بيروت/ هيومن رايتس ووتش- قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم الاثنين إنّ مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضاً بـ “داعش”) يحتجزون ما لا يقلّ عن 27 رهينة، بينهم 16 طفلاً على الأقل، في جنوب سوريا.
ويقول السكان المحليون إن داعش يحتجز الرهائن في المنطقة الشرقية من صحراء السويداء، آملاً بالاستفادة منهم في مفاوضاته مع الحكومة السورية وروسيا.
اختطف داعش الرهائن خلال هجومٍ يوم 25 يوليو/تموز 2018 في محافظة السويداء، الخاضعة لسيطرة الحكومة. وفي وقتٍ سابق من أغسطس/آب، قطع التنظيم رأس رهينة، وتُوفّيت أخرى في ظروفٍ غامضة. إنّ أخذ الرهائن هي جريمة حرب، وعلى داعش الإفراج فوراً عنهم.
وقالت لما فقيه، نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “نادت عائلات المختطفين طوال شهرٍ بالإفراج عن أحبّتها.. ينبغي عدم استخدام المدنيين كورقة مساومة، وعلى داعش إطلاق سراح جميع الرهائن فوراً”.
وقد تحدّثت هيومن رايتس ووتش إلى 4 شهود وأقارب للمختطفين من الشبيكي، إحدى القرى التي هاجمها داعش، وقدّم شهودٌ وأقاربٌ للضحايا أسماء 27 شخصاً على الأقل اختُطِفوا، و57 شخصاً قُتلوا في الهجوم. وبحسب نشطاء محليين، بين المخطوفين 16 طفلاً أعمارهم بين 7 و15 عاماً.
يُعرَّف أخذ الرهائن على أنّه احتجاز أشخاصٍ ثم التهديد بهم لإجبار طرفٍ ثالث على القيام، أو عدم القيام، بأفعالٍ محدّدة كشرطٍ صريح أو ضمني لإطلاق سراح الرهائن أو لسلامتهم، وهي جريمة حرب.
قتل داعش رجالاً ونساءً وأطفالاً محليين خلال هجوم 25 يوليو/تموز، الذي أعلن التنظيم مسؤوليته عنه. وفي 28 يوليو/تموز، نشر التنظيم صوراً تُظهِر نساءً مختطفاتٍ وشريط فيديو لامرأةٍ مُختَطَفة ترتدي ملابس بيضاء. وتقول المرأة في الفيديو إنّ داعش لن يطلق سراح الرهائن إلا إذا “أوقف الجيش [السوري] حملته على اليرموك… إذا لم تلبّوا مطالبهم سيقتلوننا”.
حدث الاختطاف إثر هجومٍ كبيرٍ ومتزامن قام به داعش في نفس اليوم ضدّ مواقع مختلفة في محافظة السويداء، حيث قُتل 200 شخص على الأقل. وقال 4 شهود من قرية الشبيكي لـ هيومن رايتس ووتش إنه خلال هجوم 25 يوليو/تموز على قريتهم، استهدف التنظيم المدنيين واقتحم المنازل وقتل أُسراً بأكملها، كما هاجم مناطق لم تكن فيها قوات أمنٍ حكومية سورية أو أهداف عسكرية أخرى. وأضاف الشهود أن التنظيم هاجم مدنيين آخرين عشوائياً.
في 4 أغسطس/آب، ذكرت منظمةٌ إعلامية محلية أنها تلقّت شريط فيديو يُظهر قطع رأس أحد المختطفين، مهند أبو عمار (19 عاماً). وقد نشرت المنظمة صوراً لقطع الرأس على الإنترنت. ولاحقاً أكّد أحد أقارب أبو عمار من الشبيكي، والذي شاهد الصور، هويته لـ هيومن رايتس ووتش.
في 9 أغسطس/آب، تُوفّيت رهينةٌ ثانية، امرأة اسمها زاهية، لدى داعش لأسبابٍ مجهولة. وذكرت وسائل إعلام أنّ داعش نشر صوراً لجثتها، ونسب موتها إلى المرض. كما أكّد أقاربها معاناتها من مشاكل صحية، كالسكري ومشاكل قلبية، لكنهم قالوا إنهم غير متأكّدين من سبب الوفاة.
