لندن/ موقع الأهرام أونلاين- وجدت العائلة المالكة فى بريطانيا نفسها فى قلب أزمة متعددة الأطراف حول معنى الحركة النسوية ومعنى أن تكون نسوياً فى القرن الحادى والعشرين وذلك بعد صدور كتاب حمل انتقادات لاذعة لقصر باكنجهام ودوقة كامبرديج كيت ميدلتون كونها تقدم «صورة غير واقعية» عن النساء بعد الولادة ما يضع ضغوطاً إضافية على النساء والفتيات فى عالم حافل بالفعل بأشكال متعددة من التمييز ضدّ النساء.
يضم الكتاب 52 مقالة حول معنى الحركة النسوية فى وقتنا المعاصر، وصدر قبل أيام تحت عنوان «نسويات لا يرتدين الوردي».. وأكاذيب آخرى يحاول أن يدحض مجموعة من الخرافات والصور النمطية الذهنية الكسولة حول معنى النسوية، من بينها أن النسويات لا يرتدين اللون الوردى ولا يضعن مساحيق التجميل ويعزفن عن الزواج.
وفى يوم صدور الكتاب،فى 5 أكتوبر الجاري، اندلعت الأزمة الأولى بين دار النشر البريطانية «بانجوين -راندوم هاوس»، التى أصدرت الكتاب وبين مجموعة متاجر «توب شوب» البريطانية الكبيرة التى كان يفترض أن تروج للكتاب بوضع لافتات وملصقات على حوائط المتجر، وطاولة عليها الكتاب الجديد وإصدارات أخرى مماثلة، وذلك فى إطار اتفاق بين دار نشر «بينجوين -راندم هاوس» والأمم المتحدة لاستخدام العائدات المالية من الكتاب لإطلاق برنامج دولى تحت رعاية الأمم المتحدة بعنوان «كن بنتاً» (Girl Up) للرد على التعبير السائد «كن رجلاً» (Man Up) للتصدى لحزمة من الأفكار الخاطئة حول أن الفتيات «أضعف» من الفتيان.
لكن فيليب جرين مالك متاجر «توب شوب» قرر دون سابق انذار إزالة الملصقات ولافتات الدعاية على أساس أنها «مثيرة للجدل» و«تعرقل التسوق» فى متاجر الملابس الشهيرة التى ترتادها عادة الفتيات المراهقات، وهن الجمهور الذى يريد الكتاب ان يخاطبهن بالأساس.
وقالت دار نشر «بينجوين-راندوم هاوس»فى بيان «بالنسبة لأى شخص كان يأمل فى حضور اطلاق الكتاب، بعد جهد هائل من العمل فى هذه الشراكة الرائدة، قمنا بوضع الملصقات والطاولة وكنا متلهفين لبدء الترويج والدعاية للكتاب ولكن بعد 20 دقيقة فقط تم تفكيك كل شىء من قبل توب شوب».
وقالت محررة الكتاب سكارليت كورتيس إن التخطيط لحملة الترويج داخل «توب شوب» ليتزامن مع إطلاق الكتاب استغرق عدة أشهرا، موضحة أنه فى مراحل التخطيط، لم يكن هناك أى مؤشر على أن المديرين التنفيذيين من الجانبين لديهم تحفظات على الشراكة أو الحملة. ووصفت كورتيس هدم الطاولة والملصقات الترويجية بأنها «مفجعة وصادمة».
والكتاب، الذى يشمل مساهمات من شخصيات عامة وناشطات نسويات مشهورات ومغمورات حول معنى النسوية اليوم، يعالج الموضوع من وجهة نظر صغار السن وهو مكتوب بطريقة غير أكاديمية ويلامس الكثير من الإشكاليات المعاصرة وذلك لتقريب مفهوم النسوية للأجيال الجديدة من الفتيات اللواتى ربما لا يعلمن الكثير حول تاريخ المصطلح أو معناه أو فائدته فى عالم اليوم.
وتقول محررة الكتاب سكارليت كورتيس إن المشاركات فى الكتاب كن من خلفيات مختلفة تماماً، فهناك الناشطات والوجوه العامة المهتمة والمعروفة وهناك فتيات صغيرات السن غير مشهورات لكنهن مهتمات بالحركة النسوية بسبب تطورات السنوات الأخيرة وعلى رأسها حركة «وأنا أيضاً» التى كشفت تفاقم ظاهرة التحرش الجنسى فى هوليوود والكثير من المؤسسات الدولية وعلاقة الظاهرة بهرمية السلطة.
