تونس/ وكالات- احتفلت تونس يوم الإثنين، بعيد المرأة الذي يوافق تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية في 1956، التي تضمّنت كثيراً من المكاسب للمرأة التونسية، لكن رغم المكاسب فإن التونسيات يطالبن بمزيد من تعزيز الحقوق ومشاركة المرأة في الشأن السياسي والعمل العام، وحماية المرأة الريفية من الظلم وانعدام المساواة في الأجر والحقوق.
وأعلن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي في خطابٍ متلفز بمناسبة اليوم الوطني للمرأة الاثنين، عن مشروع قانون يحقق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة لمن يرغب. وتشهد تونس جدلاً واسعاً بعد تقرير لجنة الحريات الفردية الذي تناول إلغاء عقوبة الإعدام والمثلية الجنسية.
واقترح الرئيس السبسي الاثنين مراجعة قانونية تضمن المساواة في مع احترام إرادة الأفراد الذين يختارون عدم المساواة.
وأعلن السبسي في خطاب بمناسبة الاحتفال “نقترح أن تصبح المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة قانونا لكن بما أن رئيس الدولة رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة نقترح أن المورث الذي يريد تطبيق القواعد الشرعية في ورثته له ذلك”.
وأوضح السبسي أنّه سيتمّ عرض نصّ مشروع القانون على البرلمان بعد انتهاء العطلة البرلمانية في تشرين الأول/أكتوبر. وسيتمّ إدخال قانون المساواة في الميراث المقترح إلى دستور البلاد الذي سُنّ العام 2014 والذي اعتبر إنجازاً رئيسياً.
كما تظاهر مئات التونسيين والتونسيات، الاثنين، وسط العاصمة تونس، لـ “المطالبة بالمساواة التامة بين المرأة والرجل؛ لا سيما في الميراث، وتعزيز الحريات الفردية للنساء، ودعماً لتقرير لجنة الحقوق الفردية والمساواة”.
المظاهرة دعت إليها أحزاب سياسية من بينها الجبهة الشعبية (ائتلاف يساري له 15 نائباً في البرلمان)، وحركة مشروع تونس (19 نائباً)، والحملة المواطنية من أجل الحريات والمساواة (ائتلاف جمعيات مستقلة)، بمناسبة العيد الوطني للمرأة في تونس (13 أغسطس من كل عام).
وفي وقتٍ سابق نهار السبت، تظاهر الآلاف ضد الإصلاحات المقترحة أمام مقر البرلمان التونسي. وهتف رجالٌ ونساءٌ رفع بعضهم نسخاً من القرآن “سندافع عن الاسلام بدمائنا”.
وبدورها قالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي، لـ”العربي الجديد”، إنّ “نضال المرأة التونسية لم يذهب سدى، فهذا العيد هو عيد من لا صوت له من النساء اللاتي يكرسن حياتهن للنهوض بأسرهن ومجتمعهن”، موضحة أنّ “تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية مفصلي وهام، لأنه شكل بداية النموذج التونسي في المجتمع المدني”.
وبيّنت الجربي أن “الانطلاقة كانت بمجلة الأحوال الشخصية التي ميزت تونس، وكانت بداية ثورة مجتمعية، والتي تدعمها توصيات لجنة الحقوق والحريات التي تعتبر مكسبا جديدا للتونسيات”.
وقالت الناشطة الحقوقية، ليلى حداد، لـ”العربي الجديد”، إنّ “التهاني اليوم يجب أن توجه إلى أمهات الشهداء نظراً للتضحيات التي قدمنها وكفاحهن المستمر من أجل معرفة الحقيقة، فمعركتهن ومعاناتهن مستمرة منذ 7 سنوات، وهذا العيد هو عيد المرأة الريفية المنسية، والمرأة العاملة التي تكدح من أجل لقمة العيش، وأغلبهن يتقاضين راتبا زهيدا ويواصلن النضال من أجل أسرهن”.
وأوضحت حداد أنّه “بعيداً عن الشعارات، فإن المرأة كيان وكفاءة وقدرة، وليست مجرد ورقة انتخابية، بل مواطنة تتساوى في الحقوق والواجبات، والتونسيات على مدار التاريخ ناضلن وكافحن من أجل بلدهن، وبغض النظر عن التجاذبات والخلافات السياسية والأيديولوجية، فإن تونس تحتاج كل رجالها ونسائها”.
وأفادت بأنّ “هذا التاريخ هو محطة فارقة في تاريخ المرأة التونسية، وشكل نقلة نوعية لتونس، وهو ثمرة كفاح مستمر للنساء اللاتي كن بين المقاومين للمستعمر الفرنسي. تونس أنجبت القاضية وقائدة الطائرة وبطلات رياضيات ورائدات في العديد من المجالات العلمية. هذا العيد هو تراكم لتجارب ونضالات ومعارك جمعيات حقوقية ونسائية ناضلت لتكريس المكاسب”.
كما وقالت النائبة عن حركة النهضة، كلثوم بدر الدين، لـ”العربي الجديد”، إنّ “المرأة التونسية تحيي اليوم عيدها باعتبارها دعامة المجتمع، فالنساء نصف المجتمع، والنصف الثاني تربى على يديها. المرأة التونسية رائدة في العديد من المجالات، وستحقق المزيد من المكاسب. هناك قوانين هامة صدرت، بينها قانون تجريم العنف ضد المرأة، ولكن تبقى مشاركة المرأة السياسية دون المأمول رغم إقرار مبدأ التناصف”.
وأشارت بدر الدين إلى أنّ “هناك حقوقاً لم تكتمل بعد، ومكاسب لم تتحقّق للمرأة العاملة في الفلاحة، إذ لابد من الالتفات إلى هذه الفئات، في انتظار المبادرة التشريعية التي يتمّ التحضير لها، وهناك أيضاً فئات هشّة، ومعاقون لا بد أن يتحقق لهم مزيد من الحقوق، فرغم دورهم في المجتمع، والجوائز التي يحصدونها على المستوى المحلي والدولي، إلا أنهم في انتظار دعم حقوقهم وحمايتهم”.
وتُعَدُّ تونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحاً في مجال تحرّر المرأة منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية العام 1956، لكن رغم ذلك ظلّ موضوع المساواة في الميراث أمراً بالغ الحساسية في المجتمع التونسي.