نقلت مصادر محلية أن الاشتباكات بين داعش والحكومة السورية وحلفائها مستمرةٌ في المحافظة. في الوقت نفسه، أفادت مصادر إخبارية محلية وتابعة للحكومة السورية وجود مفاوضاتٍ لإطلاق سراح الرهائن، مقابل السماح لمقاتلي التنظيم بمغادرة المنطقة.
قال رجل تحدث إلى هيومن رايتس ووتش إنّ داعش اختطف والدته وشقيقته، لكنهما هربتا لاحقاً. وأضاف أنهما اختُطِفتا من منزلهما واقتيدتا مع 30 آخرين إلى الجزء الشرقي من صحراء السويداء. وقد لاحَق هو ورجالٌ آخرون عناصر التنظيم في المنطقة لتتبّع الرهائن المتبقين، لكنهم لم يتمكنوا من إنقاذ أيّ منهم. ثم بدأت الحكومة السورية والميليشيات المُتحالفة معها هجوماً ضدّ داعش في صحراء السويداء لإنقاذ الرهائن.
وقال: “عندما اكتشفت أنهم أخذوا أمّي وأختي، أُصبت بالجنون. الجثث شيءٌ، ولكن أين نساءنا وأطفالنا؟ لمَ لا يساعدنا أحد؟”.
وقال شهودٌ وصلوا مسرح الحدث بعد ساعة إلى 3 ساعات من الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش إنّ داعش وضع قناصةً على أسطح المنازل، كانوا يطلقون النار على السكان خلال فرارهم أو محاولتهم نقل المصابين إلى المستشفيات. حدّدوا المقاتلين كأعضاء في داعش لأنهم عندما دخلوا ميدان المدينة، أعلنوا أنهم الخلافة وصاحوا “الله أكبر”. وفقاً للشهود، قتل المقاتلون السكان بالبنادق والسكاكين.
قال أحد الأهالي، الذي تشغل أسرته عدّة منازل في القرية، إنه انتقل من منزلٍ إلى آخر حتى وصل منزل والده، حيث عثر على جثث والده وشقيقيه وابنيّ عمه، وجميعهم بالغون، مرميةً فوق بعضها. بحسب ما رآه، يعتقد بأنهم أُعدِموا من مسافةٍ قريبة، وقدّم أسماءهم.
ينتمي غالبية السكان في المنطقة إلى المذهب الدرزي، وهي أقليةٌ دينية في سوريا. العديد منهم أعضاءٌ في “قوات الدفاع الوطني”، ميليشيا موالية للحكومة. وقال 3 منهم لــ هيومن رايتس ووتش إنّهم حملوا السلاح ضد مقاتلي داعش وأسروا وقتلوا العديد من المقاتلين.
في 25 يوليو/تموز، نشر موقع إخباري محلي شريط فيديو لإعدام أحد المقاتلين المزعومين في داعش،نفذه أشخاص قالوا إنهم ينتمون إلى ميليشيا موالية للحكومة، في مركز مدينة السويداء انتقاماً من الهجوم.
في 7 أغسطس/آب، نُفِّذت عملية إعدام ثانية وسُجلت على شريط فيديو ونشرتها وكالات الأنباء المحلية، وأشارت إلى أنّ منفّذي الإعدام كانوا أعضاءً في ميليشياتٍ موالية للحكومة.
يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الإعدامات بإجراءاتٍ موجزة وخارج نطاق القضاء، بحقّ المدنيين والمقاتلين. بموجب قوانين الحرب، القتل المُتَعمّد للمدنيين والجنود المصابين أو المستسلمين أو الأسرى هو جريمة حرب.
قالت فقيه: “الانتقام ومحاولة الناس أخذ العدالة بيدهم ليسا الإجابة على فظائع داعش. بدون الالتزام بالعدالة عن الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف، سيكون من الصعب ردع المزيد من الانتهاكات”.