خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- تكتبُ النساءُ لأنّ الذاكرة تؤجّل الحوادث غير القابلة للمُعالجة. تتحالفُ الذاكرة المهزومة مع الرغبة بالنسيان، وخاصةً نسيانُ أو تناسي جُرعات الألم والخيبات وكأنها لم تكن.
تكتبُ النساءُ لأنّ التأجيل صمتٌ مطبقٌ يتحالفُ مع الشعور الخادع بالخلاص الذي يلي كلّ نسيان أو أثناء أي تجاهل لأحداث لايمكن معاندتها، كما أنّ الإشارة إلى مسبّبيها غير ممكنة.
تكتبُ النساءُ لأنّ الكتابة جُرعات مختلفة من أجل النجاة.
لا شِفاء من كلّ ما ترتّبه الذاكرة عميقاً في خَزنتها الصمّاء. لكنّ النجاة ممكنةٌ رغم كلّ الإرث العنيد والمُعَادي للنساء.
تكتبُ النساءُ كي تتلمّسْنَ المعنى الفِعلي للكلمات، وكي تأخذُ المظالم فرصةَ الإنكشاف على الورق؛ ولو شكّلت صدمةً حسّيّةً مؤذيةً للكاتبات.
تكتبُ النساءُ لتَجوبَ اللّغةُ كلَّ الاتجاهاتٍ.. تجمعُ الحكايات.. تفردُها وتثبّتُها وترميها صفعاتٍ مدويةٍ على جباه الظلم والظالمين والمُعتَدين.
تكتبُ النساءُ كي تمتزج الكلماتُ بالصرخات.. لا للعنف.. يكفي تمييزاً ضدّ النساء.
من الطبيعي أن تختلف البداياتُ عن النهايات.. والاختلاف ليس شكلياً أبداً؛ بل هو مسارٌ تراكمي.. يدقّق.. يحلّل.. ويبني على ماتمّ إنجازه.
إنّ قضية القضاء على كافة أشكال العنف ضدّ النساء هي قضيةٌ نضالية؛ وليست مساراً تقليدياً بنكهة المواسم والأعياد والاحتفالات الرسمية التقليدية. طالما أنّ العنف متجذّرٌ بعمقٍ؛ فضرب الجذور قضية حتمية.. وطالما أنّ العنف يسير في منحىً تصاعدي دوماً؛ فينبغي علينا لَجْمُ أيّ تصعيد!
العنف تربية تأسيسيّة ومؤسساستيّة.. لذلك ينبغي ربط كلّ هذه العمليات بهياكل استقصائية، تعتمد المواجهة وتحشّد العناصر اللازمة للتوصيف والتوثيق وإعداد عملياتٍ لبناء استراتيجيات متجدّدة حاسمة، تأخذ مصلحة الضحايا في أولوياتها في سياق مسارات الحل والانتصار لقضاياهنّ العادلة.
البداياتُ، ومهما تعثّرت، تبقى خطوةٌ لابدّ منها.. والنهاياتُ مرتبطةٌ حُكماً بالبدايات، ولكن بفارقٍ بسيط؛ وهو أنّه على كلّ نهايةٍ، حتى تكون منصفةً، وقفُ البدايات بصورةٍ قطعيّة ودَرء إعادة إنتاجها بأشكالٍ أخرى.. لأنّها جذرُ كلّ عنف.