موقع dostor الإلكتروني- في العشرين من كل شهر، منذ اشتداد جائحة فيروس كورونا بالعراق، تقّبع رانيا حمد، ثلاثينية، طوال الليل في حجرتها بمنزلها الصغير، تقصّ الأقمشة القديمة وتصنع منها ما يشبه الفوط الصحية النسائية، حتى ترتديها أثناء فترة حيّضها والتي تأتي عادةً بعد أيام قليلة من اليوم العشرين في الشهر الميلادي.
لجأت رانيا، من محافظة البصرة، إلى تلك الوسيلة منذ نهاية مارس العام 2020، ذروة تفشي الفيروس بالعراق. تقول: “حين كنت ابتاع عبوتين من الفوط الصحية كي تكفيني، تفاجئت برفض البائع في السوبر ماركت الحصول على إثنين وأعطاني واحدة فقط وقال إنها تعاني نقصاً، ثم تناقصت الواحدة إلى لا شيء”.
رانيا وحنين ولينا وآخريات، هُن نساء عرب من العراق ولبنان وسوريا، تشاركن في معاناة البحث والحصول على الفوط الصحية اللازمة شهرياً، منذ جائحة فيروس كورونا، التي أدّت إلى غلق الطيران والملاحة في تلك الدول، ما عطل حركة استيراد التّجار للمنتجات التي تعتبرها الحكومات غير أساسية.
تنصُّ قرارات سابقة وقوائم مُوضوعة من قبل تلك الحكومات على الاكتفاء باستيراد المواد الأساسية فقط في أوقات الغلق العام، والتي لم تكن من بينها الفوط الصحية لعدم اعتبارها منتج أساسي، بيد أن كورونا كشفت عوار تلك القرارات والتي بموجبها لا يستطيع التجار استيراد الفوط النسائية في الوقت الحالي.
الفوط الصحية هي وسيلة تستخدمها النساء أثناء فترة الحيض (الدورة الشهرية)، وتكون مصنوعة من القطن، وتمتص تدفق الدم خلال تلك الأيام، وهناك أنواع منها سميكة للنساء اللاتي تأتي دورتهنّ قوية، وآخرى رفيعة للنساء ذات الدورة الضعيفة في تدفّق الدم.
تستخدم المرأة خلال فترة حياتها أكثر من ١٢ ألف فوطة صحية، وهناك حوالي ٢٠ مليار فوطة صحية تستخدمها النساء سنوياً في المنطقة العربية فقط، وفق كتاب مؤشرات صحة المرأة الذي أصدرته جمعية رفيدة لصحة المرأة عام 2019 (غير حكومية).
اليونيسف تحذّر من أزمة الفوط الصحية
يُعزّز ذلك تحذيرٌ خَرَج من صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف في 27 مايو الماضي، من انقطاع مخزون وسلسلة توريدات الفوط الصحية في بعض البلدان، وفقدان المجتمعات إمكانية الوصول إليها، ومواجهة المورّدين مشاكل في شحن الفوط الصحية؛ لعدم إدراجها كمواد أساسية أثناء الإغلاق العام.
الصندوق أكّد في تحذيره من أنّ الوباء له تأثيرٌ شديد على النساء في فترات الحيض، بسبب غلق المطارات والمرافق الصحية وتقييد حركة الاستيراد تقويضاً للجائحة، وتأثير ذلك على الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء بما في ذلك المنتجات المتعلّقة بالحيض.
وذكرت اليونيسف مجتمعاتٍ بعينها تعاني من نقصٍ حاد في منتجات الفوط الصحية منها فلطسين ولبنان والعراق وسوريا واليمن، والتي انقطع لديها مخزون الفوط الصحية، مشدّدةً على ضرورة تأكّد صانعي القرار في تلك البلدان من استمرار إتاحة هذه العناصر الأساسية، وإلغاء أي قرارات أو قوائم تعرقل ذلك.
رانيا: أشعر بالقهر وأنا استخدم قصاصات الورق أثناء حيضي
تسترجع رانيا معاناتها خلال الفترة الأخيرة والتي لازالت مستمرة: “منذ جائحة فيروس كورونا وتعاني بعض الأحياء والقرى في العراق من نقص الفوط الصحية، لكن لا نقدر أن نشكوا معاناتنا تلك؛ لأنه من العيب في العراق أن تتحدّث الفتيات بتلك المواضيع في العلن”.
