المصري اليوم- كانت هناك 3 كتب رائدة تناولت قضية تحرير المرأة، وهى كتاب «المرأة فى الشرق»، تأليف مرقص فهمى المحامى، والذى دعا فيه إلى القضاء على الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق، ومنع الزواج بأكثر من واحدة، وإباحة الزواج بين النساء المسلمات بغير المسلمين، ثم كتاب «تحرير المرأة» لمؤلفه قاسم أمين، فى 1899 بدعم من محمد عبده وسعد زغلول، وأحمد لطفى السيد والذى قال فيه إن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، مشيراً إلى أن الدعوة إلى إزالته ليست خروجاً على الدين، ثم الكتاب الثانى لقاسم أمين «المرأة الجديدة» فى 1900، كما كان للإمام محمد عبده، أفكار بخصوص تحرير المرأة عبر فيها عن حقوق المرأة.
وعايش قاسم أمين هزيمة مصر السياسية على يد الاحتلال البريطانى عام 1882 لكنها فى ذات الوقت شهدت بزوغ حركة وطنية وفكرية وتنويرية صاعدة كان من روادها جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وسعد زغلول، وكان قاسم أمين آنذاك طالباً فى الحقوق حين كان يتردد على حلقة جمال الدين الأفغانى ومدرسته الفكرية ومشروعه الإصلاحى تحت شعاره «الإسلام فى مواجهة الاستعمار فى الخارج والقهر فى الداخل» و«مصر للمصريين»، كما التقى الإمام محمد عبده وأصبح مترجمه الخاص حين نُفى إلى باريس وتأثر بهذه الدعوات الإصلاحية الاجتماعية والدينية وفى فرنسا تأثر بفكر ثورتها الكبرى، ومبادئها خاصة مبدأ الحرية، ثم جاء كتابه الذى ارتبط باسمه كمفكر ومصلح اجتماعى وهو «تحريرالمرأة» فى 1899.
وتعرض «أمين» للانتقاد والهجوم من مستويات وجبهات عدة، إثر إصداره «تحرير المرأة» حيث عارض الحجاب بشدة وعدد مساوئه بالنسبة إلى المرأة، وصحتها الجسدية والنفسية والعقلية والأدبية، وكذلك بالنسبة إلى المجتمع وتقدمه، وبعد أن كان يهاجم المدنية الغربية وما تفرزه من مظاهر وعلاقات التحلل الخلقى والاجتماعى، نجده فى «تحريرالمرأة»، لا يجد سبيلاً لعلاج أمراض المجتمع المصرى والشرقى من تواكل وعجز وافتقاد الطموح والحركة الاجتماعية، إلا أن «نربى أولادنا على أن يعرفوا شؤون المدنية الغربية، ويقفوا على أصولها وفروعها وآثارها، حيث لن يتم إصلاح أحوالنا إذا لم يكن مؤسساً على العلوم العصرية.
والجدير بالذكر أن أحد من عارضوا كتاب وأفكار قاسم أمين كان الزعيم الشاب مصطفى كامل وأبو الاقتصاد المصرى طلعت حرب، والذى أصدر كتابين يرد فيهما على أفكار قاسم أمين وهما «تربية المرأة والحجاب»، وقال فيه: (أول شىء طرأ على ذهننا حين قرأنا الكتاب- تحرير المرأة- ورأينا الناس أخذت تسلق حضرة المؤلف بألسنة حداد ويحملون عليه وعلى كتابه حملات لم نتعودها على مؤلف غيره من قبل أنه لابد فى الأمر من شىء مهم حمل الناس على ذلك إذ لا يمكن أن يجتمع كل الناس على ضلالة فأخذنا نسأل ونتساءل ونبحث ونتناظر حتى علمنا أن هياج الرأى العام على حضرة المؤلف ناتج مما هو راسخ فى أذهانهم من أن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا من قديم الزمان لغاية فى النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوروبا بالعالم الإسلامى)، كما قال: (إن الدين الإسلامى لا يمنع مطلقا من تعليم المرأة وتربيتها وتهذيبها بل هو يحض على ذلك ويأمر به)، ولما أصدر قاسم أمين كتابه الثانى «المرأة الجديدة» بعد عامين، قام طلعت حرب بالرد عليه وإصدار كتاب آخر بعنوان (فصل الخطاب فى المرأة والحجاب) وأشاد به الزعيم مصطفى كامل فى مقالاته المنشورة بجريدة اللواء.
واعتبر طلعت حرب أن قاسم أمين انطلق فى قضية تحرير المرأة من المرجعية الغربية، التى تسعى للنيل من الهوية الإسلامية، وبالرغم من موقف طلعت حرب من دعوات قاسم أمين وكتاباته، إلا أن نقطة الخلاف كانت فى فكرة السفور الذى كان يعتبره البعض عائقاً لحرية المرأة وطالبوا بإزالته، فكان طلعت حرب يعتبر أن القضية الرئيسية لا تتعلق بحجاب المرأة إنما فى تعليمها والتى أشار إليها فى كتاب (تربية المرأة والحجاب).