هل يمكن للمرأة السّورية أن تتحدّث علانية عن الاعتداء الجنسي عليها؟
لا للاعتداء الجنسي ولا للتحرّش

نادية خلوف/الحوار المتمدن- لا زال الغرب غرباً، والشرق شرقاً، لكن هناك تشابه ما في بعض الأحيان. يعجبني ما تقوم به النّساء في السويد، كما يعجبني ذلك الكمّ من الكاتبات اللواتي يعالجن قضايا المرأة، ومن السّياسيات المتمرسات.

وفي إحدى المحاضرات التي حضرتها. قلّدت المحاضرة تصرّف الرّجال في بعض الحالات، واعتبرته تقليلاً من قيمة المرأة فقالت: عندما يلقي أحدهم طرفة، وتشعرين أن لها مغزى جنسي تعتبر تحرشاً. لا تسكتي. استديري، أعيدي كلمات النكتة، وقولي: أعتقد أنّني سمعت هذا. ماذا كنت تعني؟

في الاجتماعات الحزبية لا يبحثون في السياسة، يبحثون في مطالب وحاجات جماهيرهم، أو احتياجات المجتمع. مادامت الحكومة منتخبة، فالسياسة من اختصاصها. في أي مكان ولدنا أو رحلنا إليه علينا أن نفهم المجتمع، ونصغي إلى ما يعتبره قيمة مجتمعيّة.

تصعد الآن الأحزاب القوميّة الشعبوية في أوروبا بعد نجاح ترامب، فقد أصبحت الثالثة في ألمانيا، وحتى الآن هي الثالثة في السّويد. وتصنف تلك الأحزاب بالذّكورية، بينما الأحزاب الأخرى تكتب في أدبها أنها ” نسائية”.

وهناك حزب قومي سويدي اسمه” ديمقراطيو السويد” وحدث منذ يومين أن غادرته بسبب الاعتداء الجنسي “حانا ويغ” عضوة عن الحزب في البرلمان السويدي ، وقد قالت أمام التلفزيون كيف تعامل معها زميلها في الحزب:
“وضع يده على رقبتي ودفعني إلى الجدار . ثم وضع يده الأخرى داخل سروالي ودفع بإصبعه”

وتعقيباً على الحادث تقول الصحافية كارين بيترسون في افتتاحية أفتون بلادت:
“يهدف الديمقراطيون السويديون، كجزء من فكرتهم التجارية، إلى استهداف الرجال الذين لا يولدون في السويد كمُغتَصبين محتملين” ثم تكمل :
“في الواقع، يهيمن الرجال على قيادة الحزب حيث يؤمنون بشرف الذكور، والذي لا يزال من المتوقع أن تظل المرأة تتعرض من خلاله للاعتداءات” كما أن الفكر الذكوري لا يختلف بين مجتمع وآخر حيث تقول:
“يمكن للقمع البطريركي أن يتخذ أشكالا عديدة. في بعض الأحيان يتطلب من النساء ارتداء الحجاب. في بعض يتطلب تتكتم على التحرش الجنسي”.

وهنا لا أرغب في الحديث عن الغرب. أرغب في بعض المقارنة فقط في أمور متشابهة بمن يؤمنون بثقافة شرف الرجل.

عندما عملت محام كان هناك امرأة تحدّثت لي عن قضيّة زوجها الذي اعتدى على ابنتها، ولآنّها تحدثت أمام القس عن الموضوع، وأمام ألأقارب. أصبح الموضوع علنياً، وعلى الرّجل الدّفاع عن نفسه، وحصلت على الطلاق من الكنيسة، واتهمها زوجها بالجنون، وبعد فترة تزوّج بأخرى، وفعلاً أصبحت المرأة شبه مختلة من الصّدمة حيث حاصرها المجتمع، وكذّبها.

إحدى صديقاتي قالت لي: بأنّ زوجها قال لها: “إن سمحت له بجلب عشيقته لن يتزوج بأخرى”. صديقتي ليست أمّية، لكنّها تركت الزوج للعشيقة دون أن تغادر المنزل، ودون أن تستمرّ معه، فالأمر ليس بطولة منها. لو تركت المنزل ربما اتهمت بالجنون أو الزنا .

أنت في سورية، وعليك إن كنت امرأة أن تدفع دائماً ثمن أخطاء الآخر ولا تتوقف عن الدّفع.

في سورية موضوع الاعتداء الجنسي ليس مثل الغرب. يتم أغلبه ضمن المحيط الضيق بين العائلة، والأصدقاء، وفي البيوت التي تحتوي أكثر من عائلة داخل المنزل يمرّ الأمر بسهولة، وثقافة شرف الرجل تجعل النساء يتعرضن للاغتصاب دون البوح بما تعرّضن له. يتعرضن له أيضاً في السجون، ومن قبل المجموعات المسلحة، ومن تتعرض للاغتصاب حتى لو كانت سجينة سوف ينبذها المجتمع عندما تخرج من السّجن . هذا إن لم يتمّ التخلص منها.

على المرأة أن تدفع ثمن إنسانيتها، وتتحدى العرف، وتتحدث بصراحة عن الموضوع. طبعاً المحاكم والتلفزة في سورية غير مفيدة، فأكبر قاض يمكن شراؤه، ولن يقف مع المرأة، فتلك المرأة التي قطّعها زوجها السوري هي وأولادها في الدّانمارك، ووضعها في الثلاجة، ورغم أنها كانت قد طلّقته، لا زال طليقاً في سورية. بل إنني قرأت تعليقات على الفيس بوك قالوا: أنها تستحق لأنها أحبت شخصاً آخر.

ودون أن يتأثر الكثيرون حول مصير الأولاد، وتلك الفتاة التي اغتصبت فهربت إلى ألمانيا، وتبعتها أمها مع أحد أقاربها كي يغسلوا الشّرف، وقتلت رغم أنها كانت محميّة.

بل إنّ الأمر أخطر من ذلك في موضوع الشرف حيث أن هناك قاعدة في محكمة النقض بأن الشرف لا يغسل إلا بالدّم.

وفي الختام أقول: أنّ النساء هنّ من يحرّر المجتمع إذا تحرّرن، وهنّ من يربي الرّجل على مفاهيم الحرّية.

لا للاعتداء الجنسي ولا للتحرّش

لا للاعتداء الجنسي ولا للتحرّش

 

أترك تعليق

مقالات
خاص (تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية)- بعد عقودٍ من نضال النساء السوريات للوصول إلى حقوقهنّ، ما زال طريق النضال طويلاً مع فجوة هائلة في الحقوق الاقتصادية والمشاركة السياسية. ورغم تكثيف جهود المؤسسات النسوية والنسائية منذ بداية الحرب السورية في العام 2011 ،ورغم الدعم الدولي الظاهر، ...المزيد ...
المبادرة النسوية الأورومتوسطية   EFI-IFE
تابعونا على فايسبوك
تابعونا على غوغل بلس


روابط الوصول السريع

إقرأ أيضاً

www.cswdsy.org

جميع الحقوق محفوظة تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية 2015