لجأت رانيا إلى الأقشمة، بينما آخريات من قريتها استخدمن أوراق الجرائد لامتصاص تدفّق الدماء في فترات الحيض: “استخدم الأقمشة وأقوم بغسلها وتركها تجِفّ، أتحمّل ذلك الجهد إلى جانب الألم الجسدي الذي أشعر به في فترة الحيض والمزاج السيء وجسدي المُتَكسّر، وبحسّ بقَهر وأنا بصنع شيء كهذا”.
ترى حمد، أنه لا بد من دخول الفوط الصحية لقوائم المواد الأساسية في العراق أو ضمن البضائع التموينية، حتى لا تتكرر تلك المأساة في أوقات الغلق العام، لاسيما إنها أصيبت بالتهابات جلدية جرّاء استخدام تلك البدائل وفق تقرير طبي.
الفوط الصحية نفاد المخزون قريباً
لا يوجد تصنيع محلي للفوط الصحية داخل العراق، إذ تعتمد على الاستيراد من الصين التي بلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين العراق خلال عام 2019 نحو 21 مليار دولار تمثّل فيه المستلزمات النسائية نسبة أقل من 1%، وفق عبدالرزاق الزهيري، رئيس اتحاد الغرف التجارية بالعراق.
رئيس الاتحاد يوضح لـ”الدستور” أن تلك المستلزمات لا تعتبر من المواد الأساسية في العراق، لذلك لا يتم استيرادها في أوقات الغلق العام، مشيراً إلى أنّ العراق أغلقت الحدود والمنافذ البحرية والجوية والمطارات تقويضاً للجائحة وانتشار العدوى، ولايتم سوى استيراد المستلزمات الرئيسية أغلبها غذائية.
يقول الزهيري: “يعتمد التجار الآن على مخزون البضائع لديهم، لعدم قدرتهم على الذهاب إلى الصين أو تركيا واستيراد منها تلك المستلزمات، لكن المخزون يتناقص”، واصفاً ذلك بـ”مؤشّر غير جيد” بسبب اعتماد الاقتصاد العراقي على استيراد كلّ شيء بدلاً من التصنيع المحلي والاهتمام بالقطاعات.
التهابات مهبلية تصيب حنين: “الفوط الصحية منتج أساسي للفتيات”
نفس حيلة الأقمشة البالية لجأت إليها حنين آسر، 22 عاماً، لبنانية تقطن في حي “التنك” الذي يعدّ من أفقر أحياء بيروت بحسب منظمة الأمم المتحدة للسكان، منذ شهر مايو الماضي، بعدما أصيبت الفوط الصحية بالنقص الشديد جراء حالة الغلق العام التي فرضها فيروس كورونا على لبنان.
الوضع إزداد صعوبة، تصف الفتاة معاناتها الشهرية في إيجاد فوط صحية بعدما خرجت الفوط الصحية من قوائم المواد المدعومة من قبل الحكومة، وأصبحت الآن غير مدعومة وغير أساسية: “صعب على المرأة اللبنانية الآن أن تؤمّن احتياجاتها من الفوط الصحية وهي منتج أساسي للفتيات، كنت بشتريها بـ3500 ليرة (ما يعادل نصف دولار)، لكن الآن أصبحت 7500 ليرة واحتاج علبة شهرياً وأحياناً علبتين”.
ترى لينا أن قرار خروج الفوط الصحية من قوائم السلع الأساسية أو المدعومة ذكوري، لكونه دفعها إلى استخدام الخرق البالية في فترات حيضها، ما أصابها بالتهابات شديدة في منطقة المهبل وفق تقرير: “ما عندنا في الدكاكين بالحيّ فوط صحية منذ تفشي كورونا، بسبب غلائها وعدم قدرة التجار على استيرادها في وقت الغلق”.
استشاري أمراض نساء يشرح خطورة الفوط القماشية على النساء
استخدام الأقشمة والخرق البالية بديلاً عن الفوط الصحية، قد يُصيب الفتاة بما يعرف بمتلازمة الصدمة السّمية والتي تؤدي للإصابة في بعض الأحيان بسرطان الرحم والجلد، لأنها تسبّب التهابات وفطريات في منطقة حسّاسة، وفق الدكتور أحمد عدنان، استشاري أمراض النساء بالعراق.
الدكتور عدنان يؤكّد على ضرورة الحذر في استخدام الفوط الصحية القماشية، لكونها تلامس أجزاء حسّاسة من جسد المرأة، وقريبة من القناة المهبلية والأوعية الدموية، مشيراً إلى ضرورة تغيير الفوط الصحية كل 4 ساعات؛ والابتعاد عن الفوط القماشية؛ لأنّ كثرة الإصابة بالالتهابات في المهبل يُسبّب سرطان الرحم.
