rozana.fm- أصدرت وزارة الأوقاف السورية في دمشق، فتوى حرّمت بموجبها تأجير الأرحام، وذلك بعد الحديث خلال الآونة الأخيرة عن قصة زوجين سوريين اتفقا مع سيدة لاستئجار رحمها من أجل إنجاب طفل، وفيما بعد اختُلف على تثبيت النسب وعلى من تقع الأمومة وتربية الطفل.
وقال المجلس العلمي الفقهي لدى الوزارة في بيانٍ، أمس الخميس، إنّ “تأجير الأرحام حرام شرعاً لما فيه من تلاعب في الأنساب يظهر فيها امتهان للمرأة بعد أن كرّمها الإسلام وأعلى شأنها”.
ورأى المجلس أن تأجير الأرحام من المظاهر العبثية التي تخرّب المجتمع وتفكك بنيته، وأوضح أنّ عقد التأجير بين المتعاقدين باطل، وفيه إثم على كل من المتعاقدين والطبيب والكادر الطبي الذي يجري مثل تلك العمليات، لما سيؤدي ذلك إلى ظهور صيغ وعقود تأجير للأرحام ليست شرعية.
وأشار المجلس في بيانه إلى أنّ تأجير الأرحام هو نوع من التلاعب من نتاج المجتمعات الحديثة التي تحلّلت من قيم الدين، وانساقت خلف الشهوات بلا ضوابط.
وجاءت تلك الفتوى بعدما أثار زوجان سوريان الشهر الأول الفائت الجدل بين الأوساط السورية، بسبب استئجارهما رحم امرأة، وبعد ولادة الطفل واجه الزوجان والأم البديلة القضاء السوري من أجل خلاف على تثبيت النسب للمولود الجديد.
وعندها واجه القضاء السوري قضيةً تتعلّق بتثبيت النسب بعد نزاع بين سيدتين على مولود جديد، إحداهما تبرّعت بالبويضة الملقّحة والأخرى احتضنت البويضة في رحمها.
وبدأت القصة حينما عانت إحدى الزوجات من مشكلة صحية منعتها من الحمل فقرّرت وزوجها استئجار رحم من سيدة لاحتضان البويضة الملقّحة، وهذا ما تم، ونص الاتفاق بين الطرفين على انتهاء دور الأم الحاضنة بعد الولادة بفترة قصيرة، بحسب صحيفة “البعث” المحلية.
السيدة الحاضنة للبويضة قبلت تأجير رحمها من أجل المال وتنازلت عن حقها في الأمومة، لكن بعدما تم الحمل وكبر الجنين وولدته تحرّكت غريزة الأمومة بداخلها، فعادت وتمسّكت بالطفل من جديد.
تقول الصحيفة إن النزاع بين الطرفين تطوّر إلى مفاوضات لبيع الطفل، وتم رفع السعر (دون ذكره)، واستمرت الأم الحاضنة بالمواربة، مع العلم أنّ الزوجين استأجرا رحم السيدة وتكفلا بكامل مصاريف الطفل، وتضيف، أنّ النتيجة “تربية مشتركة بين الطرفين”، دون توضيح ما إذا كانت هذه النتيجة هي حكم قضائي أم تفاهم تم بين الطرفين.
تأجير الرحم أو ما يعرف بـ”الحمل البديل” هو حل طبي يتم اللجوء إليه لمساعدة النساء غير القادرات على الحمل والإنجاب بسبب مشاكل صحية، وتتم عملية الإخصاب خارج الجسم بتلقيح بويضة المرأة بماء زوجها في المختبر قبل أن تتم زراعة واحدة واحدة أو أكثر من تلك البويضات المخصبة في رحم امرأة متطوعة لتنمو وتستكمل فترة الحمل، ويطلق على المرأة صاحبة الرحم اسم “الأم البديلة” وصاحبة البويضة “الأم البيولوجية”، وحينما تلد الأم البديلة الطفل تسلمه للزوجين مقابل مبلغ متفق عليه.
ووفق محامين سوريين فإنه لا يوجد أي نص قانوني يجيز أو يبيح تأجير الأرحام، في الوقت الذي يحرّم الدين ذلك.
أخصائي طفل الأنبوب، الطبيب فوزي عبد الحميد، قال عبر إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، عندما تطور موضوع طفل الأنبوب في سوريا، وهو يحدث عندما لا توجد إمكانية لحدوث الحمل، أصدرت وزارة الصحة تعليمات لترخيص مراكز طفل الأنبوب، ألا وهي منع إجراء أي عملية طفل أنبوب في حال كانت البويضة من غير الأم والنطفة من غير الأب، لافتاً إلى أنّ 99 في المئة من مراكز سوريا لا تقبل أن إجراء عملية طفل أنبوب من بويضة لغير الأم أو نطفة لغير الأب.
أثارت الحادثة الجدل بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رأت نيرمين منصور ناشطة على “فيسبوك” أنّ تبني طفل أفضل من استئجار رحم، فيما رأى مالك شاهين عكس ذلك، قائلاً إن “موضوع استئجار الرحم هو حل صحيح وأفضل من التبنّي”.
وعن حقّ الأمومة وتربية الطفل، قالت أميرة إن الأم البديلة لا يحقّ لها المطالبة بالطفل لكونها فقط حملت به، لأنها مجرد حاضنة، وفق الاتفاق، وأيدتها بذلك جود بقولها إن الأم ليست الحاضنة بل من تبرعت بالبويضة الملقحة، والأم الحاضنة ولدت الطفل بأجر مادي، ومثلها مثل حاضنة المستشفيات الإلكترونية التي تستقبل الأطفال الخدّج بسبب الولادة المبكرة.
كما أثارت قضية استئجار الرحم تساؤلات عدة، منها لمن ينسب الطفل بعد الولادة، وإن كانت الأم تحمل جنسية مختلفة عن الأم التي تبرعت بالبويضة فما هي جنسية الطفل، وإن انقسمت البويضة وأصبحت توأماً فكيف يصبح الأمر بعد الولادة؟ وأسئلة كثيرة يقف عاجزاً عنها القانون السوري.
عملية تأجير الأرحام في أوروبا ليست متاحة في جميع الدول، ففي إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا يُحظرتأجير الأرحام، وفي إيرلندا وهولندا وبلجيكا وجمهورية التشيك، تعتبر هذه العملية “باطلة”، ما يعني أنه لا يوجد تشريع يعترف بتأجير الأرحام، وفق موقع “يورونيوز”.
أما في بريطانيا فيُعتبر تأجير الأرحام قانونياً إذا انطوى على دوافع إنسانية، كما تسمح البرتغال بتأجير الأرحام للأزواج من جنسين مختلفين إذا كانا يعانيان من مشكلات صحية تتعلق بالقدرة على الإنجاب، وفي أوكرانيا وروسيا أكثر القوانين مرونة بشأن تأجير الأرحام في أوروبا، ما يدفع الكثير ممن يبحثون عن هذا الأمر للسفر إلى الدولتين المذكورتين.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.