كيف تستفيد الجماعات المتطرّفة العنيفة من الاتجار بالفتيات؟
اليوم العالمي للفتاة

سلوان عباسي/ swnsyria- بينما يحتفل العالم بقوة الفتيات وإمكاناتهنّ، في اليوم العالمي للفتاة، يجب علينا أن نتصدّى للعقبات الكبيرة التي تمنع الفتيات من المشاركة الكاملة في المجتمع.

عادةً ما تكون الفتيات أول من يترك المدرسة، ومن المرجح أن يتعرّضن للجوع عندما يكون الطعام شحيحاً، ويواجهن معدّلات مذهلة من العنف الجنسي. وفي المناطق المتأثّرة بالصراع والإرهاب – سوريا وميانمار ونيجيريا وخارجها – تتعرّض الفتيات بشكل خاص لخطر الاستعباد والزواج القسري والاستغلال. وهنّ يمثلن ثلاثة من كل أربعة أطفال كضحايا الاتجار بالبشر، مع استهدافهن بشكل متزايد من قبل الجماعات المتطرّفة والمسلَّحة.

يوضح تقريرٌ جديد لمجلس العلاقات الخارجية حول الآثار الأمنية للاتجار بالبشر؛ كيف يمكن للاتجار أن يؤجّج الصراع ويحفّز النزوح ويقوّض الاستقرار.

تستخدم الجماعات المسلّحة والمتطرّفة الاتجار – بما في ذلك الفتيات – كاستراتيجية لتعزيز التجنيد وتوليد الإيرادات ودعم العمليات. وقد اجتذبت الدولة الإسلامية الآلاف من المجنَّدين الذكور من خلال تقديم النساء والفتيات المختَطَفات “كزوجات”، وجمع عائدات كبيرة من خلال الاتجار بالجنس والعبودية الجنسية والابتزاز عن طريق الفدية.

وقدّرت الأمم المتحدة أن مدفوعات الفدية التي حصلت عليها الدولة الإسلامية قد تراوحت بين 35 مليون دولار و 45 مليون دولار في عام 2013 وحده.

في كولومبيا وسيريلانكا وأوغندا، استخدمت الجماعات المسلّحة والإرهابية الفتيات كمقاتِلات وطبَّاخات وجاسوسات. في شمال نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد، تقوم جماعة بوكو حرام الإسلامية باختطاف الفتيات والنساء كتكتيك متعمَّد لتوليد المدفوعات من خلال الفدية أو تبادل الأسرى أو إغراء قوات الأمن في كمين.

واشتهرت جماعة بوكو حرام بعد استخدامها تلاميذ المدارس كجزء من حملتها، حيث اختطفت 276 طالبة من تشيبوك في ولاية بورنو في عام 2014 وأثارت احتجاجاً دولياً. ثم تُكره بعض الفتيات المختَطَفات على شنّ هجماتٍ انتحارية؛ في الواقع، واحدة من كل ثلاثة من انتحاريات بوكو حرام قاصر.

وفي بعض الحالات، يتم إغراء الفتيات بدلاً من اختطافهن على أيدي الجماعات المسلحة – وهو اتجاهٌ سهَّله اليوم انتشار الإنترنت الواسع وسهولة السفر الدولي. حيث يستخدم المتطرّفون وسائل التواصل الاجتماعي لتهيئة المراهقين الضعفاء للانضمام – وهو تكتيكٌ تتصف به الدولة الإسلامية بشكلٍ خاص.

من خلال حملةٍ ناجحة على وسائل التواصل الاجتماعي أكّدت فيها الالتزام الديني والأخوّة وفرص التمتّع بالحرية والمغامرة، جذبت الدولة الإسلامية أعداداً قياسية من النساء والفتيات من الولايات المتحدة وعبر أوروبا – بما في ذلك العديد من الفتيات المراهقات اللائي سافرن بمفردهنّ للمساعدة في بناء “دولة الخلافة” وفق منشوراتهم.

أما بالنسبة إلى الفتيات اللائي ينجحن في الفرار من المناطق المتأثّرة بالصراع أو الإرهاب، فتفقد الكثير منهنّ نتيجة النزوح من بيوتِهنّ الكثير من حقوقهنّ وفرصهن. وتكون الفتيات عادةً أكثر عرضةً بنسبة 2,5 مرة من البنين للالتحاق بالمدارس في السياقات الإنسانية.

وبوصفهن لاجئات، لا تزال الفتيات عرضةً لخطر الاتجار بالجنس والزواج القسري، ويتفاقم هذا بسبب انهيار أنظمة الحماية القانونية والاجتماعية. وقد تمّ توثيق حالات مقلقة من زواج الأطفال في حالات الطوارئ الإنسانية في جميع أنحاء العالم، حيث تجبر الأسر المراهقات على الزواج في وقت مبكر كوسيلة للحماية أو كشبكة أمان اقتصادية.

في مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، ارتفعت حالات زواج الفتيات السوريات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و 17 عاماً من 12 بالمائة في عام 2011 إلى 36 بالمائة في عام 2018. ومع ذلك، فإن 0.1 بالمائة فقط من تمويل الطوارئ يعالج العنف ضدّ النساء والفتيات.

لقد تمّ القيام بالكثير لمعالجة أوجه ضعف الفتيات في المناطق المتأثّرة بالصراع والإرهاب – وهي فجوة تمكّن الجماعات المسلحة والمتطرّفة من الاستفادة من المزايا الاستراتيجية والمالية للاتجار بالبشر، لتوسيع قوتهم العسكرية والاقتصادية.

علاوةً على ذلك، فإن تجاهل التحدّيات الكبيرة التي تواجهها الفتيات في الصراع، يقوّض جهود الحكومة للتعافي: زواج الأطفال، على سبيل المثال، يكلّف العالم تريليونات، وفقاً لإحصائيات للبنك الدولي.

ولمعالجة هذه الفجوة، يجب على الحكومات أن تعترف بالاتجار بالبشر والعنف الجنسي والزواج القسري على أنها تهديدات لحقوق الإنسان وكرامته، بل وأيضاً تهديدات للأمن الدولي.

ويجب على الحكومات أيضاً التحقيق في الشبكات الإجرامية والمتطرّفة التي ترتكب هذه الجرائم، والعمل بشكل أفضل على إنفاذ القانون لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر.

كما ينبغي أن تعالج الاستجابات الإنسانية مخاطر الاتجار بالبشر، مع ضمان المساواة في فرص حصول الفتيات على التعليم والخدمات الصحية. وعليه يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تكون مثالاً يُحتذى به من خلال ضمان حماية سياسات الهجرة واللجوء للفتيات بشكل أفضل.

إن الاستثمار في الفتيات ليس هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به فحسب، بل قد يؤدي أيضاً إلى عالم أكثر أماناً وازدهاراً – وهو درسٌ ينبغي على الحكومات في جميع أنحاء العالم أن تأخذه بعين الاعتبار عندما تحتفل بقوّة الفتيات وقدراتهنّ.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”. 

اليوم العالمي للفتاة

اليوم العالمي للفتاة

أترك تعليق

المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015