دمشق/وكالات-صدر يوم أمس مرسومٌ رئاسي تشريعيّ سوري،حصلت مصادر إعلامية على نسخةٍ منه، تمّ بموجبه تعيين القاضية زاهرة بشماني رئيساً لمحكمة الإرهاب بدلاً من القاضي غازي الصالح.
يشار إلى أن بشماني كانت تتولى رئاسة محكمة الجنايات الثانية بدمشق ، وهي المرة الأولى التي تكلف فيها امرأة رئيسة لمحكمة مهمة مثل محكمة الإرهاب.
كما أبقى المرسوم على القاضي محمد مازن خانكان رئيساً لمحكمة الإرهاب الثانية ، كما كلف كل من القضاة طلال صلاح الجيرودي ونزار مجحم دندل مستشارين لدى المحكمة الأولى، والقاضيين محمد رضوان محمد حسن حجة ومصطفى سليمان النعمان مستشارين لدى المحكمة الثانية.
وأعاد المرسوم تشكيل المحكمة بحيث عيّن كل من القضاة وسام بديع يزبك وسوريل سعيد مكارم وباسم محمد الحدي وعلاء حسين صالح ومحمد بن تيسير قلا عواد وأحمد عيسى زوكاني قضاة تحقيق لدى المحمة نفسها.
وقد جرى تشكيل «محكمة الإرهاب» التي أنشأتها السلطات السورية بدلاً من محكمة «أمن الدولة العليا»، وفقاً للمرسوم الرئاسي رقم 22 العام 2012،
وتعتبر واحدة من أهم الإجراءات الإصلاحية المتحققة بفضل الضغوط الشعبية الداخلية، وضغوط القوى الخارجية، إثر اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011. ومع هذا، لم يختلف الدور الذي لعبته هذه المحكمة عن الدور المنوط بمحكمة أمن الدولة سابقاً، أي بالدرجة الأولى محاكمة السوريين بتهمة الانخراط في نشاطات الحراك الشعبي، هذه المرة تحت قائمة «الإرهاب» و«الجماعات المسلحة».
تقع محكمة الإرهاب في مبنى وزارة العدل على أوتوستراد المزة في دمشق. ومن يدخل تلك المنطقة يدرك مباشرة بأنه انتقل إلى مكان أمني بامتياز، لا يختلف عن حال الفروع الأمنية الكثيرة المنتشرة في سوريا. فأول ما يواجهه هو الحواجز والتفتيش وتدقيق البطاقات الشخصية وتسجيل الدخول الذي يكون لفترة محددة ومُراقبة. وقد يُمنع العديد من القادمين من الدخول، وخاصة أهالي المعتقلين، وفي كثير من الأوقات يُمنع حتى المحامين من دخول المحكمة.
ويُؤكّد القضاة المعيَّنون من قبل الدولة في المحكمة، بأنهم غير مسؤولين عن هذه الإجراءات، وهي خارج نطاق صلاحياتهم، فعناصر الأمن الموجودة لا تتبع لهم ولا تنفذ أوامرهم، وإنما تتبع جهات أمنية يتلقون منها الأوامر مباشرة. يذكر أحد المحامين الناشطين، والذي يتولى الدفاع عن الكثير من المعتقلين بأن «هذه الإجراءات هي أشد مما كنا نعانيه في محكمة أمن الدولة العليا السيئة الذكر، وتقارَن بالمحاكم الميدانية، لأن المحامين أساساً لا يُسمح لهم بحضور المحاكمات بالمحاكم الميدانية والدفاع عن المتهمين».
كما يعاني المحامون من المضايقات وقائمة الممنوعات التي تُصعّب من العوائق أمام عملهم وتزيدها، فلا يُسمح مثلاً للمحامي بالتحدث مع موكله في المحكمة، ولا حتى بالاطلاع على ملف القضية قبل الاستجواب، أو تصوير الملف. إضافة لذلك شعور المحامين بالعجز أمام المعتقلين الذين يُقدَّمون للمحكمة بأوضاع مزرية، فكثير منهم يكونون بدون ثياب داخلية، وحفاة، وتفوح منهم رائحة نتنة نتيجة حرمانهم من الاغتسال. كما أن غالبيتهم مصابون بالجرب، والدمامل المقيحة تملأ أجسادهم.
هذا عدا عن الألم النفسي والخوف الذي يعانيه المعتقل جراء التحقيق عند قاضي التحقيق في محكمة جنايات الإرهاب، والذي يجري بشكل بوليسي مع إعلان القاضي جهاراً أنه مع النظام أثناء الاستجواب. كما يعاني أهالي المعتقلين من ارتفاع كفالة إخلاءات السبيل لأبنائهم. وقد تحوّل موضوع الكفالات إلى تربة خصبة لعمليات الفساد والسمسرة والنصب، وحالات الإثراء السريع عن طريق إرهاق الأهالي بكفالات مالية ضخمة، واستغلال استعدادهم لدفع أي مبلغ مقابل إخراج أبنائهم من المعتقلات.
لقد أثبتت تجربة محكمة الإرهاب حتى اللحظة، بأنها وجه آخر لمحكمة أمن الدولة التي تم إلغاؤها باسم الإصلاح. فلا فرق بينهما لا من حيث قرار تشكيلهما، ولا إجراءات التقاضي أمامهما أو صلاحياتهما والأحكام الصادرة عنهما. فاستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية كجزء من مشروع الإصلاح القضائي، وهمٌ في ظل أي نظام استبدادي.