استضافت مكتبة مصر الجديدة يوم الأربعاء 30 نوفمبر لقاء جمع بين الدكتورة والأديبة “نوال السعداوي” والدكتور “خالد منتصر”؛ وذلك في إطار الاحتفال بالـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة برعاية ” مركز نوال السعداوي للفكر و الابداع”، وإدارت اللقاء الإعلامية “رباب كمال”.
القاهرة/ موقع “احكي”- بدأت الندوة بكلمة “خالد منتصر” عن ظاهرة العنف ضد المرأة المصرية، ولفت إلى أن 50% من المنازل المصرية مغلقة على “الاغتصاب الزوجي” الذي أطلق عليه “الاغتصاب الحلال”؛ وذلك من خلال الاعتماد على الأسانيد الدينية، مدللا على ذلك بالحالات التي تأتي أليه في عيادته، ذاكراً بأن أكثر الكتب مبيعاً في معرض الكتاب العام الماضي “أكثر أهل النساء من النساء”.
ووضّح معنى “الاغتصاب الزوجي” في إحدى مقالاته وقال “منتصر” :”الاغتصاب كما نعرف جميعاً فعل جنسى تجبر عليه الضحية بواسطة رجل غريب عنها، أى بالضرورة ليس زوجها، ولكن هذا التعريف قد تغير الآن بعد رصد العلاقات الزوجية بصورة علمية”.
وانتقل ” منتصر” إلى الضغوطات التي تتعرض لها البنت المصرية من قبل المجتمع بشكل عام، والأهل بشكل خاص تحت مصطلح “العنوسة”، فوضح أن البنت المصرية ضحية الضغط المجتمعي والأهل، فكل من حولها يلقي عليها اللوم ويتم تعاملها على أنها ضحية، بل وصل الحد إلا شراء كتب أدعية من قبل الأهل لحل مشكلة “العنوسة” حسبما يروها.
قهر المرأة لنفسها يبدأ من قهر المجتمع لها
“المرأة متاع للرجل والرجل ليس متاع للمرأة”، لفتت ” السعدواي” خلال الندوة أن هذه فلسفة لا تقتصر على دين معين بل هي فلسفة منذ قديم الأزل وعلى مر العصور، ويتم النظر إلى المرأة وأنها مجرد وعاء للإنجاب والخدمة.
” أنا اتهاجمت من النساء أكثر من الرجال، وواحدة منهم قالت أن نوال السعداوي بتساند داعش “،تحدثت “السعداوي” في ندوة “اتحدوا.. لا للعنف ضد النساء”، على المهاجمة التى تنهال عليها من قبل المرأة قبل الرجل، ولكنها ارجعت ذلك للثقافة الذكورية التي تظلم المرأة، وقالت أنها ضد أن تلقي الخطيئة على المرأة، فلابد أن يكون هناك إنصاف، وقهر المرأة لنفسها يبدأ من قهر المجتمع والرجل لها، وتقنع نفسها بأنها أدنى من الرجل وتقبل الهوان على أنه فضيلة، ووضحت أن لابد أن تتعلم البنت أن هناك ثمن للحرية لابد أن تدفعه، ويتم ذلك بعقل وإتزان وفهم، ولابد من الخروج من سجن الثقافة التي نعيش فيها، وأضافت أن البنات المصرية تعيش داخل دائرة الصراع النفسي والاجتماعي.
ووجهت “السعداوي” رسالة إلى المرأة المصرية “يا أختي أيتها المرأة لماذا تقهري نفسك بنفسك، لماذا تقبلي الخيانة والهوان؟ مما تخافين؟”، ولفتت إلى أن التمكين الاقتصادي للمرأة هو أول الطريق في تحريرها من من الهوان والذل، وأضافت أنه لابد أن تبدأ المرأة والفتاة الطريق بنفسها، ولابد أن تكون نشطة اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وتقوم بنقل أفكارها لغيرها، فهو بمثابة سلاح تقوية لها.
القانون يهدر حق المرأة
بينت “السعداوي” أن “القانون” مهم لأنه يردع، ولكن لا يجب الاعتماد عليه فقط بل لابد من الاعتماد على القانون والثقافة والتعليم، وقالت أنه لا يوجد قانون للعنف الأسري في مصر، فلا يوجد قانون يمنع العنف من قبل الأسرة، وأشارات إلى أن هناك قانون يسقط نفقة المرأة التى لا تلبي رغبات زوجها بحجة أن “المرأة متاع للرجل”، ولكن اتجهت العديد من دول العالم بفرض قوانين متعلقة بالعنف الأسري.