ومن ضمن المساهمات فى الكتاب اليشا جارزا، إحدى مؤسسات حركة «حياة السود مهمة» والممثلة البريطانية كيرا نايتلى التى وجهت فى مقالتها انتقادات لدوقة كامبرديج كيت ميدلتون وقصر باكنجهام بسبب الطريقة «غير الواقعية» التى يصورون بها حالة النساء بعد الولادة.
فقد اتهمت كيرا نايتلى دوقة كامبردج بإخفاء حقيقة «الدماء والصراخ» خلال الولادة إثر ظهور كيت على أعتاب المستشفى بعد ساعات من الولادة بجوار زوجها الأمير ويليام فى كامل ابهتها.
وفى مقال بعنوان «الجنس الأضعف»، سردت نايتلى بالتفصيل تجربتها الخاصة فى الولادة وكيف يبدو أنها تختلف عن العائلة المالكة.
وكتبت نايتلى «خرجت دوقة كامبرديج من المستشفى بعد سبع ساعات، وعلى وجهها مكياج كامل، ترتدى الكعب العالي»، قائلة إن الوجه الحقيقى لمتاعب ما بعد الولادة يتم اخفاؤه. وتحدثت كيرا نايتلى عن تجربتها الخاصة مع الالم بعد الولادة، والصراخ، والنزيف، واضطراب الهرمونات، وتصدع الجسد، واكتئاب ما بعد الولادة، وقارنت ما مرت به بالصورة غير الواقعية التى تقدمها دوقة كامبرديج.
وينتقد الكثيرون فى بريطانيا صورة كيت «المثالية» لحالة المرأة بعد الولادة، مشيرين إلى أنها «تضع توقعات غير واقعية للنساء». وتقول نايتلى إن تقديم صورة واقعية صريحة عن الالام النفسية والجسدية التى تمر بها النساء خلال الحمل والولادة وما بعدهما «ليس ضعفاً»، بل قوة مضاعفة حيث ان المرأة تتحمل مستويات من الألم لا يتحمّلها الرجال.
فما هى أكثر الخرافات الشائعة حول معنى النسوية والناشطات النسويات؟
يُعدّد الكتاب بعضها ومن تلك الأمثلة:
-أن المهتمات بحقوق المرأة لا يشاهدن التليفزيون أو المسلسلات التافهة أو البرامج التى تتابع الحياة اليومية للمشاهير أو موسيقى البوب.
-إن الناشطات النسويات لا يدخلن المطبخ ولا يجدن الطهو. هذه إحدى الخرافات الشائعة التى يسخر منها الكتاب بشدة.
-إن الناشطات والنسويات لا يضعن مساحيق التجميل ولا يرتدين الملابس الأنيقة ذات الألوان الناعمة مثل الوردي.
-أن الناشطات لا يذهبن لصالونات التجميل لتصفيف شعورهن.
-إن النسويات عموماً لا يرغبن فى الزواج بسبب عدائهن للرجال، هذه اكثر الخرافات إثارة للسخرية.
-إن الناشطات النسويات يعرفن كل شىء ولديهن إجابة على كل سؤال ويتفقن بينهن على كل شىء. هذه أسطورة أخرى، فالناشطات النسويات لا يعلمن كل شىء ولا يتفقن على كل شىء بل ان داخل الحركة النسوية الكثير من التفسيرات المتعارضة والنظريات المتضاربة وهذا طبيعى ومطلوب.
-إن العالم اليوم لم يعد بحاجة إلى حركة للدفاع عن حقوق النساء. هذه خرافة أخرى. فالنساء البريطانيات، مثل غيرهن من نساء العالم، ما زلن يواجهن عدم مساواة فى الأجور، والتمييز على أساس النوع فى المناصب الكبرى، والتحرش الجنسي، والزواج الإجبارى وهى ظاهرة تعانى منها خاصة البريطانيات من أصول آسيوية، والعنف المنزلي.
وهذا يعنى أن الحركة النسوية ما زالت مطلوبة ومهمة، والكتاب ما هو إلا محاولة لتقريب مفاهيمها لاجيال جديدة من الشابات اللواتى ربما يقعن ضحية الصور الذهنية النمطية الذكورية الكسولة عن معنى الحركة وناشطيها وأهميتها فى القرن الحادى والعشرين.