shebbaksouri- تحيض النساء في المتوسط حوالي 7 سنوات من مدة حياتها (اليونيسف)، ويمكن أن تستقبل الفتاة دورتها الأولى إما بالاحتفال أو بالخوف والقلق، ويشير ذلك بالنسبة لكل فتاة إلى انتقال مهم تصبح فيه امرأة، وهو الوقت الذي يمكن أن تستفيد فيه من دعم الأسرة والأصدقاء.
ما زالت الخرافات محيطة بموضوع الدورة الشهرية، ويستمر التعامل معها على أنها وصمة مسببة عواقب صحية نفسية وجسدية على الفتيات والنساء، إذ أن قلة التثقيف المرتبط بالطمث يزيد تعرضهن للعنف والالتهابات المنقولة جنسياً وتهديدات صحية أخرى.
“هنالك شعور من الذنب والخزي نعيشه مع اللذة ومع الدورة الشهرية ومع أجسادنا كإناث، بداية من النقطة التي نشعر أن تلك الأشياء خطيرة ويجب التستر عليها، أو أنها مخجلة ولا يجب أن يعلم بها أحد” تقول بتول (22 عاماً) من بانياس.
وتروي طالبة الطب قصتها مع الدورة الشهرية في طفولتها قائلة: “أدرك تماماً ماهي عواقب قلة التوعية، فعندما (اجتني) لم أكن واعية للأمر لأني كنت صغيرة، ولم تخبرني أمي شيئاً حيال هذا الأمر، لقد اعتقدت أني مريضة أو أنني أموت، وبقيت أخبّئ هذا الشيء أشهراً”.
تتحدث بتول لشباك سوري عن حادثة التنمر التي تعرضت لها وهي صغيرة من قبل زملائها الذكور في الصف، عندما وجدوا معها فوطة صحية، وتقول: “وجهوا الكثير من الإهانات لي، وهم غير مدركين بالتأكيد مالذي تعنيه الدورة الشهرية، وتطلّب مني الأمر الكثير من الشجاعة لمواجهتهم وإخبارهم بأن ذلك ليس عيباً، وهو شيء تختبره أمهاتهم وأخواتهم الإناث أيضاً”.
برأي الفتاة العشرينية أن الثقافة الجنسية لا تتجزأ، وأنه يجب توعية الأطفال على كافة المواضيع الجنسية على حد سواء، وليس فقط موضوع الدورة الشهرية، لذلك وبالإجابة على سؤال كيف ستتعامل مع ابنتها حول هذا الموضوع مستقبلاً، تقول: “سأعلمها على الحب، وأن الجنس شكل من أشكال الحب وبه جئنا إلى الحياة، لا يجب أن تشعر بالغرابة حول جسدها أو ما قد تشاهده وتعرفه في حياتها”.
في لقاء آخريات وسؤالهن عما سيخبرن بناتهن عن الدورة الشهرية، فإن مريم (25 عاماً) من دمشق (صحفية) ستكون صريحة مع ابنتها وستعلمها كل شيء عن جسدها، وستتابع معها حتى تتأكد أنها لا تعاني من أية مشاكل، وتقول: “دور الأهل ذو أهمية بالغة، إذ أن أمي دائماً ما كانت تناقشني حول هذا الموضوع وتعطيني المساحة حتى أتقبله وأفهمه بشكل جيد”.
أما لجين (23 عاماً) من طرطوس (كاتبة ومترجمة) تقول: “كنت أعرف ما هو كوتيكس، لكن لم أعي ماهية الحيض، إذ أن أمي لم تخبرني شيئاً حيال الموضوع، جل ماكنت أعرفه أن الفتاة تكبر وتصبح ناضجة عندما تختبر الحيض”. وتضيف: “أتمنى أن تتعلم ابنتي مني قبل أن تتعلم من أحد آخر، سأخبرها أن الدماء ليست نجاسة، هي دلالة بلوغ الجسد لا أكثر، ولن أقيدها عن فعل شيء تكثر حوله الشائعات المغلوطة، كأن أمنعها من الرقص أو ممارسة الباليه إن أرادت”.
لا يقتصر دور التوعية على الأمهات فقط، فللعنصر الذكوري كلمة أيضاً، إذ يرغب بعض الآباء حقاً في المساهمة في هذا النوع من التثقيف، ولو كان الموضوع (نسائياً للغاية) في بعض المجتمعات، وهذه ما يشير إليه مجد (26 عاما) من السويداء (كاتب ومدون)، إذ يقول: “بعد سنوات قصيرة، ستشعر ابنتي ذات السنوات الثلاث بالاختلاف الجندري بينها وبين الجنس الآخر، وهي فرصة مهمة لتوعيتها باكراً وحتى وصولها مرحلة البلوغ، ولا أعتقد أنه موضوع صعب إذا نشأت ابنتي في عائلة تعلمها ما هو صحيح حول جسدها ضمن حدود اجتماعية، وحتى لو تمردت على هذه الحدود فلن تؤذي نفسها”.
“بدء الطمث عند الفتاة مناسبة جميلة يجب أن تحتفل بها العائلة”
في حديث أجراه شباك سوري مع الدكتور ماهر أبو ميالة، خبير في الصحة العامة ومدير الخدمات الصحية في مؤسسة آغا خان، أكد على أحقية كل فتاة في التعرف على فيزيولوجيا جسدها بصورة كاملة، وبعيداً عن الخرافات التي تشوه صورة جهازها ووظيفته، هذا الأمر الذي يجب أن يبدأ مع ظهور العلامات المبكرة للبلوغ، إذ يقول: “لا يجب أن تُصدم الفتاة بحدوث الطمث، بل يجب أن تتوقعه، تشعر بالسرور لأنها تنضج جسدياً وجنسياً”.
يتحدث الدكتور أبو ميالة عن واجبنا بإقصاء المعتقدات والخرافات الخاطئة حول الطمث وجهاز المرأة التناسلي ودورها في الحياة، ويقول: “الطمث ليس دنساً، فهو شيء طبيعي وجزء من الوظيفة الإنجابية التي تخدم بقاء واستمرار البشرية، وبالتالي ليست عيباً أو شيئاً مخجلاً”.
يختم أبو ميالة حديثه بقوله: “المهبل عضو نظيف في الجسد، وهو بالتأكيد أكثر نظافة من الفم”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.