العلمانية أتت لنا على طبق من ذهب
“التجديد لم يأتي إلا بالتعليم والإعلام ورغبة حقيقية من الدولة”، تحدث منصر عن الآليات الازمة للتغيير، ولفت الانتباه إلى أن تأسيس الدول المدنية لم يتم إلا عبر التضحيات الكبيرة، ووقت طويل مستشهدا بالدول الأوربية التى تحولت إلى العلمانية عبر بحور من الدماء – على حد وصفه-، وقال أن العلمانية أتت لنا على طبق من ذهب، وقال “ما أتي سهلاً راح سهلاً”، ولابد من الاستعداد للتضحيات.
وفيما يتعلق على التزاوج بين الدين والدولة ، بين “منتصر” أن الدين تحول إلى مؤسسة، وطريقة لجمع المال والربح، والداعية لا يدافع عن “ربنا” بل يدافع عن “المال”، والحرب لم تكن سهلة ولا أطلب من الدولة ان تكون مع طرف ضد طرف ولكنه، طلب من الدولة” “أطلب من الدولة أن تقف على الحياد، وتمنح الأمان لمن يتحدث في التلفزيون أن يعود إلى منزله ولا يدخل السجن مثلما حدث مع إسلام البحيري”.
وعن المثقفين قال منتصر :”المثقفين بيخافوا يدفعوا الثمن، لازم المثقفين والنخبة يستعدوا لدفع الثمن”، كما طلبت “السعداوي” من المثقفين وغير المثقفين القدرة على التضحية، ودفع الثمن من أجل الحصول على الحرية مستشهدة بمشوارها مع الحرية، وأوصت بأهمية التنظيم لحماية ذلك، مبررة ذلك أن الدولة تريد المثقف وحده من أجل القضاء عليه، أو اجتذاب المثقفين إلى بلاط السلطة.
ولام “منتصر” المثقفين على لغتهم المقعرة، وعدم رغبتهم في معرفة التراث العربي، والنقطة الثانية الاستعجال، فالمثقف المصري ” عايز يشوف حصاد البذرة إللي رماها بكره”، ولكنه أشار إلى أن التاريخ يؤكد أن مصر ستدخل إلى التغيير آجلاً أو عاجلاً، ولفت إلى الحراك المجتمعي الذي حدث في مصر في السنوات الأخير مدللا على غلق الكثير من القنوات الدينية المتعصبة كقناة “الرحمة” وغيرها.
الثقافة الجنسية تبدأ من قصيدة الغزل ولابد من دمجها في المناهج التعليمية
تحدث منتصر عن “الثقافة الجنسية”، والمعلومات المغلوطة التي تصل للأشخاص عنها، فقال أنها لا تقتصر على اللقاء الجنسي، بل الثقافة الجنسية تبدأ من قصيدة الغزل في اللغة العربية،ولكن عرفها الناس من فيلم “التجربة الدينماركية”.
وأضاف أن الثقافة الجنسية لا تعني “الإباحة” ولكنها علم ولابد من تدريسها والفهم الصحيح للثقافة الجنسية يؤكد على مدى أهميتها، وقال أن الجنس في الغرب يسمي ” making love”، والإنسان هو الكائن الوحيد الذي لا يكون له وقت للتزواج، وهذه رسالة من “ربنا” بأن الجنس مسألة إنسانية ليس مرتبطة بالإنجاب فقط، والإنسان هو الذي يواجه رفيقه خلال العملية الجنسية وجهاً لوجه، لأن “التواصل قبل التناسل”.
وفي سياق متصل تحدثت السعداوي عن “أنسنة الجنس”، وقالت لابد أن تصبح العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة عملية إنسانية، لأن المرأة إنسانة أكبر من كونها وعاء، ولابد أن تدخل الثقافة الجنسية في كل شىء وتدخل في مناهج كلية الطب التي تجهل الطالب أكثر مما تعلمه، ولايمكن الفصل بين الحب والجنس، فالفصل خطير بينهما فهذا “انفصام” تؤدي إلى مشاكل وخيمة.