مؤامرة لإبقاء المرأة العربية خارج سوق العمل؟
النساء العربيات في قوة العمل

سها المعايه/alarab- عُقدت سلسلة طويلة من المؤتمرات وورش العمل فضلاً عن بعض الدراسات في السنوات الأخيرة للإجابة عن سؤال رئيسي لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهو: لماذا يعمل عدد قليل جدا من النساء في ذلك الإقليم؟

وتشكّل النساء حالياً نسبة 19 في المئة فقط من القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي أدنى نسبة في العالم. وعلى الرغم من الخطط والسياسات الرامية إلى معالجة الفجوة بين الجنسين في مجال التوظيف، لا تزال النساء مهمشات في العمل، مما يضر بالأسر ويضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة.

وفي حين أن الوضع ليس ذاته في جميع البلدان العربية، إلا أن الأسباب التي تبقي المرأة خارج القوى العاملة منتشرة ومتوطنة.

ولا يعني ذلك أن النساء لسن حريصات على العمل خارج المنزل، وإنما التمييز القائم على القانون والأعراف الاجتماعية وعبء رعاية الأطفال والرواتب المنخفضة والمضايقات والتحيزات المتعلقة بالنوع الاجتماعي في التوظيف وندرة خيارات النقل الآمنة هي من بين العديد من الحواجز التي تحول دون عمل المرأة.

ورغم أن أيا من تلك الأسباب ليست جديدة فقد كان تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة هدفا إنمائيا عالميا لعقود من الزمن، لكنْ هناك تعثر في جهود الحكومات الرامية إلى متابعة إصلاحات سوق العمل والتعليم والإصلاحات البنيوية.

وعلى الرغم من أن النساء في المنطقة أفضل تعليما من أي وقت مضى، إلا أن التحصيل العلمي لم يترجم إلى زيادة في عدد الوظائف، وفي الواقع يبلغ معدل البطالة بين الشابات في البلدان العربية 42.5 في المئة، أي ما يقرب من ضعف معدل البطالة بين الشباب وهو 21.4 في المئة، وما يقرب من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي البالغ 14.9 في المئة.

وفي البلدان التي مزقتها الصراعات، مثل اليمن والعراق، تعد مشاركة المرأة في القوى العاملة هي الأدنى في المنطقة؛ حيث وصلت إلى 6 في المئة و11 في المئة على التوالي. ولكن حتى في الأردن، وهو البلد الذي لا يشهد أي نوع من أنواع الحروب، فإن 13 في المئة فقط من النساء يعملن خارج المنزل، وفقا للبنك الدولي.

ومن الأمثلة على ذلك كفاح الأردن لسد تلك الفجوة؛ حيث واجهت المملكة المثقلة بالفعل بمعدلات بطالة مرتفعة، بلغت 23 في المئة العام الماضي، صعابا اقتصادية جمة، ناهيك عن الاضطرابات الناجمة عن كوفيد – 19. وعلى الرغم من الإصلاحات التي أدخلت على المناهج الدراسية لا يزال نظام التعليم يصور المرأة في قوالب نمطية ويهمشها، ويصورها على أنها أقل شأنا من الرجل ويحد من دورها في المجتمع.

وبالنظر إلى تلك الإخفاقات ليس من المستغرب أن تنال المرأة تمثيلا ضعيفا على الصعيد السياسي، فهناك 15 امرأة فقط في مجلس النواب المؤلف من 130 عضوا، وهو الحد الأدنى المطلوب بموجب نظام الحصص بين الجنسين، ولا يوجد في مجلس الوزراء سوى امرأتين، بينما يشغل الرجال 28 منصبا وزاريا آخر.

وليس من السهل تغيير الأعراف الاجتماعية في المجتمعات الذكورية، وكثيرا ما يثير تحدي القوالب النمطية الجنسانية ومنح المرأة حقوقا متساوية غضب المحافظين والإسلاميين الذين يرون في إحراز أيّ تقدم هجوما على القيم الإسلامية أو تواطؤا مع أجندات أجنبية.

ولا تعد تلك أفكارا هامشية للأسف، حيث وجدت دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2019 أن ضعف الحماية القانونية والآراء الضارة بشأن النوع الاجتماعي في الأردن يتآمران لإبقاء النساء خارج القوى العاملة، وقال التقرير إن تلك التحديات موجودة “كل مستوى ممكن بشكل مباشر وغير مباشر” بدءا من “نوع العمل وساعات العمل التي تعتبر مقبولة اجتماعيا … إلى الأدوار الموكلة إلى الجنسين والتي تحصر دور المرأة في تربية الأطفال والتدبير المنزلي”.

ولم يتغير الكثير في المملكة حتى بعد مضي ثلاث سنوات، حيث سجل الأردن 46.9 من أصل 100 في تقرير المرأة والأعمال والقانون في عام 2022، وهو مؤشر يغطي 190 دولة ويقيم القوانين واللوائح التي تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة، وتصنيف الأردن أقل من المتوسط الإقليمي البالغ 53 في المئة.

ولا يمكن في الأردن تفسير أن النساء اللواتي يمكنهن تلقي مدفوعات النفقة، مازلن في حاجة إلى موافقة الزوج على العمل. والأمر الأكثر إحباطا هو أن نظام ولاية الرجل الذي يهدف إلى حماية المرأة يفرض قيودا على حركتهن، بل ويسمح لولي الأمر بالإبلاغ عن النساء الغائبات، مما يعرضهن للاعتقال.

ومع استمرار ارتفاع أسعار السلع أصبح من الصعب على العائلات العيش براتب واحد، وترغب الكثير من النساء في الالتحاق بسوق العمل، لكن الوضع الاجتماعي القائم علم الرجال أنه من واجب الزوجة القيام بالأعمال المنزلية وتربية الأطفال، وينظر إلى الزوج الذي يتقاسم المسؤوليات مع شريكته على أنه يقدم خدمة لزوجته.

ومن المؤكد أن المنطقة بدأت في سد الفجوة بين الجنسين من خلال السياسات والقوانين والالتزامات بالتغيير، وفي المملكة العربية السعودية التي تشهد إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية، ارتفع معدل توظيف النساء بشكل كبير إلى أكثر من 30 في المئة، وفي دول الخليج الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت، تبلغ هذه النسبة حوالي 50 في المئة.

وعلى الرغم من تلك المكاسب لا يزال هناك الكثير مما يمكن إنجازه، وتشمل الخطوات الممكنة حماية المرأة من التمييز أثناء الحمل وأثناء إجازة الأمومة وإنشاء دور حضانة في مكان العمل ومعاقبة أصحاب العمل الذين يميزون على أساس النوع أو الجنس.

ومع ذلك ستتطلب التحسينات الدائمة لمشاركة المرأة في قطاع العمل في الأردن وخارجه تنفيذ القوانين التي تمكن المرأة في جميع جوانب الحياة، ويجب تحدي المعايير الاجتماعية والقوالب النمطية في وسائل الإعلام وفي المدارس وفي المنزل. إن النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسن أقل مكانة من الرجال، والمطبخ ليس مملكتنا، لدينا الكثير والكثير مما يمكن تقديمه للمجتمع.

*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.

النساء العربيات في قوة العمل

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015