هافينغتون بوست/وكالة أخبار المرأة- لمدة خمسة أعوام، احتجت النساء، قاتلن، قدمن المساعدات، توسطن للسلام، ووثّقن الفظائع التي تحدث على أرض سوريا.
ومع ذلك، عندما حاول السوريون إنهاء الحرب، تم تهميش النساء. لقد كُنّ غائبات بشكل كبير عن طاولة المفاوضات، في جولات من المحادثات الفاشلة منذ عام 2012.
بدأت محادثات سلام جديدة بوساطة الأمم المتحدة في جنيف هذا الأسبوع، ويأمل الكثيرون أن الوقف الملحوظ لمعظم الأعمال العدائية، والانسحاب الجزئي للقوات الروسية، تمثل دلائلَ على أن المفاوضات ستكون أكثر نجاحاً من تلك التي مضت، حسب مقالٍ نشرته النسخة البريطانية لـ”هافينغتون بوست”، الجمعة، 18 مارس/آذار 2106.
أحد جوانب المحادثات قد أوحى بالفعل ببعض التفاؤل الحذر: فعدد النساء المشاركات أكبر من أي وقتٍ مضى، ولكن ما زال مدى التأثير الذي سوف يمارسنه خلال المناقشات غير واضح.
المجلس الاستشاري للمرأة السورية
في الشهر الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن تشكيل المجلس الاستشاري للمرأة السورية – مجموعة من 12 امرأة سورية من خلفيات مهنية وسياسية مختلفة، لتقديم المشورة للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، تشرف على إجراء محادثات السلام. إن تشكيل المجموعة -التي تعتبر أول مجلس استشاري رسمي من النساء لمبعوث الأمم المتحدة- “لحظة تاريخية”، كما قالت منظمة الأمم المتحدة.
عشية المحادثات، قابل السيد ستيفان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، مجلس النساء.
وقالت منى غانم، مؤسس ملتقى المرأة السورية من أجل السلام وعضو المجلس الاستشاري، لـ”هافينغتون بوست” “أعتقد أن هذه فرصة ذهبية للمرأة السورية”. الآن، إنه أمر حاسم للمجلس ليكون قادراً على التأثير على جميع الأطراف في محادثات السلام، وتقديم جدول أعمال المرأة إلى طاولة المفاوضات.
يعتزم وسطاء الأمم المتحدة الاجتماع مع المجلس الاستشاري يومياً، حيث يتنقلون بين المفاوضات مع فرق المعارضة والنظام. كل من الفريقين التفاوضيين مكون من 15 شخصاً، لديهما ثلاثة مندوبين من الإناث، وهي نسبة أعلى من النساء خلال المحادثات السابقة. عيّن فريق المعارضة أيضاً فريقًا للاستشاريين كله من الإناث الشهر الماضي.
إن تزايد مشاركة النساء في المحادثات ما هو إلا نتيجة سنوات من الضغط الذي لم يحرر من قبل المرأة السورية.
قبل آخر محاولة كبرى في محادثات السلام عام 2014، شكّلت النساء السوريات شبكة من منظمات المجتمع المدني تُدعى مبادرة المرأة السورية من أجل السلام والديمقراطية، للدفاع عن قدرتهن على الاضطلاع بدور أكبر في المفاوضات.
لم تفض المفاوضات إلى شيء، ولكن المبادرة واصلت الضغط، كما فعلت جماعات المرأة السورية البارزة الأخرى، بما في ذلك تنظيم غانم، وشبكة تسمى “أنا هي”.
يبقين راية سوريا على قيد الحياة
وقالت رندة سليم، مديرة مبادرة معهد الشرق الأوسط لحوارات المسار الثاني، لـ”هافينغتون بوست” “إن النساء يتحملن وطأة الحرب والحفاظ على وحدة البلاد. إنهن يبقين راية سوريا المتحدة على قيد الحياة”.
جاءت علامة واحدة لنجاح المؤيدين في ديسمبر/ كانون الأول، عندما تبنى مجلس الأمن للأمم المتحدة خريطة الطريق للسلام في سوريا، وشدد على أهمية مشاركة المرأة في المفاوضات.
وقال الخبراء أن دي ميستورا قد منح دمج المرأة أولوية كبرى، منذ أن تولى المهمة من المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، عام 2014.
