المحامية دانة نصرالله/ الرأي ميديا- ما زلت أذكر جيداً ذلك اليوم الذي رفض فيه والد إحدى الفتيات الاستمرار في القضيّة؛ لإيمانه بأنّ وجود اسم الفتاة في الملفات في المحكمة، «عيبٌ وعار»، مصرّاً على عدم تقديم الدفاع حتى وإن كانت ابنته مجنياً عليها.
شخصيّاً.. كنت محظوظةً بوجود والدي مسانداً وداعماً لي.. وتراودني الحسرة عندما أرى الفتاة بمعزل عن دعم المحيطين بها، فقط كونها أنثى، وينساب الدعم أضعافاً مضاعفةً على الذكور.
قد يقول البعض إنّ الحديث عن التمييز العنصري وحقوق المرأة «ترفٌ فكري» وأن المرأة نالت حقوقها فماذا تريد أكثر؟ وقد يظنّ البعض أنّ الحديث عن حقوق المرأة ومناهضة التمييز ضدّها، دعوةٌ للانفلات وهدم الأسر!.. لكن بالنظر للأعماق، فإنّ في احترام المرأة رقيّاً وإعلاءاً للمجتمع بأسره.
فالمرأة ما زالت تعاني في ظلّ قوانين الإسكان والعنف الأسريّ وفي المناصب القياديّة، ويقع عليها عبء إثبات أنها تستحقّ ذلك المنصب، وإلّا أُشهِرَت ضدّها الألسن وعليها النزول في أقرب محطة. وعليها دائماً بذل ضعف مجهود الرجل حتى تصل إلى برّ الأمان.. وأيّ خطأ صادر منها سيكون تحت المجهر، ولنا في تجربة النساء الأربع في مجلس الأمة الكويتيّ خير برهان.. فقد تمّ تعميم تجربتهنّ على كامل النساء.
وفي حقيقة الأمر، فإنّ بعض الرجال يجدّ صعوبةً في الاعتراف بتفوّق المرأة، فما بالك بتمكينها؟ لا بل ومن الممكن أن تجده منغمساً في تحليل حجاب المرأة، في حين أن من النادر أن تجد امرأةً منشغلةً في تحليل تقصير لحية رجل!
وقد تجد رجالاً ينهالون بالمديح فقط لكونه «صاحبهم»، ويغضّون الطرف عن العمل نفسه الصادر من إحدى النساء، و كأنّ الامر لا يعنيهم، ما لم يحاولوا التقليل من شأنها.
وهذا هو موقف البعض من المرأة القويّة، وأيّ محاولةٍ لإصلاح ذلك الميل ستقابله معركةٌ قويّة من جانب البعض. وبدلاً من التطرّق لفكرها، سيتمّ التركيز على شكلها وحالتها الاجتماعية!.. وإن هي أفصحت عن رأيّها؛ فستواجه معركةً شرسة من الإقصاء والنهش.. وإن هي التزمت الصمت لكي لا تكون عرضةً للاتهامات والإقصاء ، فماذا سيبقى من كيانها وشخصيتها؟