الفوط الصحية في لبنان.. غير أساسية وغير مدعومة
تستخدم لينا وغيرها من النساء في لبنان الأقشمة، بسبب نقص الفوط الصحية منذ جائحة كورونا، نتيجة عدم إدراجها ضمن المواد الأساسية في وقت سابق وبالتالي منع استيرادها في أوقات الغلق العام. إذ أنّ الحكومة اللبنانية اعتبرت في العام 2016 الفوط الصحية النسائية ليست من المواد الأساسية.
جاء القرار من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، حيث أُدرِجَت الفوط الصحية النسائية من ضمن المواد غير الأساسية لذلك لا يتم استيرادها في أوقات الغلق العام، بحسب الموقع الرسمي للوزارة والقائمة التي نشرتها وقتها والتي توضح المواد الأساسية الجائز استيرادها في أوقات الغلق العام.
شملت القائمة ثلاث فئات (مواد أولية زراعية، مواد أولية صناعية، سلع مستوردة جاهزة للاستهلاك)، وهي المواد الأساسية فقط في لبنان، والتي يتم استيرادها في أوقات الغلق العام، ولم تكن من بينها الفوط الصحية، وزادت الأزمة مع إعلان الحكومة اللبنانية غلق الطيران والملاحة في مارس الماضي.
أما دعم “الفوط الصحية” فقد رفعته الحكومة اللبنانية في قائمة حديثة، صدرت في 9 يوليو الماضي بعدما اجتمع 7 وزراء رجال من الحكومة، واختاروا أكثر من 300 سلعة تستحق الدعم وذلك بعدما احتج مواطنون على ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، فلم يكن أمامها سوى تأمين المواد الأساسية بسعر منخفض؛ لكن لم تكن من بينها الفوط الصحية.
حقوقية: كورونا كشفت عوار اعتبار العرب الفوط الصحية غير أساسية
تصف الحقوقية سميرة موحيا، نائبة رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، أن عدم اعتبار الفوط الصحية من المواد الأساسية والضرورية في البلدان العربية أمرٌ مخزٍ، مشيرةً إلى أن جائحة كورونا كشفت عوار تلك الاعتبارات العربية في بعض المجتمعات.
تضيف: “الفوط الصحية مثلها مثل ماكينات الحلاقة للرجال لا يمكن الاستغناء عنها والتي لا تندرج في قوائم السلع غير الأساسية، بل أنّ بعض المنتجات لا خطر في عدم استيرادها، مقارنةً بما سيحدث للنساء حال استمرار حالة الغلق العام وانتقاص فرص الحصول على الفوط الصحية”.
ترى موحيا، أن تلك الاعتبارات لها تأثير نفسي سيء على النساء، اللاتي يعانين في فترات الحيض من تقلبات نفسية ومزاجية إلى جانب احتمال آلالام شديدة: “يحمل ذلك الاعتبار عبء نفسي ضخم على النساء في رحلة البحث عن آمان الفوط الصحية”.
تاجر: الفوط الصحية ليست منتج أساسي، فلا يتم استيرادها وقت كورونا
تلك القوائم والقرارات ظهر تأثيرها جلياً على تجار ومورّدي المنتجات الصحية، منهم زياد بوري، تاجر في بيروت، أضحى لا يستورد الفوط الصحية في لبنان منذ غلق الطيران والملاحة خلال مارس الماضي، ويؤكّد أنّ الحكومة اللبنانية تحظُر على التجار في أوقات الغلق العام استيراد أي منتجات أو مواد خارج قائمة السلع الأساسية التي حددتها في عام 2016.
بوري يقول لـ”الدستور”: “الفوط الصحية تعاني من النقص، وإن وُجدت تكون مرتفعة الثمن على النساء، وكنّا قبل كورونا نستورد المنتجات الصحية من الصين وتركيا، وكان سعرها للمستهلك 3000 ليرة أي أقل من نصف دولار، أما الآن أعتمد على ما لديّ من مخزون. لكن أخشى ألا يصمد كثيراً أمام حاجات النساء”.
سعر عبوة الفوط الصحية التي تحوي 8 فوط في لبنان وصل إلى 8 آلاف ليرة (دولار أمريكي)، وفقًا للتاجر اللبناني، الذي بيّن أنّ استيرادها توقّف الآن ولا يوجد منها سوى كميات قليلة، والاعتماد حالياً سيكون على المصانع الوطنية المحلية والتي تنتج كميات قليلة بأسعار غالية إذ كانت لبنان تعتمد على المستورد.
