّش، وإنما يحتاج إلى قانونٍ يرسّخ الالتزام بالدين، ويمنع التَبَرّج.