أخبار الأمم المتحدة- 243 مليون سيّدة وفتاة تعرّضن للعنف هذا العام، والنساء الصغيرات، في العشرينيات، هنّ الأكثر تعرّضاً للعنف على يد الشريك. تأتي هذه المعطيات مع انطلاق حملة 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي تحت شعار “لوّن العالم برتقاليا: تمويل، استجابة، منع، جمع!”
في حدثٍ افتراضي بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء، احتفت حملة الأمين العام للأمم المتحدة “اتحدوا بحلول عام 2030 لإنهاء العنف ضد المرأة” بحملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي (من 25 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 10 كانون الأول/ديسمبر).
وفي كلمتها، قالت نتاليا كانم، وكيلة الأمين العام والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان: “كفى لجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، هذا ما يجب أن نتحد من أجل أن نقوله اليوم وكل يوم. كفى للعنف المنزلي، كفى للاغتصاب، كفى للاتجار والاستعباد الجنسي، كفى للممارسات المؤذية مثل ختان الفتيات وزواج الأطفال، وكفى للإفلات من واحدة من أكثر الجرائم الصارخة والمنتشرة وانتهاكات حقوق الإنسان.”
وأشارت كانم إلى أنّه لا يمكن أن يحلّ السلام في العالم دون أن يحلّ سلام في المنزل، ولا سلام في المنزل بدون عدالة. وأضافت تقول: “جائحة كوفيد-19 تكشف بشكل مؤلم، ولكن بنّاء، عن جميع الطرق التي نحتاجها للتفكير والعمل بشكل مختلف”.
وبحسب المعطيات، 71% من ضحايا الاتجار بالبشر نساء وفتيات، و3 من بين كل 4 منهنّ يتعرّضن للاستغلال الجنسي. كما وجدت معطيات الصندوق تعرّض النساء الصغيرات، دون سن 34، وخاصة من هنّ في العشرينيات من العمر، للعنف على يد الشريك بنسبٍ هي الأعلى.
ودعت كانم لتمكين النساء الصغيرات حتى يحصلن على حقّهنّ في العيش بمأمن من الأذى: “حان الوقت للوقوف والقول كفى للعنف وليس فقط في يوم واحد، بل في 365 يوما في السنة”.
جائحة مستترة
أما في كلمته الافتراضية، فقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن العنف ضد النساء والفتيات يُعدّ تحديا عالميا منتشرا في مجال حقوق الإنسان، ومتجذرا في علاقات القوة غير المتكافئة بين الجنسين وعدم المساواة الهيكلية والتمييز. وقال: “لهذا السبب أطلقنا الحملة العالمية اتحدوا لإنهاء العنف ضد النساء”.
وبحسب الأمين العام، فقد كشفت أزمة كـوفيد-19 عن العنف ضد النساء والفتيات باعتباره حالة طوارئ عالمية تتطلب إجراءات عاجلة، حيث تصاعدت معدلات العنف، ولاسيّما العنف المنزلي، بشكل كبير في جميع أنحاء العالم. وأضاف يقول: “من الواضح أن الجائحة أدّت إلى تفاقم عوامل الخطر وكشفت عن أوجه القصور في الجهود السابقة لمنع هذه الحالة الطارئة المرّوعة والاستجابة لها”.
وكان الأمين العام قد حثّ المجتمع الدولي، في نيسان/أبريل من هذا العام، على إنهاء “الجائحة المستترة” المتمثلة في العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل لا رجعة فيه، وجعل الوقاية والتعويض عن العنف جزءا أساسيا من الاستجابات الوطنية لكوفيد-19. وأضاف: “تمت الاستجابة لمناشدتي بالالتزام القوي والدعم من 146 دولة عضو ومراقب. أكرر وأعيد إطلاق هذه المناشدة اليوم”.
ودعا الأمين العام المجتمع العالمي لمواصلة البناء على الزخم وإعطاء الأولوية لأصوات وتجارب واحتياجات النساء والفتيات.
أهمية التمويل
وأشار الأمين العام إلى أهمية التمويل العاجل والمرن لمنظمات حقوق المرأة، التي غالباً ما تعمل كأول من يستجيب أثناء الأزمات. وقال: “من المهم بمكان اعتبار الخدمات المقدمة للناجيات ضرورية وأن تظل مفتوحة، مع وجود موارد وتدابير كافية لدعم الخدمات الصحية والاجتماعية لرعاية الناجيات من العنف”.
ودعا الأمين العام أيضا لتقديم الدعم المالي والمادي للمرأة والأسر، وتشجيع الرسائل حول المساواة بين الجنسين، وكسر القوالب النمطية والأعراف، ودعم الوصول لخدمات الصحة النفسية. وقال في ختام كلمته: “العنف ضد النساء والفتيات إهانة مروّعة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان الخاصة بهنّ، ووباء على مجتمعاتنا كافة”.
يجب القضاء على العنف
من جانبها، أكّدت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، السيدة بومزيلي ملامبو-نوكا، أن عنف الرجال ضد النساء يمثل جائحة أيضاً – وهي تسبق جائحة كوفيد-19، وستستمر بعدها، وتتطلّب أيضاً استجابة عالمية منسّقة ووضع بروتوكولات قابلة للتنفيذ. وأفادت بارتفاع البلاغات عن العنف المنزلي هذه السنة، والتنمّر عبر الإنترنت، وزواج الأطفال، والتحرّش الجنسي، والعنف الجنسي.