تاجر سوري: نُعطي المحال فوط صحية بحساب شديد
التجّار في سوريا أيضاً يعانون، إذ يؤكّد زاهر الديوان، أحد تجار المنتجات الصحية في سوريا، أن منتجاته أصبحت ممنوعة من الاستيراد منذ إغلاق الطيران والملاحة في سوريا في مارس الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا، مبيّناً أنّ من ضمن تلك المنتجات كانت الفوط الصحية.
يقول الديوان لـ”الدستور”: “نعتمد نحن التجار على ما لدينا من مخزون، لكنه نبيع جملته في المحال بحسابٍ شديد؛ حتى لا ينفد دفعة واحدة، ولا تُعطي المحال للمرأة أكثر من عبوة واحدة شهرياً، فأصبح محظور استيراد المنتجات التي تعتبر غير أساسية أو كمالية في وقت الوباء الآني”.
بقرار منشور في الجريدة الرسمية: الفوط الصحية “كماليات” في سوريا
يعزّز حديث “زاهر”، التوصية التي خرجت بها اللجنة الاقتصادية في سوريا خلال نوفمبر العام 2019، والتي انعقدت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 172531، من أجل وضع قوائم جديدة للسلع الأساسية التي يُسمح باستيرادها فقط خلال أوقات الغلق العام، وشملت أغلبها منتجات غذائية ولم يكن بها الفوط الصحية للنساء، وقد نُشِرَ وقتها القرار في الجريدة الرسمية.
ووقتها أعلنت اللجنة الاقتصادية أنها قامت بشطب المواد التي وصفتها بـ”الكماليات” مهما كانت هامة، من عمليات الاستيراد، والاكتفاء بالمواد التي تساهم في عملية التنمية فقط، كانت من بينهم الفوط الصحية و60 منتج آخر يخصّ التجميل أو النظافة الشخصية.
حبوب منع الدورة الشهرية وسيلة لينا وابنتها
تدفع النساء في سوريا نتيجة ذلك القرار، من بينهنّ لينا محروس، 32 عاماً، وابنتها “روان” 15 عاماً، اللاتي يقطُنّ في المحافظة السورية دمشق، وكانت “لينا” تختزن كلّ شهر عدد من الفوط الصحية بسعر 500 ليرة سورية (ما يعادل ربع دولار تقريباً)؛ استعداداً لدورتها التي تأتي في منتصف كل شهر ودورة ابنتها التي تليها بأيام قليلة، إلا أن تداعيات فيروس كورونا كان لها آثر على تلك المنتجات النسائية الهامة.
تقول لينا لـ”الدستور”: “مع حلول مارس هذا العام، أصبحتُ أطوفُ أكثر من دكان وصيدلية حتى أجد فوطي الصحية أنا وابنتي، البائعون كانوا يحذروننا من أنها ستشهد نقص حاد خلال شهور قليلة، لكونها من المواد غير الأساسية وبالتالي لا يتم استيرادها في أوقات الغلق العام”.
لم تجد لينا حلاً سوى تناول حبوب تمنع نزول دماء دورتها الشهرية بحلول مايو الماضي، بعدما تعمّقت الأزمة وأصبحت الضاحية مغلقة على سكانها، والمحلات لا تبيع سوى المواد الغذائية الضرورية فقط، وصنعت لابنتها قطعاً من القماش خوفاً عليها من تلك الحبوب “خشيتُ أن يكون لتلك الحبوب ضرراً على ابنتي، فأصبحتُ كل شهر أصنع لها أقماش تمتص الدماء”.
لم تنجح حيلة الأم وأصيبت روان بالتهابات فطرية (وفق تقرير طبي)، فأصبحت لينا تتنقل شهرياً بين الدكاكين والضواحي، فتجد الفوط الصحية مرة، وتعود بدونها مرات، ليكون القماش بديلاً.
فيما يحذّر الدكتور أحمد عدنان، استشاري النساء بالعراق، من استخدام الحبوب التي تمنع نزول دماء الحيض في موعدها: “تلك الدماء تكون فاسدة، لأنها تنقّي جسد المرأة من السموم، ومنع نزولها لأكثر من شهر باختلاف الأسباب؛ يسبّب مخاطر كالنزيف غير المتوقّع، فلا بد أن تترك المرأة دورتها تأتي في موعدها وتُحاول طوال تلك الفترة تنظيف منطقة المهبل وعدم البقاء بالفوطة الصحية ساعات كثيرة”.
منظمة سورية: 13 ألف شكوى نسائية من بينها نقص الفوط الصحية
لينا ليست وحدها، فهناك 13 ألف شكوى تلقّتها منظمة إنصاف وتمكين المرأة السورية (غير حكومية)، منذ بداية جائحة فيروس كورونا، بعضها تخصّ استغاثات نسائية بسبب نقص المستلزمات الصحية في أوقات الحظر والغلق العام داخل المحال والدكاكين، وفق هبة الحاج المدير التنفيذي للمنظمة.