مع ذلك، يقول الكثيرون أن التقدم طال انتظاره كثيراً، في حين أن تأثيره ليس كبيراً بما يكفي. حيث أعرب العديد من المؤيدين للمرأة عن قلقهم حول مدى قدرة الفريق الاستشاري في التأثير على المفاوضات، معتبرين أن المجلس ينبغي أن يكون طرفاً ثالثاً في المحادثات، أو أن يقوم بإسداء المشورة مباشرةً إلى فريقي النظام والمعارضة، وليس إلى مبعوث الأمم المتحدة فقط.
وقالت رندة سليم: “إنها خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح. طالما نبقي النساء في مجموعة منفصلة، فتأثيرهن سيظل محدوداً… إنهن في حاجة إلى أن يكنّ في قلب التفاوض.”
وأضافت: “إننا لا نريد لتلك المجموعة أن تصبح هامشاً لما يتم الاتفاق عليه داخل غرفة تغصُّ بالرجال”.
جادل العديد من المدافعين عن حقوق المرأة أيضاً بأن المرأة يجب أن تشكّل 25 أو 30 % من فرق التفاوض ليكون لديها نفوذ حقاً، وهذا يعتمد كثيراً على ما إذا كانت المرأة تحصل على مناصب قيادية في اللجان التي قد يتم تشكيلها للعمل على قضايا محددة، مثل المعتقلين.
وقالت منى غانم في مؤتمر صحفي في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء: “ما نطمح إليه ليس المشاركة فقط، نحن نطمح إلى أن نكون صنّاع القرار، ولدينا طريق طويل لنقطعه.”
ويقول المدافعون عن حقوق المرأة إن مستقبل سوريا يعتمد على وجود مقاعد للمرأة على طاولة المفاوضات، وتشير الدراسات الدولية إلى أن اتفاقات السلام التي تم التوصل إليها بمشاركة المرأة هي الأكثر استقراراً.
وقالت رندة سليم: “إن عمليات السلام لا تدور فقط حول تقسيم الكعكة، ولكن حول المصالحة، والتنمية الاقتصادية، والتعليم، والعدالة الانتقالية. تتعامل المرأة بالفعل مع هذه القضايا، ولذلك فهي في وضع أفضل يتيح لها التوصل لحلول عملية.”
لعبت النساء دوراً بارزاً في الاحتجاجات وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان منذ بداية الانتفاضة السورية في عام 2011، حيث شكّل الرجال غالبية المقاتلين في سوريا، بينما قامت النساء داخل مخيمات ومجتمعات اللاجئين في جميع أنحاء سوريا، بأدوار قيادية في غياب الرجال، بما في ذلك العمل في المستشفيات الميدانية، والحفاظ على المدارس مفتوحة، والتوسط لوقف إطلاق النار المحلي.
ومع ذلك، قالت منى غانم إن محادثات السلام تميل إلى التغاضي عن أهمية المرأة في المجتمع السوري.
وقالت متسائلةً: “هل سنترك هؤلاء الذين يدمرون سوريا، ويرتكبون انتهاكات حقوق الإنسان ضد النساء والأطفال، ويدمرون البنية التحتية للدولة، يصممون مستقبل سوريا؟”
وقال محمد الناصري، المدير الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة في العالم العربي، إن السماح للمرأة السورية بالتأثير بقوة على المحادثات، قد يشكل سابقة مهمة لنزاعات أخرى في المنطقة. وأضاف: “لقد تم بالفعل العمل مع المرأة اليمنية والمرأة الليبية للوصول إلى نفس النموذج.”
تأتي هذه الجهود بعد 16 عاماً من إصدار مجلس الأمن الدولي القرار 1325، الذي يحث فيه على إشراك المرأة في حل النزاعات وبناء السلام، ولكن في حقيقة الأمر، لم يتم إحراز تقدم يذكر على هذا الصعيد.
وقالت زينب بانغورا، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة حول العنف الجنسي في حالات الصراع، الأربعاء في اجتماع الأمم المتحدة للسلام والمساواة: “لقد حان الوقت لنا نحن النساء لكي نأخذ مكاننا الطبيعي”، معربة عن أسفها الشديد على الجهود الكبيرة التي كانوا في حاجة إليها لكي تحصل المرأة السورية على دور في محادثات السلام.
وأضافت “لا يمكن الحصول على نصف سلام، لا يمكن الحصول على أي شيء في الواقع إذا تم تهميش نصف السكان”.