وقالت: “نحن في بداية استجابة واعدة يمكن أن تتوسع لتصبح متناسبة مع التحدّي الماثل. فقد شرع 146 بلداً في جعل منع العنف ضد النساء والفتيات والانتصاف منه جزءاً رئيسياً من خطط الاستجابة الوطنية لكوفيد-19، وذلك تلبيةً لنداء الأمين العام لتحقيق “السلام في المنازل” وكجزء رئيسي من مبادرة الأمم المتحدة “عقد من العمل” خلال العقد المقبل. بيد أن هذه الإجراءات لم تصبح جزءاً من صميم جداول أعمال الدول حتى الآن، ولم يصل التغيير إلى الحجم المنشود”.
من بين المعنّفات، 40٪ فقط يبلغن عن جرائم العنف الخطيرة المرتكبة ضدهن، أو يسعين للحصول على مساعدة من أي نوع، غالبا ما يعود السبب، بحسب المسؤولة الأممية، إلى نقص الثقة باستجابة النظام. وتظهر التوقعات أنه كل ثلاثة أشهر يستمر فيها الإغلاق العام، من المتوقع أن تتأثر 15 مليون امرأة أخرى بالعنف.
نيكول كيدمان: عالم متغيّر
وفي الحدث الافتراضي، تحدثت الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان، سفيرة هيئة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، مشيرةً إلى تعميق انعدام المساواة في الأشهر القليلة الماضية. وقالت: “أحد الدروس التي تعلمناها من الجائحة، هي أن المنزل ليس مكانا آمنا للكثير من النساء والكثير من الفتيات اللاتي يتعرّضن للعنف المنزلي”.
وقالت إنه حتى قبل الجائحة كانت الأرقام كبيرة، واحدة من بين كل ثلاث نساء تتعرّض لشكل من أشكال العنف على أساس النوع الاجتماعي في حياتها، إلا أنّ الفرصة متاحة الآن لخلق “وضع طبيعي” جديد، ومستقبل بدون عنف ضد النساء.
ناديا مراد: العنف مرتبط بالمتغيّرات
وتحدثت ناديا مراد، سفيرة النوايا الحسنة لدى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والحائزة على جائزة نوبل، وقالت إنه غالباً ما يتفاقم العنف ضد المرأة بالمتغيّرات التي تتقاطع مع بعضها البعض. وأضافت تقول: “في حين يهربن من العنف، تكون النساء أكثر عرضة للاستعباد الجنسي أو ينتهي بهنّ المطاف في مخيمات اللجوء بظروف غير آمنة وذلك يرفع من حوادث العنف ضدهنّ”.
وأشارت إلى أنه في المجتمع الإيزيدي وحده، 2800 سيّدة وطفل في الأسْر. والكثير من النساء اللائي عُدن من الأسر يعشن في مخيمات النزوح حيث تُعدّ موارد إعادة التأهيل شحيحة، وحتى أولئك اللائي عُدن إلى منازلهنّ، يواجهن عقبات في التعافي بسبب قلّة الخدمات الأساسية.
وأضافت تقول: “يجب أن نتصرّف بشكل استباقي وليس كردّ فعل، ونتأكد من منع وقوع العنف بالدرجة الأولى”. ودعت إلى توفير الدعم الملموس للناجيات وإنهاء حصانة مرتكبي العنف لتوجيه إشارة مفادها بأن العنف ضد المرأة جريمة تقوّض كرامة وحقوق جميع الناس.
16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف
تركّز حملة 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي على اتخاذ إجراءات عالمية لسدّ فجوات التمويل، وضمان توفّر الخدمات الأساسية للناجيات من العنف خاصةً أثناء أزمة كوفيد-19، والتركيز على الوقاية، وجمع البيانات التي يمكن أن تحسّن الخدمات المُنقِذة للحياة للنساء والفتيات.
وحسب التقليد المتّبع في السنوات الماضية، تتم إضاءة المباني والنصب البارزة في العالم باللون البرتقالي للدعوة إلى إقامة مستقبل أكثر إشراقاً تعيش فيه النساء والفتيات دون عنف، بما في ذلك أهرامات الجيزة وتمثال أبو الهول في مصر؛ وتماثيل مواي في جزيرة إيستر في شيلي؛ ومبنى برلمان جمهورية مولدوفا؛ وأبراج الكويت؛ والقاعة العامة في بروكسيل في بلجيكا. وتُنير هولندا أكثر من 200 بلدية باللون البرتقالي.
وستُجرى مئات الفعاليات في العالم لتسليط الضوء على الجائحة المستترة، بما في ذلك فعاليات على شكل برامج تلفزيونية في تايلند، وسلسلة من المناقشات والحوارات والمعارض في الجامعات في الأردن حول دور الرجال والشباب والشابات في مكافحة العنف ضدّ المرأة، إضافةً إلى تنظيم سلسلة بشرية في بنغلاديش؛ وعرض فني جماعي تُشارك فيه مدوّنات فيديوهات الشباب والشابّات المعروفة في طاجيكستان؛ ومسابقة فيديو تتناول العنف ضدّ العاملات المُهاجِرات وموضوع الاتجار بالبشر في إندونيسيا؛ وغيرها من الفعاليات الأخرى.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.