ترفض الحاج، اعتبار الفوط الصحية النسائية كماليات أو مواد غير أساسية، مشيرةً إلى أن هناك مواد أقل أهمية تستوردها الحكومات في أوقات الغلق العام ولكنها تخصّ الرجال، وهو أمر يبيّن أن الحكومات تعتبر كلّ ما يخصّ المرأة ليس ذا أهمية.
تقول الحاج: “الأزمة ليست في سوريا، فالمرأة في فلسطين والعراق ولبنان يعانين من نفس الأزمة، لأن الفكر الحكومي واحد يعتبر أن كل ما يخصّ النساء ليس بالأهمية الضخمة التي تحتاج إلى قرارات أو إلغاء لقرارات سابقة، رغم أن لديهن زوجات وشقيقات”.
الصليب الأحمر اللبناني: وزّعنا فوط صحية على 10 آلاف سيدة في لبنان
عمق الأزمة في تلك الدول، دفع منظمات إغاثية للتدخّل، رغم أن عملّها ليس له علاقة بتوفير الفوط الصحية للنساء، منها المنظمة الدولية للصليب الأحمر في لبنان، وفقاً لـ”سحر توفيق”، المتحدّثة الإعلامية باسم المنظمة الدولية للصليب الأحمر.
توفيق توضح لـ”الدستور” أن المنظمة قبل فيروس كورونا كانت توفّر الفوط الصحية لنساء العوائل النازحة واللاجئة داخل المخيّمات أو خارجها، كجزء من عدّة النظافة التي يتم توزيعها من قبل فرق الإغاثة، مؤكّدةً أن فيروس كورونا أحدث نقصاً حاداً في الفوط الصحية للنساء عامةً في لبنان، بسبب حركة الاستيراد والغلق العام.
الأمر دفع الصليب الأحمر إلى إغاثة عدد من النساء قدر الإمكان، وصل تعدادهنّ إلى 10 آلاف سيدة، وتمّ التوزيع على العائلات بعدد النساء بها، وفقاً للمتحدثة الإعلامية، التي تستنكر خروج الفوط الصحية النسائية من قوائم المواد الأساسية في لبنان: “هناك نساء يستخدمن القماش والورق في فترة حيضهنّ بسبب ذلك النقص، وما يفعله الصليب الأحمر ليس من صميم عمله، لكن تمّ إغاثة النساء قدر المستطاع”.
الصليب الأحمر: رصدنا استغاثات من نقص الفوط الصحية في سوريا
كذلك الحال مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، التي رصدت استغاثات من نساء في مناطق مختلفة بشأن نقص الفوط الصحية، لاسيما مع توقّف المساعدات الإغاثية التي تقوم بها بعض المنظمات، جرّاء فيروس كورونا، وفق عدنان حزام، منسّق فرق الإغاثة باللجنة الدولية.
يقول لـ”الدستور”: “نقوم بتوزيع المواد الصحية والتي تشمل فوط الحيض النسائية، على الفتيات في المخيّمات واللاجئين، لكن رصدنا استغاثات من نساء خارج تلك المخيمات، فقمنا بإغاثتهنّ بنحو 15 ألف فوطة صحية، شملت عدد كبير من العائلات، لكن لازالت الأزمة مستمرة بسبب حركة الاستيراد”.
الأمر ربما يفوق النطاق العربي، إذ تُعاني النساء في الهند أيضاً وفق صندوق الأمم المتحدة، من أزمة في إيجاد الفوط الصحية منذ تفشي كورونا، وبدأت الفتيات في تصنيع الفوط من الأقمشة والخرق البالية، ما دفع صانعي القرارات إلى إدارج الفوط الصحية كسلع أساسية لإزالة الحواجز أمام تصنيعها وتوريدها، كما تحرّكت الولايات المتحدة لتصنيف لوازم الحيض كمنتجات طبية.
ووفقًا لمسح أجرته منظمة Plan International UK الخيرية للأطفال على 1010 لفتيات تتراوح أعمارهن من 14و21 عاماً في أوروبا، فإن ما يقرب من ثلثهنّ يكافحن من أجل الحصول على المنتجات الصحية بسبب حالة الغلق العام، و17% لم يتمكّنوا من الشراء، وأكثر من نصفهنّ استخدمن مناديل الحمام.
جميع أسماء النساء المُستخدمة مستعارة بناءً على رغبتهنّ وحفاظاً على هويتهنّ الاجتماعية.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.